هزيمة "إسرائيل" تلوح في أفق "الجرف الصامت"

هزيمة
الثلاثاء ٢٢ يوليو ٢٠١٤ - ٠٦:٥١ بتوقيت غرينتش

كالعادة وفي كل مرة يرتطم فيها رؤوس قادة "اسرائيل" المنتفخة بالغرور والعنجهية بصخرة صمود المقاومين في لبنان وغزة ، تسارع امريكا لنجدة ربيبتها وانقاذها من ورطتها عبر الضغط على الاطراف الاقليمية والمحافل الدولية لايجاد مخرج حتى لو لم يكن مشرفا لا لها ولا لربيبتها.

فقد تكرر السيناريو الامريكي الاسرائيلي الفاشل عدة مرات خلال كل عدوان على لبنان وغزة ، وفي كل مرة ووفقا لحسابات خاطئة تعتقد "اسرائيل" ان الفرصة اصبحت سانحة لها لتوجيه ضربة قاتلة للمقاومة في لبنان وغزة ، فتقوم باختلاق حجج للعدوان وتحدد اهدافا تحلم في تحقيقها ، وتبدأ بعد ذلك بشن عدوانها بتواطؤ امريكي واضح وصمت عربي فاضح ، الا انها وبعد ايام من ارتكابها المجازر الوحشية التي حُفرت في ذاكرة البشرية ، ضد الاطفال والنساء ، وتكبدها خسائر فادحة في الضباط والجنود والعتاد ، تعطي الضوء الاخضر لامريكا للتدخل من أجل اخراجها من ورطتها دون ان تحقق ايا من اهدافها التي اعلنتها في بداية العدوان.

العدوان الاسرائيلي استنساخ للاعتداءات السابقة

عدوان "اسرائيل" على غزة اليوم لا يختلف عن عدوانها على لبنان عام 2006 ولا عن عدوانها على غزة عام 2009 أثناء عملية "الرصاص المسكوب " ، وعدوان عام 2012 اثناء عملية "عمود الدخان" ، فجُلّ  شهداء فلسطين هم من النساء والاطفال ، بينما جُلّ قتلى الصهاينة هم من الضباط والجنود ، رغم عدم وجود أي توازن في القوى المادية بين حماس واهالي غزة المحاصرين وبين "اسرائيل" ، الثكنة العسكرية وحاملة الطائرات الامريكية الغربية في منطقة الشرق الاوسط والمدعومة ليس من امريكا والغرب بل من بعض الانظمة العربية.

في الوقت الذي ترتكب "اسرائيل" جريمة كبرى بحق الانسانية في حي الشجاعية في غزة وتقتل في لحظات نحو مئة طفل وامراة وشيخ عجوز ، نرى كتائب القسام تنتقم لدماء اطفال ونساء غزة ، عبر قتل 14 ضابطا وجنديا من لواء غولاني ، خصوصا من قوة النخبة المعروفة باسم "إيغوز" ، في عملية نوعية نزلت كالصاعقة على رؤوس قادة "اسرائيل".

لم يمر وقت طويل على الانتكاسة التي مني بها لواء غولاني حتى تلقت القيادة الاسرائيلية صفعة أخرى موجعة على يد كتائب القسام بعد الاعلان عن أسرها الجندي الصهيوني شاؤول أرون صاحب الرقم العسكري 6092065.

أسر الجندي أرون اكد قدرة المقاومة على استيعاب الهجوم البري الصهيوني ، والانتقال الى مرحلة الهجوم عبر نصب الكمائن واقتناص الضباط والجنود الصهاينة واسرهم ، كما اكد فشل هدف مهم من اهداف عدوان "الجرف الصامت" وهو خلق حالة من الاستياء بين اهالي غزة وخلق هوة بينهم وبين المقاومة الاسلامية ، بعد ان خرج العديد من اهالي غزة وهم يعبرون عن فرحتهم بأسر الجندي الصهيوني ، وهو ما اكد وقوف اهالي غزة الى جانب المقاومة وخيارها الوحيد المتمثل بصد العدوان مهما بلغت التضحيات.

