فيديو/حملة سعودية للمطالبة بقانون صارم ضد المتحرشین بالنساء

الثلاثاء ٠٧ يناير ٢٠١٤ - ٠٣:٥١ بتوقيت غرينتش

تعیش المرأة السعودیة محاطة باسوار التقالید الشائكة وتحت وصایة مجتمع یكبل حركاتها ویقید خطواتها ویجبرها على مواراة جسدها في عباءات سوداء فضفاضة، ورغم ذلك فالكثیرات منهن لا یسلمن من سهام التحرش الحادة التي تشعرهن بالمزید من القهر والغبن.

وتتزاید دعوات الحقوقیين في السعودیة لإصدار قانون جدید لمكافحة التحرش في ظل تكرار عملیات مضایقة النساء، وتثیر الدعوات جدلا كبیرا على المواقع الاجتماعیة مع انتشار فیدیوهات توثّق لبعض هذه الحوادث.

وتؤكد دراسة میدانیة قدیمة أجرتها شركة أبحاث عالمیة ونشرها عدد من الصحف عام 2011، أن السعودیة تحتل المركز الثالث عالمیا في قضایا التحرش الجنسي بالعمل، مشیرة إلى أن 16 بالمئة من النساء العاملات في البلاد تعرضن للتحرش من قِبل المسؤولین في العمل.

وتخلص الكثیر من الدراسات الى ان النساء في السعودیة یلجأن الى الصمت ولا یتجرأن على الافصاح عن تعرضهن للتحرش بسبب خوفهن من الفضیحة ومن سیاط المجتمع المحافظ والمتشدد.

وأظهرت الدراسة أن نسبة التحرش في السعودیة أعلى بكثیر من الولایات المتحدة الأمیركیة وفرنسا والسوید وألمانیا وإیطالیا وبریطانیا وأسترالیا وإسبانیا وبقیة الدول الأوروبیة المعروفة بتحررها وانفتاحها الاخلاقي.

وبیّنت الدراسة المیدانیة أن النسبة الأكبر من الموظفات اللواتي یتعرضن للمضایقات الجنسیة أو التحرش الجنسي المتعمد في العمل تقل أعمارهن عن 35 عاماً.

واطلق مغردون على موقع التواصل الاجتماعي "تویتر" حملة للمطالبة بسن قانون صارم ضد المتحرشین بالنساء في المملكة.

وأتت هذه المطالبات بعد انتشار مقطع فیدیو مؤخرا لمجموعة شبان یتحرشون بفتیات في أحد الأسواق شرق السعودیة، وهو الأمر الذي أثار عددا كبیرا من المغردین الذین طالبوا بعقوبات صارمة في حق هؤلاء المستهترین الذین لا یراعون حرمات الناس.

ویرى خبراء في علم النفس ان انتشار التحرش في الدول العربیة مرده غرس مشاعر الغطرسة والتعجرف في نفوس الذكور منذ الصغر واشعارهم بانهم اكثر قوة وحظوة من الفتیات، وان الجنس الناعم مجبر على تقدیم ولاءات الطاعة والامتثال.

وتمنع السعودیة الاختلاط بین الرجال والنساء من غیر الاقارب والمحارم كما لا یحق للسعودیات التصویت في الانتخابات او قیادة السیارات.

وتحرم المراة السعودیة في كثیر من الاحیان من حقها في حضور اكبر الفعالیات الاجتماعیة والترفیهیة والتثقیفیة بذریعة منع الاختلاط.

ویرى مختصون ان كلفة عدم الاختلاط بدورها جاءت بنتیجة عكسیة باعتبارها تغرس في نفوس الذكور الفضول وتجعل تصرفاتهم في كثیر من الاحیان مطبوعة بالخشونة والغلظة في التعامل مع الجنس الناعم وهو ما یدفعهم الى الاقدام على التحرش.

ویستنكر عدد من المثقفین السعودیین عدم وجود قانون في المملكة یحمي النساء من التحرش، ویتساءل بعضهم عن دور الشرطة الدينية او ما يسمى "هیئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" الذي یبدو أنه لم یعد كافیا للحد من ظاهرة تزایدت مؤخرا في البلاد.

وأظهر المقطع الذي شاهده اكثر من ملیون متابع اشتباكات بالأیدي بین فتیات وشبان، قبل أن تبادر إحداهن إلى تسدید ركلة إلى أحدهم.

وأحدث المقطع ردود فعل غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي، فیما أنشئ هاشتاغ خاص بالحادث، طالب من خلاله المغردون، بـ"معاقبة الشبان الذین قاموا بالتحرش والتلفظ على الفتیات في مكان عام، والتشهیر بهم"، إضافة إلى مطالبة الجهات الأمنیة بـ"ردع مثل هذه الأفعال، وتقدیم المتهمین إلى المحاكمة".

وتطفو معظلة البطالة على السطح كلما ظهرت سلوكیات منحرفة للشبان في المملكة حیث یرى خبیر في علم الاجتماع ان شعور الشباب بالغبن والقهر وبغموض المستقبل وضبابیته من جراء البطالة والعوز تدفعهم الى التصرف بعدائیة واستهتار وترمي بهم في متاهة الادمان والتطرف والاندفاع الى عالم الجریمة والتعدي على الاخرین بما في ذلك التحرش اللفظي والجسدي بالنساء.

واعلن وزیر العمل في السعودیة عادل فقیه ان عدد العاطلین عن العمل بلغ ملیوني شخص 85 في المئة منهم اناث مؤكدا في الوقت ذاته ان الغالبیة العظمى من العمالة الوافدة تشغل "وظائف متدنیة لا تصلح للسعودیین".

وقال الوزیر ان "ملیونین من العاطلین عن العمل ینتظرون وظائف، 85 في المئة منهم نساء".

وتصاعد التذمر بین الشباب في السعودیة بسبب البطالة المتفاقمة في أغنى بلد نفطي في العالم، الامر الذي یحوله الى قنبلة سیاسیة تهدد الحكومة وتدفع بعضهم الى التطرف.

وبدت اشارات التذمر تتحول الى نقد سیاسي للحكومة التي تعد بتشغیل العاطلین لامتصاص نقمتهم، فیما تستقدم العمالة الرخیصة من دول اسیویة وعربیة.

وكشف استطلاع للرأي أن 84 في المائة من الشبان السعودیین یرون البطالة أهم مشكلة تواجههم، تلیها قضیتا المخدرات والإرهاب بنسبة 72 في المائة.

وكانت الإعلامیة السعودیة سلوى شاكر أثارت جدلا كبیرا حین أكدت أن معظم الإعلامیات السعودیات یتعرضن للمضایقات والتحرش خلال العمل.

وانتقد المغردون السعودیون اعتزام السلطات السعودیة إصدار لائحة جدیدة خلال شهر للحد من التصویر العشوائي في الأماكن العامة.

وأرجع مغردون القرار إلى "انتشار فیدیوهات التحرش في السعودیة التي أدت إلى التسبب في العدید من المشاكل".

ورأى بعضهم أنه من الأجدر "إصدار قانون یجرم التحرش والتعدي على حقوق وحریات الغیر". وأثار القرار موجة من الجدل في موقع التواصل الاجتماعي تویتر.

واعتبر مغردون أن "الحكومة تطبق قاعدة: أسهل الطرق للتعامل مع المشكلة هو تجاهلها"، معتبرین أن القرار "یمنح الحریة الكاملة للمتحرش.. یعني بالمختصر المفید تحرش یا أخي".