بعد مسرحية "مذكرات" صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟

بعد مسرحية
الأربعاء ٠١ مايو ٢٠٢٤ - ٠٩:٥٨ بتوقيت غرينتش

هناك مقال لفت نظري، كتبه عراقي عاش الحقبة السوداء والدموية للنظام الصدامي المجرم وبكل بشاعتها، وصف فيه طبيعية وشخصية زوجة وبنات الطاغية صدام، وكذلك نساء عائلة المجيد، جد الطاغية، فقد اشار الكاتب الى حقيقة غفل عنها الكثيرون، وهي ان جميع بنات ونساء هذه العائلة الدموية، لا عهد لهن بإي نشاط انساني، أو ثقافي، او معرفي، او حتى سياسي، رغم الامكانيات الضخمة التي كن يتمتعن بها، ولا همّ لهن في الحياة الا المال والذهب والمجوهرات، واقتناء القصور والسيارات الفارهة .

العالم مقالات وتحليلات

وإستشهد صاحب المقال، بإبنة الطاغية، رغد، كمثال صارخ على نساء عائلة المجيد، التي حكمت العراق بالحديد والنار على مدى 35 عاما، وكتب يقول: "هل كانت راضية بهروبها مع زوجها (حسين كامل الى الاردن)، ام غير راضية؟. لا أعتقد ان زوجها له القدرة على فرض موقفه عليها أبدا. وهل عندما عاد بها الى العراق كان لها موقف خاص بها؟. وهل عندما طلقها صدام من زوجها، كان لها موقف خاص بها؟. وهل عندما أمر صدام بقتل زوجها، كان لها موقف خاص بها؟. ليتها تجيب. لا شك ان أي إمراة مكانها، ما كانت تقف صامتة أمام هذه الجرائم، وكان من الضروري ان يكون لها موقف".

كلام صاحب المقال جاء تعليقا على ما جاء في اللقاء الذي اجرته قناة "العربية" السعودية، قبل فترة، مع رغد هذه، التي تحدثت بكلام يضحك الثكلى عن "كره ابوها للدم"، و "مدى عاطفيته وتواضعه"، و"عن التزام اخيها عدي بالدين وكثرة صيامه"، والاكثر سخرية من كل هذا وذاك، هو اعلانها عن نيتها ان يكون لها دور سياسي في مستقبل العراق. ولم تنس في تلك المقابلة، الا وان تعيد ذات الخطاب المقيت والعنصري والطائفي لابيها، عن "وقوع العراق تحت الاحتلال الامريكي بعد عام 2003"، متناسية ان الدول التي لا تترك فرصة الا وتمتدحها، وتشيد بقياداتها، هي من فتحت اراضيها وسماءها امام الغزاة لغزو العراق، وهي من ورطت قبل ذلك اباها بالعدوان على ايران، وان الاخيرة هي الدولة الوحيدة التي رفضت فتح اجوائها واراضيها للغزاة الامريكيين لغزو العراق، وعارضت الغزو ، ورغم كل ذلك، فهي مازالت تعتبر العراق "البوابة الشرقية للامة العربية"، وهو ما يعني عمليا ان لا عدو للعرب الا ايران.

يبدو ان الجهات التي تستغل جهل وغباء رغد، لتعكير صفو العراقيين، الذين اخذوا يتنفسون الصعداء، بعد عقود من القتل والذبح والقمع والحروب والمقابر الجماعية، دفعوا بها الى الواجهة مرة اخرى، عبر اعلانها، على منصة اكس، انها بصدد نشر "مذكرات" الطاغية خلال فترة سجنه لدى الامريكيين، على "طريقتها الخاصة"، بعد ان رفضت دور النشر، نشر هذه "المذكرات"، ولم تكشف رغد السبب وراء رفض دور النشر. المضحك ان هذه "المذكرات" وبدلا من ان تكون "شهادة" على "نضال وجهاد وشجاعة بطل القادسية والقائد الضرورة"، تحولت الى مادة للتندر ببطل الحفرة.

ابرز ما جاء في الجزء الاول من هذه "المذكرات"، "إن صدام راودته رؤيا في منامه بين رفقائه في المعتقل الأمريكي، وهي رؤيته سقوط بيجامة من القماش من بنطاله!!، ثم رأى أنه يحاور صحفية غير معروفة في الوسط الإعلامي العراقي"، ويبدو انه تحول الى مفسر للاحلام، عندما "فسّر هذه الرؤيا ، بأنه ربما يخضع لعملية جراحية، ويذاع خبر هذه العملية عبر وسائل الإعلام"، وهو ما تحقق عندما اعلن الاطباء انه يعاني من فتق ويجب اجراء عملية له!!. ويبدو ان هذه الرؤية، كانت احد اسباب رفض دور النشر نشر هذه "المذكرات"!!.

يبدو ان "مفسر الاحلام"، وجد موهبة اخرى وهو في المعتقل، عندما كتب يقول، كما ذكرت ابنته:"أنه على الرغم من وجوده في المعتقل الأمريكي بعيدا عن ميدان الحرب، إلا أنه كان شديد التركيز مع أصوات الانفجارات والدوريات التي تقوم بها الطائرات العسكرية الأمريكية في أجواء بغداد، حتى أنه كان يعرف أنواع هذه الطائرات سواء مقاتلات أو قاذفات أو حتى طائرات شبحية"، وهو امر تعجز عنه الرادارات!!.

نحن على ثقة ان هناك اجهزة استخبارات دولية واقليمية تتلاعب برغد، كما تلاعبت بابيها الذي نفخوا فيه وجعلوا منه "بطل القادسية" و "بطل البوابة الشرقية" و..، بينما كان هدفها الرئيسي هو خراب العراق، مستغلة الغباء والحقد والجهل، الذي ينخر بنفوس وعقول اعضاء هذه العائلة المشؤومة، التي ابتلي بها العراق ومازال، وإلا ماذا حملت هذه "المذكرات" من رسالة للتاريخ، سوى انها ذريعة لتذكير العراقيين ان فترة الحقبة الصدامية السوداء لم تطوى بعد، عبر استحضار شخصية خرقاء حمقاء مثل رغد، التي تعتقد وبغباء لا حد له، ان بامكانها من خلال هذه الخزعبلات والمسرحيات المضحكة، ان تغير صور الوحوش الكاسرة، لابيها واخوانها واعمامها واخوالها وابناء عشريتها، والتي انطبعت في عقول ووجدان الشعب العراقي، الى حمائم، وهي محاولات ليست فاشلة فحسب، بل تدفع العراقيين، الى وضع ابنة الطاغية، في نفس الخانة التي يضعون فيها ابيها واخوانها واعمامها واخوالها، بعد ان اخذت تدافع عن فظائعهم وجرائمهم وزرعهم 400 مقبرة جماعية في العراق، ودفنوا فيها مئات الاف الابرياء من اطفال ونساء وشيوخ وشباب، وهم احياء، وكأنها تدافع عن منجزات ومكاسب حققتها هذه الوحش الكاسرة.

أحمد محمد