قتال "داعش" و "النصرة" يفضح زيف التكفيريين

قتال
الأحد ١٣ أبريل ٢٠١٤ - ٠٤:٤٤ بتوقيت غرينتش

في بداية الازمة السورية نجحت القاعدة في استقطاب المراهقين والشباب من مختلف مناطق العالم "للجهاد" في ارض الشام ضد "الكفر" و"الشرك" لرفع راية الاسلام هناك، بفضل عملية غسيل دماغ ضخمة تعرضوا لها، شاركت مشايخ الوهابية والقاعدة وفضائيات واذاعات وصحف، حتى تحولت سوريا الى قبلة "المجاهدين" التواقين للشهادة في سبيل الله ونصرة دينه!!

هولاء المراهقون والشباب وهم في ذروة الحماس والاندفاع نحو تحقيق هدفهم الاسمى المتمثل بنصرة الاسلام ومحاربة الكفرة والمشركين والفاسدين !!، لم يقفوا طويلا امام هوية الجهات التي تمدهم بالمال والسلاح وتوفر لهم كل انواع الدعم، للابقاء على نار هذه الحرب مشتعلة،  فلم يشعروا اصلا بوجود امريكا واسرائيل والغرب والرجعية العربية وهي تقف معهم في القتال في سوريا!!

هؤلاء المراهقون والشباب، وهم في ذروة الحماس والاندفاع للقتال من اجل نصرة الاسلام والمسلمين ضد الكفار والمشركين والمنافقين !!، لم يقفوا طويلا ايضا امام المذابح التي ارتكبوها ضد بعض الجماعات المسلحة، ومن بينها ما يعرف بالجيش الحر، والتي كانت تقاتل الى جانبهم ضد النظام السوري، لسبب بسيط وهو ان قتال هؤلاء الى جانبهم لم ولن تطهرهم من الشرك والكفر والتبعية التي يغرقون فيها!!، لذا كان قتالهم واجبا شرعيا!!

بعد ان استولى هؤلاء المراهقون والشباب، على بعض المناطق النفطية والمعابر الحدودية في سوريا، انتقل القتال الى دائرتهم الضيقة، فأخذ بعضهم يذبح بعضا، واخذ بعضهم يغدر ببعض، حتى وصل عدد القتلى بين اكبر فصيلين من فصائل "المجاهدين المقاتلين في سبيل الله"!!، وهما "داعش" و "النصرة"،  الى اكثر من اربعة الاف.

هنا يبدو ان البعض من هؤلاء "المجاهدين" لم يتمكن ان يمر من امام هذا القتال بين "اخوة الجهاد"، مرور الكرام كما مر في الحالات السابقة، فالحرب في هذه المرة دائرة في "معسكر الايمان"!!، وفي "معسكر الجهاد والمجاهدين"!!، وان الارواح التي تزهق هي ارواح مسلمين!!، وان الدماء التي تهرق هي دماء مسلمين!!، وليست ارواح ودماء مشركين كما في الحالات السابقة!!

كان لابد ان يحكم هنا كبير القاعدة وهو الظواهري فيما وقع بين انصاره واتباعه من خلاف وقتال، فدعا الى ان تعود "داعش" الى العراق وتبقى الشام من اختصاص "النصرة"، الا ان حكم الظواهري لم يرق ل"داعش"، حيث كانت مصالح الدنيا اكبر واقوى من ايمانها !!، فرفضت "داعش" حكم كبيرهم الظواهري، فاوغلت بدماء "النصرة" ودار القتال بينهما سجال، فاخذ كل فريق يكفر الاخر ويخرجه من الملة والدين، كما اخرجا من قبل، كل عباد الله من دين الله، بل ان الامر وصل ب"داعش" ان شنت هجوما قويا على الظواهري و وصفته باشنع الصفات، فاصبحت القاعدة بدون رأس، فتكالب رجال الجهاد والاستشهاد!!، على حطام الدنيا، التي بسببها ذبحوا رفاق دربهم في العقيدة والجهاد !!، واخذ بعضهم يعدم اسرى البعض الاخر ذبحا على صيحات التكبير والتهليل، بالاضافة الى استخدام اقذر اسلحتهم لقتل بعضهم البعض وهو سلاح السيارات المفخخة.

هذه الصورة الدموية شاهدنا قبل ايام جانبا منها وتحديدا فجر اليوم الخميس 10 نيسان /فبراير، عندما صد عناصر من "النصرة" وكتائب اخرى متحالفة معها، هجوما لمقاتلي "داعش" على مدينة البوكمال في دير الزور شرقي سوريا على الحدود مع العراق، حيث اسفر الهجوم عن مقتل نحو 90 عنصرا من الجانبين.
في هذه الاثناء أعلنت "النصرة" عن مقتل إثنين من قيادييها العسكريين في مدينة البوكمال على يد داعش وهما علي محمد عطيوي قائد، كتيبة لا غالب إلا الله، ومحمد فتيح السهو القيادي في لواء ابن القيم.
وكان التنظيم قد كشف عن مقتل القائد العسكري للتنظيم، ومقتل رئيس "الهيئة الشرعية" للجبهة في مدينة البوكمال.
من جهته أعلن "داعش" عن مقتل أمير التنظيم في البادية السورية أبو زيد التدمري.
رغم ان طبيعة المجموعات الوهابية التكفيرية والجهات التي تدعمها وتحركها والاهداف التي تسعى لتحقيقها، ليست خافية عن العارفين بخفايا هذه المجموعات في البلدان العربية والاسلامية والوظيفة التي انيطت بها والاهداف التي تسعى لتحقيقها، الا ان صور الجثث التي بُترت اعضاؤها ومُثل بها وشوهت وهي مكبلة الايدي، اخذت تخاطب بعض عقول الشباب الذي وقع في فخ الدعاية الوهابية حول الجهاد والاستشهاد، فأثارت في داخلهم العديد من الاسئلة حول حقيقة الجهات التي تحرك كل هذه التنظيمات التي ترفع زوراً راية الاسلام، ترى كيف يمكن ان يذبح المجاهد اخيه المجاهد على صيحات الله اكبر؟!!، ترى هل يعقل ان تكون رواية الجهاد في سوريا وغيرها من البلدان الاسلامية هي من الاساس كذب في كذب؟، اذا كان الامر كذلك، ترى لم يواصل هؤلاء عملية ذبح بعضهم البعض؟، الا يكفي كل هذا القتل العبثي ان يثبت ان الله هو اخر ما يفكر به زعماء هذه المجموعات الارهابية والجهات التي تحركها؟، الا يكفي هذا القتل العبثي ان يبرهن ان الاسلام والمسلمين ليسوا على لائحة اهتمام قادة هذه الزمر الارهابية؟، اخيرا الا يبرهن كل هذا الدم على ان اسرائيل هي التي تحرك كل هذا المشهد الدامي لتفتيت الامة وتمزيقها كي تتمدد في ارضنا وتبتلع خيراتنا دون رقيب او حسيب؟


* فيروز البغدادي - شفقنا