لماذا تحولت ملاعب كرة القدم إلى ساحة لتصفية الخلافات؟

لماذا تحولت ملاعب كرة القدم إلى ساحة لتصفية الخلافات؟
الثلاثاء ١٩ يونيو ٢٠١٢ - ٠٢:١٦ بتوقيت غرينتش

الخلافات بين دول الخليج الفارسي المتأطرة في مجلس تعاون الخليج الفارسي بدأت تظهر على السطح بعد المشروع السعودي بتحويل التعاون إلى اتحاد بين هذه الدول . وبالتزامن لوحظ تصاعد الخلاف السعودي الإماراتي آخذا لونا رياضيا هو في حقيقته سياسي بامتياز .

إعتذر الاتحاد الإماراتي لكرة القدم عن عدم مشاركة المنتخب في بطولة كأس العرب 2012 المقرر إقامتها في السعودية خلال الفترة من 22 حزيران (يونيو) وحتى السادس من تموز (يوليو)، وبالرغم من تعليل اتحاد الكرة الاماراتي للاعتذار بعدة أسباب إلا أن مراقبين يرون أن هذا الاعتذار جاء بناء على استمرار التوتر في العلاقات بين أبوظبي والرياض.
وجاء اعتذار الاتحاد الإماراتي بسبب الإصابات العديدة في صفوف المنتخب وتأخر انتهاء المنافسات المحلية، بالإضافة إلى''ضيق الوقت وعدم توفر فرصة كافية للجهاز الفني لإقامة معسكر داخلي وإعداد المنتخب بالصورة التي تؤهله للمشاركة في البطولة، فضلا عن انشغال عدد كبير من اللاعبين مع المنتخب الأولمبي الذي يستعد لمشاركة تاريخية في أولمبياد لندن 2012.
الجدير بالذكر ان المواجهات الاماراتية السعودية التي لا تنتهي، حولت ملعب زعبيل لكرة القدم لساحة حرب بين مشجعي نادي الوصل الاماراتي والنصر السعودي في إياب نصف نهائي دوري منذ عامين .
وقد تم اعتداء الجماهير على مساعد طبيب فريق النصر السعودي الذي استفز الجمهور، وقام بـ'فعل فاضح يخدش الحياء' حسب تعبير مسؤول في نادي الوصل الاماراتي آنذاك.
هنا الجماهير.. هنا الخطأ وهنا الفزعة وهنا الردة مباراة بدأت تدخل في مرحلة كنا لا نتمناها، لاحظ خطأ هنا أمام المعالج خطأ المعالج على أحد الجمهور، الآن الجماهير تنزل حاضرة أمامنا، رجال الأمن، والأمن مستتب الآن، لا تخطئ بكلمة باتجاه هذا الجمهور، لا تخطئ بإشارة مع هذا الجمهور، لقطات أحداث لا نتمناها أن تكون أبداً حاضرة.
  وتصاعد التوتر بين الجانبين، حين أشارت تقارير من مسؤولين ودبلوماسيين ووسائل إعلام الى أن أقوى الاعتراضات على اقتراح إنشاء الاتحاد الخليجي وردت من عمان والكويت والإمارات خشية أن يسيطر عليه السعوديون.
وتتجادل الإمارات والسعودية بشأن مقر القيادة المركزية للدرع الصاروخية الخليجية التي دفعتهما الولايات المتحدة الى إقامتها بوصفها الوسيلة المثلى للدفاع ضد ايران لكنهما تحجمان عن تبادل المعلومات.
وفي شهر نيسان أبريل الماضي عادت ظاهرة تكدس الشاحنات عبر منفذ الغويفات الحدودي لتلقي بظلالها من جديد على العلاقات الاماراتية ـ السعودية، وأرجع مراقبون إماراتيون أسباب هذا التكدس لبطء الإجراءات الإدارية في الجانب السعودي من الحدود عبر منفذ البطحاء.
ووصل طول طابور الشاحنات التي تنتظر دورها للعبور بين حدود أبوظبي والسعودية في منفذ الغويفات إلى 30 كيلومترا مع تواصل بطء إجراءات العبور.
الخلافات السعودية الإمارتية ليست وليدة الساعة وليست كرة القدم سببها بل هي خلافات عمرها سنوات طويلة شهدت فيها العلاقات بين الدولتين الكثير من التوتر .
  تصاعدت التوترات بين الجارتين حينما أعلنت الإمارات انسحابها من مشروع الوحدة النقدية لمجلس تعاون دول الخليج الفارسي احتجاجا على إصرار الرياض على استضافة مقر البنك المركزي الخليجي .
