الإلحاد في السعودية .. إستغراب الإستغراب

الإلحاد في السعودية .. إستغراب الإستغراب
الجمعة ١١ أبريل ٢٠١٤ - ٠٩:٢٣ بتوقيت غرينتش

أثارت نتائج الدراسة التي أعدها معهد غالوب الدولي الذي يتخذ من زوريخ مقرا له، ردود أفعال مختلفة لا سيما إزاء نسبة الإلحاد في المملكة السعودية والتي تراوحت حسب الدراسة بين 5 و9 بالمئة من مجموع عدد سكان المملكة.

الدراسة التي جاءت تحت عنوان " مؤشر عام حول الدين والإلحاد " ، كشفت ان نسبة الالحاد في السعودية هي الأكثر ارتفاعا مقارنة مع دول العربية وحتى مع تلك التي تعرف بميولها العلمانية، وتضاهي ايضا نسبة الإلحاد في دول غربية.

الاستغراب والاستنكار والتعليل السطحي كانت الصفات الغالبة على ردود الافعال لانتشار ظاهرة الالحاد في السعودية، فهناك من استغرب وتفاجأ بوجود هذه الظاهرة ، وهناك من نفى وجودها من الاساس ، وهناك من اعتبرها مؤامرة خارجية تحاك ضد السعودية ونظامها وشعبها ، وهناك من حمل شبكات التواصل الاجتماعي مسؤولية الالحاد ، وهناك من حمل التطبيق المتشدد للاسلام في المجتمع السعودي والتربية الصارمة التي يتلقاها الأبناء داخل الأسر وفي المجتمع إجمالا.

الحقيقة ان نتائج هذه الدراسة لم تكن مفاجئة ولا غريبة لكل من لديه المام ولو بسيط بالقراءة المشوهة للوهابية عن الاسلام، فهو يعرف جيدا ان التكفير والتطرف والعنف ، لا يمكن اعتبارها إفرازات للوهابية بل هي الوهابية ذاتها ، الا ان الالحاد يمكن اعتباره من افرازات الوهابية حيث يأتي في مرحلة متأخرة على تطبيقاتها.

ان الشباب في المجتمع السعودي المنكوب بالوهابية ، عندما يرى التكفير والاقصاء والقمع جزء لا يتجزأ من الدين! ، ويرى الفتاوى السخيفة والمضحكة جزء لا يتجزأ من الدين!! ، ويرى العلم يقول بكروية الارض بينما يقول الدين انها مسطحة كما ذهب الى ذلك امام الوهابية ابن باز!!، ويرى سلاح الانظمة المتخلفة والرجعية دين !!، ويرى زرع الفتن الطائفية بين الشعوب المسلمة دين !!، ويرى ذبح المسلم لاخيه المسلم من الوريد الى الوريد دين !! ، ويرى في اكل المسلم للحم اخيه المسلم دين !! ، ويرى الاستسلام ورضوخ للمستكبرين دين !!، ويرى نبذ المقاومة وتبجيل الانبطاح امام المحتل دين !!، ويرى نهب الثروات دين !!، ويرى اهانة المرأة ، نصف المجتمع ، دين !! ، ويرى كراهية التطور دين !!، ويرى محاربة المشاعر الانسانية دين !!، ويرى هدم دور العبادة ونبش القبور واهانة اضرحة الانبياء والاولياء والصالحين دين !!، ويرى محاربة الفطرة الانسانية ووصمها بالشرك دين!! وو..، ترى ما هي الصورة التي سترتسم في ذهن الشاب السعودي ، لاسيما المثقف ، عن الدين وهو يرى كل هذه الفظاعات التي تنسبها الوهابية ، زورا وبهتانا الى الدين والدين منها برئ؟ ، ترى كيف يمكن ان يتلمس هذا الشاب الصورة الحقيقية للدين ، بينما الوهابية تكتم على انفاسه ، ولم تترك وسيلة اعلامية ، مرئية او مسموعة او مقروءة ، الا وهيمنت عليها ونفثت فيها سمومها؟، وكيف يمكن الدفاع عن الدين بينما يرى الشاب السعودي ان تطبيقات الوهابية للدين جعلت بلاده من بين أول 10عشر دول في العالم في التحرش بالمرأة؟.

ان الاجابة على هذه الاسئلة تؤكد ان هناك تناقضا صارخا بين قراءة الوهابية للدين وبين الحياة ، واذا كان لابد من العيش بكرامة في الحياة لابد من نبذ هذا الدين ، حيث لايمكن ان تستقيم حياة الانسان مع وجود هذا الدين ، لذلك فالالحاد سيكون هو الطريق الاقصر للهروب من كل مآسي هذا الدين الوهابي.

ان التناقض الصارخ الذي يشعر به الشاب السعودي بين الدين والحياة ، هو الذي يدفعه الى الاعتقاد ان الدين ليس الا وسيلة لابتزاز الانسان ، كما يُبتز الان في المملكة السعودية التي يدعي قادتها ومشايخ الوهابية فيها ان دستورها القران الكريم!!.

اخيرا، نستغرب من الذين استغربوا من نتائج دراسة معهد غالوب الدولي حول انتشار ظاهرة الالحاد في السعودية ، لان الغريب هو انتظار ان يترشح عن الوهابية انسانا سويا ، فهذا الانتظار ضرب من الخيال ، فالوهابية اما ان تلد تكفيريا واما ملحدا ولا ثالث لهما.

منيب السائح - شفقنا