العرب يطبعون مع "اسرائيل" والغرب يقاطعون

العرب يطبعون مع
الأربعاء ١٦ أبريل ٢٠١٤ - ٠٦:٤٠ بتوقيت غرينتش

عشرون عاما مضت منذ توقيع اتفاق اسلو عام 1993 والقضية الفلسطينية في تراجع منقطع النظير، السيد محمود عباس لم يمل ولم يكل من محاولة اقناع الناس بمشروعه لفلسطين المحتلة.

لقد سببت ادارته للشان الفلسطيني فشلا ذريعا ففي عهده انقسم الفلسطينيين بين حركة فتح وحركة حماس، وانقسمت فتح او في طريقها للانقسام بين محمود عباس ومحمد دحلان، والمستوطنات في توسع بسرعة تكاد تسبق الايام، والقدس قد انتهت الى احضان الصهاينة واصبحت الضفة الغربية مسرحا لجنود "اسرائيل" تقتل من تشاء وتعتقل من تشاء وحراس محمود عباس وقواته الامنية يراقبون ما يفعل بهم وباهلهم دون رد فعل، وكل يوم يسرح المستوطنون ويمرحون في ساحات المسجد الاقصى دون رادع ولم يجد عباس امامه الا دعوته لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية في 9 / 4 في القاهرة على المستوى الوزاري لمناقشة ما توصلت اليه المفاوضات  المتعثرة  بين السلطة الفلسطينية “محمود عباس″ ووزير خارجية امريكا السيد كيري في شان العودة الى المفاوضات مع الطرف الاسرائيلي.

السيد محمود عباس يعلم جيدا منذ توقيع اتفاق اوسلوا في 13 سبتمبر 1993 ان المفاوضات مع "اسرائيل" غير مجدية  وقد سمع باذنيه قول اسحاق شامير رئيس وزراء "اسرائيل" الاسبق في مؤتمر ” مدريد ” ” اننا سنفاوضهم عشرين عاما دون الوصول الى نتائج ” واليوم اكتملت المدة عشرون عاما وفوقها عاما اخر والمفاوضات تجري بين الاطراف دون اي نتيجة تذكر.

المجلس الوزاري العربي استمع الى تقرير السلطة الفلسطينية عن ما يجري واراد محمود عباس  ان يلقي بالمسألة بين ايديهم كي لا يتحمل المسؤولة وحدة في سلاسل الفشل المتواصلة منذو عام 1993 . لم يقدم المجلس الوزاري العربي اي مشروع عملي لمواجهة التعنت الاسرائيلي على كل الصعد.

كل الذي فعله الوزراء العرب الميامين في اجتماعهم ذلك انهم “حملوا "اسرائيل" مسؤولية ما يجري بسبب رفضها الالتزام بمرجعية عملية السلام واقرار  مبدأ الدولتين ( ..) وكلفوا رئاسة القمة العربية (الكويت) ورئاسة المجلس الوزاري (المغرب) وامين عام جامعة الدول العربية  بتقديم الشكر للدول التي ايدت الخطوة الفلسطينية بالانضمام الى الامم المتحدة بصفة مراقب، وكأن هذا الحدث امر جلل. المجلس الوزاري ناشد الدول الاعضاء في تقديم الدعم المالي لدولة فلسطين وتفعيل شبكة الامان.

الامر الذي يشكل اعلى مراتب الاستغراب ان المجلس الوزاري العربي انف الذكر توجه بالشكر للحكومة المصرية على ما قدمته من جهود تجاه الفلسطينيين. كنت اتوقع ان يتضمن البيان الوزاري العربي انتقادا للحكومة المصرية على معاملتها للفلسطينيين المسافرين عبر اراضيها الى قطاع غزة او الخروج منه الى حيث يقصدون.

كنت اتوقع ان يصر المجلس الوزاري العربي على رفع الحصار عن قطاع غزة من قبل مصر عضو الجامعة العربية ومقرها الدائم. كنت اتوقع من مجلس الجامعة ان يعيد قرار مقاطعة "اسرائيل" الى حيز التنفيذ. والحق ان المجلس الوزاري خيب امالنا تجاه القضية التي اجتمعوا لمناقشة امرها.

في الدول العربية مساعي للتطبيع مع "اسرائيل" سرا وعلانية وعلى كل الصعد وفي اوربا  مساعي لمقاطعة "اسرائيل" اقتصاديا وعلميا، ان تلك المساعي  اقوى واعظم تاثيرا من جامعة الدول العربية وقراراتها وتوصياتها، في بريطانيا مثلا قاطعوا الشركات التي تبيع منتجات مصدرها المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية كما قرر اتحاد الجامعات والمعاهد (يو. سي . يو) كبرى نقابات التعليم العالي في بريطانيا  الذي يضم في عضويته اكثر من 120 الف منتسب مقاطعة الجامعات الاسرائيلية تضامنا مع الشعب الفلسطيني.

حكومة النرويج قررت سحب استثماراتها من 44 شركة اسرائيلية  منها شركة تنتج طائرات بدون طيار وحجتهم في ذلك انها تستعمل في عمليات قتل واغتيال الفلسطينيين وتصنع اجهزة انذار تستخدم في جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية. تشير المصادر السياسية في تل ابيب ان هذه القرارات جاءت نتيجة لضغط مؤسسات المجتمع المدني في النرويج والنقابات المتعددة  واتهام الحكومة النرويجية بتمويل عمليات القتل ضد الفلسطينيين. لم يقتصر الامر على النرويج وبريطانيا ولكن ايضا بعض الجامعات في امريكا ودول اخرى.

السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس تطلب من الدول العربية تمويلها  شهريا بمبلغ 100 مليون دولار، السؤال الذي يطرح نفسه هنا اذا كانت قوات الامن التابعة للسلطة في الضفة الغربية لا تستطيع ان تمنع جنود جيش الاحتلال من دخول المدن واختطاف من تشاء وقتل من تشاء من ابناء الضفة الغربية فلماذا الانفاق على هذه القوات، واذا كانت لا تستطيع جمع الضرائب من المواطنين على الخدمات وتقوم "اسرائيل" بجمعها نيابة عن السلطة، واذا كانت تتلقى السلطة معونة اوربية وغيرها لقطاع الكهرباء والماء عن طريق "اسرائيل" وان السلطة تحتفظ بارصدتها في البنوك الاسرائيلية  فلماذ وزارة المالية بموظفيها؟ اريد اقول الضفة الغربية قانونيا هي محتلة من قبل "اسرائيل"  وان قوة الاحتلال مسؤولة عن امن المواطنين  تحت الاحتلال وعليها ان تيسر لهم التعليم والصحة وغير ذلك من الخدمات والامدادات والتموين ولا تحتاج السلطة  الى التسول في عواصم العالم العربي.
اخر القول: يجب حل السلطة وتحميل "اسرائيل" مسؤليات دولة الاحتلال  والعودة الى برنامج مقاومة الاحتلال بكل الوسائل.

* محمد صالح المسفر/ راي اليوم