بندر بن سلطان يدخل بقوة على خط الأزمة السورية

بندر بن سلطان يدخل بقوة على خط الأزمة السورية
الأحد ٠٢ يونيو ٢٠١٣ - ٠٧:٣٩ بتوقيت غرينتش

بعد أن حلت الرياض محل الدوحة في قيادة الجهود الرامية إلى إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، يبرز الدور المنتظر في الأزمة السورية من الأمير بندر بن سلطان، مدير المخابرات السعودية الذي يتولى شقيقه الأصغر الأمير سلمان مسؤولية العلاقات مع المعارضة السورية.

جاء ذلك في تقرير لصحيفة "ميدل إيست أونلاين"، قالت فيه ان السعودية تفوقت على جارتها الصغيرة والطموح قطر لتفرض نفسها كقوة خارجية رئيسة داعمة للمعارضة السورية في خطوة قد تقلص من نفوذ متشددين إسلاميين تدعمهم قطر.
وأحجمت حكومتا الرياض والدوحة عن التعليق غير أن عدة مصادر بارزة في المنطقة أوضحت أن الخلافات بين فصائل المعارضة السورية في إسطنبول في الأسبوع الماضي كانت إلى حد بعيد صراعاً بين الدولتين لبسط نفوذهما وكانت الغلبة للسعودية في نهاية المطاف.
وقال قائد عسكري بارز في صفوف المعارضة بإحدى المحافظات الحدودية في الشمال حيث كانت قطر حتى هذه اللحظة أكبر مورد للأسلحة لمن يقاتلون نظام الرئيس السوري بشار الأسد "السعودية هي التي تهيمن على القضية السورية رسمياً في الوقت الراهن".
وقال عدد من المصادر من القيادة السياسية والعسكرية للمعارضة السورية ومصدر سعودي -في معرض وصف التحول في دفة الرقابة على الصعيد العسكري- إن اي طرف سواء كان دولة أو ثرياً عربياً يريد تقديم تبرعات خاصة لمساندة المعارضة السورية ينبغي أن يحصل على موافقة الأميرين السعوديين على ما يقدم من إمدادات والطرف الذي يود أن يرسل إليه الأسلحة في سوريا.
ويتولى الأمير سلمان بن سلطان المسؤول الأمني البارز في السعودية مسؤولية العلاقات مع المعارضة السورية ويدعمه شقيقه الأكبر بندر بن سلطان رئيس المخابرات العامة.
ويأمل العديد من قادة المعارضة السورية أن تكون هذه النتيجة سنداً لهم سواء على صعيد المفاوضات أو في ميدان القتال في حين تعوق بعض المتشددين الإسلاميين المناهضين للغرب في صفوف المعارضة ممن يقولون إن قطر تمدهم بالسلاح.
وقالت مصادر إن حالة الغضب -التي أعقبت إخفاق جماعة إسلامية تدعمها قطر في معركة في أبريل/نيسان ما أفضى لسيطرة القوات الحكومية السورية على طريق سريع مهم- عززت من موقف السعودية في حين أتت محاولة قطر وتكفيريين السيطرة على تكتل سياسي للمعارضة بنتائج عكسية وأغضبت الرياض وقوى غربية.
وصرح القائد العسكري بعد مشاركته شخصياً في أحد الاجتماعات "إلتقى سعوديون مع قادة الجيش الحر ومن بينهم ضباط بالمجلس العسكري في الأردن وتركيا ووافقوا على دعم المعارضة."
وقدمت قطر تنازلات على الصعيد السياسي وقبلت أخيراً في ساعة متأخرة من الخميس الماضي أن يضم الائتلاف الوطني السوري كتلة ليبرالية تدعمها السعودية.
وقال مصدر قريب من الليبراليين الذين سمح لهم بالانضمام للائتلاف الذي تريد الولايات المتحدة والحكومات الغربية أن يصبح حكومة انتقالية "في النهاية لم تشأ قطر في مواجهة مع السعودية وقبلت بضم أعضاء جدد".
ولا تزال المعارضة - التي يمثل تفككها حجر عثرة أمام إحراز تقدم سواء في ميدان القتال أو في محاولات لعقد مؤتمر سلام دولي محتمل في الأسابيع المقبلة - تواجه مهمة شاقة للإطاحة بالرئيس بشار الأسد إلى جانب وقوف حلفاء أقوياء في صفه لا سيما إيران وروسيا.
وأحجمت واشنطن وقوى غربية عن إرسال أسلحة ويرجع ذلك جزئياً لمخاوف من وصولها لأيدي معارضين مناهضين للغرب بما في ذلك بعض المتحالفين مع تنظيم القاعدة.
غير أن فرنسا وبريطانيا أوقفتا هذا الأسبوع الحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على إمداد المعارضة بالأسلحة؛ ويمكن للرقابة السعودية الأشد صرامة على قنوات الأمداد أن تيسر إرسال لندن وباريس أسلحة في حالة فشل محادثات السلام المزمعة.