وقد تلقى هذا الأمل النقدي الخليجي الطموح ما قد يوصف بثالث أكبر صفعة منذ انطلاقة مسيرته قبل ثلاثين عاماً، حيث فاجأت الإمارات المشهد الاقتصادي والسياسي في المنطقة بإعلانها رسمياً التخلي عن هذه الفكرة، الخطوة الإماراتية جاءت بعد إعلان الوفد الإماراتي الذي شارك في أحدث قمة خليجية تحفظه الرسمي على احتضان السعودية لمقر البنك المركزي الخليجي، وهو ما رجح تصاعد نظر خلافات جديدة بين الأشقاء الخليجيين في هذا الصدد.
أعلن محافظ المصرف المركزي الإماراتي سلطان ناصر السويدي أن الإمارات لا تزال عند موقفها الرافض للانضمام إلى الاتحاد النقدي الخليجي كما أكد بربط الدرهم بالدولار الأميركي، وكانت الإمارات انسحبت من المشروع العالم الماضي بعد أن قرر مجلس التعاون الخليجي أن تكون الرياض مقراً لمجلس النقد الخليجي وللمصرف المركزي
وكانت السعودية منعت إماراتيين من دخولها باستخدام بطاقات الهوية الخاصة بهم، وقالت إنه كانت بحوزتهم خريطة تظهر أراضي سعودية كجزء من الإمارات.
ففي عام 2009  قال بيان رسمي سعودي بأن السعودية الطرف الأكبر في القضية قررت أن تتعامل بحزم فيما يتعلق بقضية الحدود بينهما وبين الإمارات ، بعد أن اتخذت قرارا بوقف تنقل مواطنيها إلى الأمارات عبر البطاقة الشخصية ( الهوية الوطنية ). وهو ما يعكس حالة توتر واضحة بين البلدين.
ورغم العلاقات الجيدة التي تربط بين أهم بلدين اقتصاديين في المنطقة، إلا أن قضية الحدود كانت دوما محور جدل وخلاف دائم، رغم حل جزء منها في سبعينات القرن الماضي.
ويرى مراقبون أن هناك مشكلة مزمنة بين الرياض وأبو ظبي، تمتد جذورها لأكثر من ثلاثين عاما تتمثل في مطالبة الإمارات بنصيب أكبر في حقل الشيبة النفطي الواقع على الحدود بين البلدين، وينتج حوالي نصف مليون برميل من النفط يومياً، بالإضافة إلى مطالبها بالشريط الساحلي المقابل له (منطقة العيديد) الذي تعتبره الإمارات تابعا لها، وبلغ الخلاف حول هذا الشريط ذروته عندما عارضت الحكومة السعودية بناء جسر بحري يربط الإمارات بدولة قطر ويمر فوق المياه الإقليمية لهذا الشريط.
وراى أستاذ قاسم قصير عن  السبب وراء تحفظ الإمارات عن فكرة الاتحاد التي طرحتها أصلاً هذه المملكة السعودية قائلاً: نحن نعرف أن المشكلة بين الإمارات والسعودية تعود إلى ما قبل موضوع الاتحاد، الإمارات كانت انسحب من اتفاقية النقد الخليجي والتي كانت تهدف لإنشاء وحدة نقدية خليجية، وحل خلاف حول أين سيتم مركز هذا الاتحاد، طبعاً هناك تنافس ما بين السعودية والإمارات على إدارة الشأن الخليجي وقد تؤدي هذه التنافسات أحياناً إلى مظاهر على المستوى الشعبي والرياضي أو السياسي، هناك تنافس واضح ورغم طبعاً أن هذه الدول تسعى للملمة أوضاعها لمواجهة الثورات العربية، لكن هذا لا يعني أن بذور الخلافات ستنتهي لأن هذا طبعاً هذه الدول محكومة بحسابات شخصية وذاتية، وليست تعمل ضمن رؤية استراتيجية موحدة.
وعن انعكاس هذا الخلاف السعودي الإماراتي داخل مجلس التعاون قال أستاذ قاسم :طبعاً دول الخليج تحاول دائماً أن تتجاوز خلافاتها من خلال الذهاب نحو مواجهة ما يسمونه العدو الخارجي، سواء إيران أو دول أخرى، أو إيجاد قضايا يمكن أن تبقيهم متعاونين، ونحن نتمنى أن يكون هناك تعاون بين كل الدول العربية، لكن على أسس سليمة ولخدمة الشعب العربي، لكن للأسف أحياناً هذه الاتحادات تكون تعمل ضمن أجندات معينة لأهداف محددة، لذلك لا يصبح التعاون على أسس قوية وثابتة، لكن مرتبط بحسابات مؤقتة أو بظروف مؤقتة.