لا تلوموا ايران

لا تلوموا ايران
الأحد ٣٠ مارس ٢٠١٤ - ٠٨:٢٦ بتوقيت غرينتش

ايران قوة اقليمية يحسب لها الف حساب، هذا ما يعترف به المراقبون السياسيون في كتاباتهم وتصريحاتهم عن اوضاع الشرق الاوسط، وهذا ما يقوله الامريكيون ايضا، وهم يتوددون اليها ويحاولون الحوار معها، لان العالم لا يحب الضعفاء، بل يتودد الى الاقوياء.

ايران لا تريد ان تستأسد على الدول الصغيرة في المنطقة وتكون الاخ الاكبر للدول الضعيفة كما هو الحال بالنسبة للسعوديين الذين عملوا طوال عقود ان يكونوا القوة الوحيدة في المنطقة بفعل دولارات النفط، وتقديم المساعدات المالية للدول الضعيفة وكسب ولاءها وان ينصبوا أنفسهم قادة لمجلس التعاون الخليجي ويفرضوا شروطهم على اعضاء هذا المجلس خاصة قطر التي يحاول السعوديون خنقها مالم تستجب لشروطهم، كما انهم اشتروا ولاءات دول عربية في جامعة الدول العربية من اجل ان تكون لهم الكلمة الفصل في الجامعة، ولكنهم فشلوا في المحصلة، لانهم بنوا قدراتهم على شراء الولاءات وكانوا ضعافا لا في السياسة فقط، بل في الدفاع و في القدرات العسكرية.
وها هو كاتبهم خالد الدخيل يعترف في مقال له في صحيفة الحياة السعودية بضعف السعودية داخليا وخارجيا بقوله "نقطة الضعف المركزية في السياسة السعودية أنها تفتقد قدرات عسكرية تتناسب مع حجمها ودورها الإقليمي، كما تفتقد البعد المؤسسي في رسم سياستها، وأولوياتها الداخلية والخارجية، وهو ما تسبب في خروجها من معادلة توازنات القوة في المنطقة. " صحيفة الحياة 30-3-2014"
زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما الى السعودية لم تفلح في ازالة الخلافات بين الجانبين، لان الجانب السعودي يريد من اوباما ما لا يمكنه ان يقدمه له، لان حسابات الولايات المتحدة تختلف عن حسابات السعوديين.
صحيح ان اوباما حاول خلال زيارته الى السعودية التخفيف من حدة الخلافات، ولكنه يرى جيدا ما تعانيه السعودية من ضعف في جميع المجالات وخاصة في قيادتها التي تعاني من شيخوخة والوضع الداخلي السعودي والخلافات بين الامراء حول من سيكون له حصة الاسد في قيادة السعودية بعد الملك الحالي، وهذا ما ظهر للعلن قبل يوم من زيارة اوباما الى السعودية، خاصة بعد تعيين الامير مقرن بن عبد العزيز وليا لولي العهد مع انتشار اخبار حول احتمال حصول تغييرات على اعلى المستويات.
الرئيس الامريكي زار السعودية للمجاملة بعد أن اعرب السعوديون عن غضبهم من الموقف السعودي من الحوار مع ايران وموقفهم من سوريا، مدركا ان السعودية اصبحت في وضع ضعيف وهزيل في السياسة الداخلية والخارجية. فالذي يطلبه السعوديون من امريكا هو ما لا يمكن لاوباما الاستجابة له لانهم يعارضون الحوار بينها وبين ايران ويرون الحوار يقوي من موقف ايران ومكانتها في الشرق الاوسط ويضعف موقفهم الذي يعتبرونه استراتيجيا في المنطقة. وهذا ما لا يقبله الامريكان لانهم خطوا خطوات كبرى في اتجاه بدء الحوار مع ايران ولان الاتفاق بين ايران ومجموعة 5+1 أصبح متكاملا وذهب الشك عند الامريكيين والاوروبيين بعد تيقنهم من ان الايرانيين مصممون على حل الملف النووي بما يتلائم مع مصلحة الجانبين.
ان ما لا يتقبله السعوديون، هو انهم مكابرون ولا يريدون ان يعترفوا بالامر الواقع وهو ان ايران قوة اقليمية كبرى ولاعب كبير في المنطقة، وان عليهم ان يدخلوا في حوار معها لكي تبقى منطقة الخليج الفارسي في امن واستقرار، انهم يريدون النيل منها عن طريق كتابهم الذين يدرجون المقالات وينشرونها في  صحفهم التي تصدر في لندن وبيروت والرياض، كما انهم يهاجمون ايران ويهاجمون حزب الله للنيل من الجمهورية الاسلامية، بينما نرى ايران تتبع سياسة ايجابية تجاه دول المنطقة وخاصة جيرانها العرب وتدعوهم الى التعاون والتازر والابتعاد عن العداء، وقد لاحظنا ان وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف زار دول الخليج الفارسي واعلن رغبة بلاده للتعاون مع  دول الجوار حيث استجابت اغلبية دول مجلس التعاون للرغبة الايرانية وها هي طهران تتمنى ان يقبل الجميع بالموقف الايجابي الايراني خاصة السعودية بقيادة الملك عبد الله بن عبد العزيز، وان يرفضوا سياسة التوتر والتشنج التي لا يستفيد منها غير الاعداء.

* شاكر كسرائي