في الوقت الذي تقصف فيه مدفعية "الجيش الذي لايقهر" مستشفى الاقصى بوسط قطاع غزة ويستشهد اثر ذلك اربعة أشخاص ويصاب 16 أخرون ، تتسلل كتائب القسام خلف خطوط الجيش الصهيوني شرق معبر بيت حانون شمال قطاع غزة وتفتح النار على الجنود الصهاينة وتقتل 4 منهم وتجرح  26 آخرين .

جريح اسرائيلي

 في الوقت الذي يقصف الجيش الصهيوني عمارة سكنية وسط غزة ويسقط 16 شهيدا واكثر من خمسين جريحا ، كان المقاومون قد نصبوا كمينا محكما لدورية صهيونية شرق الشجاعية اسفر عن مقتل 10 جنود صهاينة وإصابة آخرين ، فيما اعترف جيش الاحتلال بمقتل 7 جنود فقط ، وبذلك يرتفع عدد الجنود القتلى الذين اعترف بهم الاحتلال منذ بدء العملية البرية مساء الخميس الماضي إلى 25 قتيلا.

إن كنتم تألمون فانهم يالمون كما تالمون

في الوقت الذي تتكدس فيه المئات من جثث الاطفال والنساء في مستشفيات غزة ، تتكدس جثث وجرحى ضباط وجنود الجيش الصهيوني في المستشفيات ، وحسب مصادر صهيونية فهناك 23 جنديا يرقدون في مستشفى "سوروكا" اصيبوا بجروح مختلفة على مدى ايام القتال الماضية ، وصفت جراح 16 منهم بالمتوسطة وثلاثة بالخطيرة جدا ، وهناك 16 جنديا في مستشفى "شيبا" ، 3 منهم في حال الخطر الشديد ، وهناك 36 جنديا في مستشفى "برزلاي" في عسقلان ، وفي كل لحظة يزداد عدد القتلى والجرحى رغم التعتيم الاعلامي من جانب الكيان الصهيوني على خسائره.

اما خيبة "اسرائيل" الكبرى فتمثلت بفشلها الفاضح في القضاء على القدرة الصاروخية للمقاومة ، وهي قدرة لم تتأثر رغم مرور 15 يوما على العدوان الصهيوني على غزة ، بل ان المقاومة تفاجيء الجميع يوميا بما تملك من قدرة صاروخية ، من حيث العدد والمديات والقدرة التدميرية ، وزاد من خيبة "اسرائيل" عجز قبتها الحديدية عن اعتراض صواريخ المقاومة ، حيث تُسمع صفارات الانذار في جميع الاراضي الفلسطينية المحتلة في كل يوم.

هذه المعطيات وغيرها دفعت امريكا والمحافل الدولية وبعض الاطراف الغربية والعربية ، بعد الضوء الاخضر الاسرائيلي العالي ، لايجاد مخرج للورطة التي ادخل رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو كيانه المدلل فيها ، حيث اخذت ترتفع اصوات من هنا وهناك تتحدث عن ضرورة التوصل الى صيغة من التفاهم لوقف اطلاق النار تأخذ شروط المقاومة بنظر الاعتبار ، والملفت ان هذه الاصوات لم تتعال لوقف المجازر الصهيونية بحق اطفال ونساء غزة ، بعد تجاوز عدد الشهداء اكثر من 500 شهيد واصابة نحو 4 الاف جريح فلسطيني ، بل تعالت بسبب عجز الكيان الصهيوني عن تحقيق اي من اهداف عدوانه على قطاع غزة المحاصر ، فيما اخذت تلوح بالافق بوادر هزيمة نكراء لجيش الاحتلال الصهيوني المدجج بالسلاح ، امام "فتية آمنوا بربهم" ، فلا خافوا ولا وهنوا.

ماجد حاتمي- شفقنا