ومن المتوقع أن تستمر المساعدات القطرية. ولكن تلاشى الفصل بين دائرة النفوذ القطري عند الحدود الشمالية مع تركيا ودائرة النفوذ السعودية في منطقة الحدود الجنوبية المتاخمة للأردن.
وقال مصدر سعودي بارز "الهدف أن تكون هناك فعالية تجنب وصول الأسلحة للأيدي الخطأ كما حدث من قبل. وتشترك السعودية وقطر في الرغبة في تحقيق نفس الهدف ويريدان أن ينتهي حكم بشار ووضع حد لإراقة دم الشعب السوري الأعزل."
والسعودية وقطر حليفان وثيقان في أكثر من جانب إذ تسلح الولايات المتحدة الدولتين وتجمعهما مصلحة مشتركة في تحجيم نفوذ إيران الشيعية غير العربية وحلفائها العرب في العراق ولبنان والعلويين في سوريا.
كما تريد كل من قطر والسعودية الحفاظ على سلطة الأسرتين الحاكمتين في البلدين واستمرار الطلب الغربي على موارد الطاقة الضخمة فيهما.
ولكن ثمة نقاط خلاف إيضاً لاسيما فيما يخص دعم قطر للإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الأخرى التي ينظر إليها الغرب والرياض بريبة. وكما هو الحال في سوريا قدمت قطر دعماً مالياً ضخماً ومساعدات أخرى للإسلاميين الذين وصلوا لسدة الحكم في مصر وليبيا إثر انتفاضات ماس مي بـ"الربيع العربي" للمطالبة بالديمقراطية في 2011.
وتلقي تجربة السعودية السابقة بظلالها على نظرة الرياض للمعارضين الإسلاميين السوريين إذ ساندت المملكة المقاتلين العرب الذين تدفقوا على أفغانستان في الثمانينات لمحاربة السوفيت هناك غير أن بعضهم عاد لدياره مثل المليونير السعودي أسامة بن لادن وأشعل شرارة أعمال عنف بهدف الإطاحة بعائلة آل سعود الحاكمة في السعودية.
وقاد عاملان لنفاد صبر السعودية والولايات المتحدة إزاء الدور القطري في سوريا الأول في ميدان القتال والثاني بين المعارضين السياسيين في المنفى.
ففي منتصف ابريل/نيسان نجحت قوات الجيش السوري في فك حصار تضربه المعارضة على قاعدة وادي الضيف العسكرية على الطريق المهم الذي يربط بين شمال البلاد وجنوبها بعد أن انسحبت كتيبة من القوات المقربة من قطر من الموقع وتركت بقية المقاتلين مكشوفين في مواجهة هجوم مضاد لقوات الجيش السوري ما أسفر عن مقتل 68 من مقاتلي المعارضة.
وقال قائد للمعارضة يرابط قرب دمشق بجوار موقع الكتيبة المنسحبة أن الفشل يرجع لتفضيل قادتها استغلال قوتهم لتحقيق الثراء لا محاربة الأسد وهو اتهام شائع بين فصائل المعارضة.
وتابع القائد البارز "فشل الرهان القطري ..لاسيما في وادي الضيف. استطاع النظام اختراقهم بعد أن أصبحوا أمراء الحرب الجدد واهتموا بالمال والسلطة وتخلوا عن القضية".
وأضاف "القشة التي قصمت ظهر البعير الإخفاق في السيطرة على معسكر وادي الضيف."
وعلى صعيد الصراعات الدبلوماسية استشاط غضب الدول الغربية حين اختارت المعارضة غسان هيتو رئيساً للوزراء في المنفى. واعتبره دبلوماسيون غربيون مرشحاً إسلامياً مدعوماً من قطر كما أن رفض هيتو المحادثات مع حكومة الأسد اعتبر عقبة أمام مفاوضات السلام.
وقال دبلوماسي غربي على دراية بالمفاوضات داخل تحالف أصدقاء سوريا الداعم للمعارضة أن اختيار هيتو كان القشة التي قصمت ظهر البعير لحشد دول غربية قواها لكبح قطر من خلال مؤازرة القيادة السعودية.
وذكر القائد السوري من الشمال "أرادوا قص أجنحة الإخوان المسلمين."
وترى السعودية وقوى غربية -تشعر بالقلق من أن يقود سقوط الأسد لوجود دولة إسلامية معادية- أن خطأ قطر هو التحمس لتحقيق نصر في الحرب مثلما ساعدت المعارضة الليبية في 2011 دون استقراء ما قد يحدث في المستقبل.
وعبر مصدر من المعارضة السورية عن ذلك بقوله "حاولت قطر أن تمنح نفسها دوراً ولكن بشكل يفتقر للحكمة ولم تكن لديها خطة واضحة أو رؤية لما سيحدث فيما بعد. يريدون الانتصار وحسب."
• ميدل إيست أونلاين (بتصرف)