قراءة في خطاب الرئيس المنتخب بشار الاسد

قراءة في خطاب الرئيس المنتخب بشار الاسد
الجمعة ١٨ يوليو ٢٠١٤ - ٠٧:٣٨ بتوقيت غرينتش

وصفت في مقال سابق ان الانتخابات الرئاسية يوم 3 حزيران بـ "ربيع سوري حقيقي" بعيدا كل البعد عن المسخ العربي الدامي المُسمى "الربيع العربي". بالامس وقف الرئيس المُنتخب بشار الاسد ليؤكد حقيقة ما حققه الشعب السوري بلغة الحازم في القرار والجازم بالنصر.

كما كانت الانتخابات مربكة لخصوم واعداء سوريا، كان الخطاب محل ارباك لهم. على شاشات التلفزة وفي الصحافة تهجموا على الخطاب "كان الخطاب خاوي" وعلى صاحبه "عدم الاستقرار النفسي" وفي الخفاء ندبوا حظهم التعيس.
وكما كانت الانتخابات انتقال من مرحلة الى مرحلة، نقل الخطاب سوريا من مرحلة الى مرحلة اخرى متقدمة وحاسمة على مستويات تطبيق الدستور الجديد وترسيخ العملية الديموقراطية والمصالحة الوطنية ومحاربة الارهاب واعادة الاعمار.
كان خطاب الرئيس المُنتخب شامل.
1- المدرك والواثق: بحكم العسكري والاستراتيجي، منذ اليوم الاول للحرب القذرة على سوريا ادرك الرئيس المُنتخب ان المؤامرة اكبر من شعارات ديموقراطيتهم المزعومة "كانت الرؤية واضحة تماما لنا منذ الأيام الأولى للعدوان". لم تكن الديموقراطية هدفاُ ولا مشروعاً، فها هو العراق يتعرض لهجمة وحشية داعشية رغم ان العملية الديموقراطية كانت على مسارها الصحيح وفي تطورها الطبيعي. كان الهدف تدمير سوريا بكل مكوناتها الجيوسياسية كما وصفها الرئيس"يستهدف بنية الوطن ودوره وتفكير أبنائه لتحويلهم في نهاية المطاف إلى قطعان تقاد عن بعد". كات مؤامرة تعجز على مواجهتها قوى عظمى، لكن سوريا بصمود شعبها وبطولة وتضحيات جيشها ووفاء حلفائها اسقطوا "ثورتهم" المزعومة في مزبلة التاريخ "لقد أسقطتم بأصواتكم الإرهابيين.. وأسقطتم معهم العملاء من السوريين الذين شكلوا لهم غطاءاً سياسياً.. وأسقطتم بذلك أسيادهم أصحاب المشروع بكل ما فيه من دول كبرى وأخرى تابعة منقادة.. من مسؤولين وأصحاب قرار يملون ويأمرون".

2- الممازح اللطيف: من المعروف عن الرئيس بشار الاسد الجدية في خطاباته ولقاءاته التي تعكس التزامه الاكاديمي والعسكري مع ان الابتسامة لا تفارقه. بالامس اطلق مزحة لطيفة، كما كانت مزحة مميزة كانت تستهزيء برمزين من رموز الفشل والانبطاح "العنتريات والبندريات" في اشارة الى الفاشل اردوغان والمنبطح بندر بن سلطان. الاول تعنتر (تعهد) بالصلاة في المسجد الاموي والثاني تبندر (تعهد) للامريكيين باسقاط سوريا وقائدها.

3- الانسان العاطفي: على عكس الزعماء العرب الذين عودونا على رؤية زومبي غير مبال بالضحايا والمأسي التي انتجها ربيعهم الدموي، خاطب الرئيس المُنتخب شعبه بعاطفة جياشة. كان انساناً بكل ما للكلمة من معنى. لم ينسى تلك "المرأة الشامخة التي حملت صورة ابنها الشهيد". كيف ينساها وقد كانوا بالآلاف يتحدون الارهاب. كان بحق وفياً مع الاوفياء لوطنهم. رعايتهم اولوية من اولويات الدولة.

4- المتسامح وغير المسامح: سوريا الام الحنون التي تحتضن ابناءها الذين غُرر بهم وقرروا العودة عن الخطأ "القيام بمصالحات محلية لمن يريد العودة عن الطريق الخاطئء"، اما اعداء سوريا من ارهابيين متعددي الجنسيات وقتلة مأجورين سيواجهون مصيرهم المحتوم "ضرب الإرهاب من دون هوادة."

5- التوصيف الدقيق: اطلق سهامه باتجاه الذين تأمروا على سوريا بالاسم خاصة الاخوان المسلمين الذين وصفهم بالشياطين مذكراً بتاريخهم الدموي في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، ووصف الدول العربية المتآمرة التي في نظر حتى رعاتهم وحلفائهم دول استبدادية ومتخلفة. من يصدق ان "أكثر دول المنطقة تخلفا وفسادا وقمعا لشعوبها" يمكن ان تجلب ديموقراطية، في اشارة الى الدول الراعية للارهاب". ولم ينسى عنتريات "الشقيق / المنافق" اردوغان.

6- فلسطين البوصلة: رغم الشعور بالمرارة لعدم وفاء فصيل كانت سوريا الحضن الدافيء والداعم بلا حسابات سياسية على مدى اكثر من عقد ونصف، وصف القضية الفلسطينية بالقضية المركزية التي لا يحيد عنها ولا يساوم عليها. من موقع الحريص على القضية المركزية الاولى ميز بين زمرة جاحدة وقضية شعب مظلوم "هذا يتطلب منا أن نميز تماما بين الشعب الفلسطيني المقاوم الذي علينا الوقوف إلى جانبه وبين بعض ناكري الجميل منه."

7- الوفاء لاهل الوفاء: توجه بالشكر للمقاومة اللبنانية التي قدمت وما زالت تقدم الشهيد تلو الشهيد. شكرهم على وفائهم فكان هو الوفي "ولا ننسى الأوفياء من أبناء المقاومة اللبنانية الأبطال الذين وقفوا جنبا إلى جنب مع أبطال جيشنا وخاضوا المعارك المشرفة سوية على طرفي الحدود.. وقدموا الشهداء دفاعا عن محور المقاومة.. فتحية لهم ولكل عائلة شهيد منهم بادلتنا الوفاء بالوفاء واعتبرت واجب الوقوف مع سورية كواجب الدفاع عن جنوب لبنان".
كان خطاب الرئيس المُنتخب خطاب نصر ورسالة للسفهاء "انتصرت سوريا، موتوا في غيظكم".

رضا حرب المركز الدولي للدراسات الامنية والجيوسياسية