معدل الانفاق العسكري في الدول العربية اكثر من المعدلات العالمية

الجمعة ٠٦ مارس ٢٠٠٩ - ٠٧:٤٣ بتوقيت غرينتش

على الرغم من ان الهاجس الامني كان ولايزال الهاجس الاول لدول مجلس تعاون دول الخليج الفارسي، فان الانجازات على الارض بقيت دون المستوى المطلوب.

ولو القينا نظرة فاحصة على الاحصائيات المتهاودة والمعروفة لصفقات التسلح، لفترة ما بعد حرب الكويت وفترة ما بعد سقوط النظام العراقي العام 2003، لوجدناها ارقاما خيالية، تفوق نفقات التسلح في كثير من الدول ذات القوة الفاعلة عسكريا في المنطقة، وتتجاوز معدلات الانفاق العالمي على التسلح مقارنة بالمعطيات الموضوعية والنتائج المتحصلة عن ذلك.

فمعدل ما يتحمله المواطن في دول الخليج الفارسي العربية - من الانفاق العسكري- يفوق ست مرات ما يتحمله الفرد على مستوى العالم، ويقارب ما يتحمله الفرد في كل من الولايات المتحدة الاميركية والكيان الاسرائيلي، ويفوق عشر مرات ما يتحمله الفرد في ايران، وذلك وفقا للاحصائيات السنوية التي ينشرها المعهد الدولي للسلام (كتاب 2006).

وفي السياق نفسه، تتواضع ما تنفقه دول الخليج الفارسي العربية على الصحة والتعليم، بحيث لا تتجاوز 3 - 5 بالمئة من الدخل القومي، مقارنة بالانفاق السنوي على التسلح الذي يصل في بعض السنوات الى 35 بالمئة من الدخل القومي او ميزان المدفوعات.

ومعظم دول الخليج الفارسي -باستثناء الكويت- تعتبر ذات تنمية بشرية متوسطة واقرب الى المتدنية، وتفتقر الى الحد الادنى من الضمانات الاجتماعية والاقتصادية والصحية لافراد الشعب، ولو عدنا الى اسرائيل لوجدنا انها ذات تنمية عالية جدا، كما ان الانفاق العسكري فيها لا يشكل عبئا على ميزان المدفوعات الحكومية بقدر ما يحقق عائدا يدعم الاقتصاد ويزيد من الانفاق على التعليم والصحة.

وتحقق الصادرات العسكرية الاسرائيلية عائدا سنويا يصل الى 15 بليون دولار، وتوجد في اسرائيل 180 شركة تعمل في قطاع الصناعات الحربية (مقاتلات حربية وصواريخ ودبابات ومتفجرات، الخ) يعمل فيها اكثر من 150 الف موظف، نصفهم علماء ومهندسون، ومن هنا نرى ان اعباء الانفاق العسكري الاسرائيلي له مردود وعائد مهم على الفرد والمجتمع والاقتصاد القومي، ولا يؤثر على معدلات الانفاق الاخرى في مجال التعليم والصحة، الخ.

وقد اسهمت الانفاقات العسكرية في اسرائيل، اضافة الى تطوير الصناعات العسكرية وتحديثها المستمر، في نمو الصناعات الموازية كالصناعات الالكترونية والتكنولوجية عالية التقنية بما يشكل خطرا حقيقيا على المنطقة اقتصاديا وعسكريا ورهن سيادتها للاملاءات الاسرائيلية.

وفي الجانب الاخر، فان ايران استطاعت ان تتجاوز اثار الحرب مع العراق، وعملت على تطوير صناعات عسكرية مهمة تعطي لانفاقها على التسلح مردودات اقتصادية واجتماعية وامنية.

ان الانفاق العسكري على مستوى دول الخليج الفارسي العربية معدوم الاثر، ويدخل حتى الان في خانة الخسائر المعدومة، فالاسلحة تتقادم وتتاكل فاعليتها واهميتها خلال سنوات معدودة، اضافة الى مواصفاتها المتدنية نسبيا، حتى مصانع الاسلحة الخفيفة التي كانت موجودة في بعض الدول اهملت ولم يتم تطويرها بالشكل المطلوب.

وعلى مستوى التنمية السياسية والاجتماعية وتحديث هياكل الدولة، التي تعتبر من ركائز الامن الحقيقي، فيما عدا الكويت التي اعادت تفعيل دستورها للعام 1962 واعادت الاعتبار لمسيرتها الديمقراطية المتعثرة منذ العام 1976 كخطوة من رد استحقاقات التحرير، فان دول الخليج الفارسي الخمس الاخرى لم تحقق اي خطوات تذكر باتجاه تحديث بنيتها السياسية.

فالمملكة العربية السعودية رغم اعلان النظام الاساسي للدولة بقيت المشاركة السياسية عبر مجلس الشورى الذي تشكل العام 1994، وتم بالتعيين ودون صلاحيات مهمة في صنع القرار، وكذلك جاءت الاصلاحات السياسية في سلطنة عمان في الفترة نفسها، ولم تشهد دول المنطقة حراكا مهما في اتجاه تفعيل دور الشعب في الحياة السياسية الا بعد احداث 11 سبتمبر 2001.