ايران وبريطانيا.. حرب المصالحة!

ايران وبريطانيا.. حرب المصالحة!
الإثنين ٢٨ أكتوبر ٢٠١٣ - ٠٨:٣١ بتوقيت غرينتش

لم يكن رد الفعل الايراني عادياً في التاسع والعشرين من نوفمبر 2011، كان المشهد يعيد الى الاذهان صورة الرابع من نوفمبر عام 1979، حينما احتل الطلبة السائرون على نهج الامام الخميني السفارة الاميركية في طهران وبدأت تراجيديا الرهائن على مدى 444 يوماً..

لكن تغيير الظروف والزمان غيَر مجرى الاحداث ايضاً.. لم يدخل الطلبة والذين تقودهم هذه المرة التعبئة الطلابية الى اكثر من مبنى القنصلية...
كان الهدف واضحا والرسالة مقتضبة، على البرطانيين ان يكفوا عن التدخل في الشؤون الايرانية الداخلية، وخاصة مساعدة الموساد في اغتيال العلماء النووين الايرانيين...

الاحتجاجات الطلابية جعلت الحكومة البريطانية تغلق سفارتها في طهران بتاريخ 30 نوفمبر اي بعد يوم واحد على ذلك وتطلب من الايرانيين سحب دبلوماسييهم من لندن.

وكما حصل بعد قضية رشدي عام 1979 وفتوى الامام الخميني الشهيرة بأهدار دمه، انتظرت بريطانيا سنتين هذه المرة لتستأنف العلاقات على مستوى قائم بالاعمال غير مقيم.. رغم انها بدأت مغازلة الايرانيين وتمهد لعودة العلاقات مع ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية الايرانية الاخيرة في يونيو حزيران وفوز الرئيس حسن روحاني.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: من قطع العلاقات ومن اعادها ولماذا قطعت ولماذا عادت؟؟!

نختصر الاجابة على الشق الاول من السؤال ببريطانيا! فهي التي قطعت وهي التي اعادت.. لكن لماذا؟

فيما يتعلق بقطع العلاقات فان اهم مسألة هي انكشاف دورها في مسلسل عمليات اغتيال العلماء النووين الايرانيين وزعزعت الامن الداخلي الايراني لخلق فرص واجواء تمكنها وحلفاءها من زرع خلاياها في ايران. والقبض على العديد من شبكات التجسس التابعة لها تحت عناوين مختلفة ومن مناطق تواجد قواتها وقواعدها في الدول المجاورة لايران.. فلم يعد لديها ما تتستر به للبقاء في ايران، خاصة وان الموقف الايراني بدا غير متسامح مع كل من يهدد امنه ويحاول النيل من سيادته.. اضافة الى ان الموقف البريطاني يشكل جزءاً من الموقف الغربي ضد محور المقاومة وايران وتقاطع المشروعين فيما يتعلق بأمن المنطقة وفلسطين والازمة السورية...

لكن ما الذي حدث وتغير ليجعل البريطانيين يعودون الى طهران.. بأختصار انه الفشل والعجز وتغيير انتشار ادوات الصراع.. فأن تغيير الشكل في ايران، لم يتغيير المضمون! والموقف الايراني من الملف النووي والازمة السورية والعراق والبحرين ومصر واليمن وفلسطين لايزال خلف الخطوط الحمر المرسومة من قبل النظام لا حكومة احمدي نجاد ولا اية حكومة اخرى..

ولابد هنا من البحث عن المتغيير في الجانب الاخر.. فالعجز الذي ظهر في تأثير العقوبات ضد ايران ( رغم معاناة الشعب الايراني جراءها) وصمود الموقف الروسي الايراني، وثبات الحكومتين السورية والعراقية والتضحيات التي قدمها الشعبين العراقي والسوري وتساقط المشروع الغربي الاخواني في بلدان الربيع العربي، وفشل اقمار اميركا في تنفيذ سياساتها، كل ذلك اوجب على المنظومة الغربية ومنها بريطانيا في البحث عن طرق اخرى لعلاج الموقف، فضلا عن وجود آراء عقلانية ضاغطة داخل الدوائر الغربية تعارض سياسة العداء المفرط التي تمارس ضد ايران وشعوب المنطقة...

كما ان الغرب الذي يعاني من ازمات متعددة خاصة في مجالي الامن والاقتصاد، بحاجة الى قوى يستطيع التفاهم معها في الشرق الاوسط، قوى حقيقية ليست من ورق، لان اللعبة اصبحت معقدة ومساحات الصراع واسعة وادواته متعددة.. انه بحاجة الى شئ من الهدوء علَه يلفظ نفساً لجولة اخرى من الحرب... الامر نفسه بالنسبة لايران، هي بحاجة الى استراحة محارب فأمامها اشواط اخرى من النزال قد تختلف اشكالها لكن مضامينها واحدة...
الرابع من نوفمبر في كل عام يحتفل الايرانيون بيوم مقارعة الاستكبار العالمي.. وفي نوفمبر هذا العام سيعود بعض الاستكبار مطأطئ الرأس الى طهران.. على أمل عودة رأس الاستكبار في نوفمبر القادم او مابعده!! وان غداً لناظره قريب.

علاء الرضائي