الحرب على غزة والتحولات الميدانية

الحرب على غزة والتحولات الميدانية
الخميس ٢٤ يوليو ٢٠١٤ - ٠٧:٢٠ بتوقيت غرينتش

بعد مرور اسبوعين ونصف على العدوان الاسرائيلي الهمجي على غزة واستهداف المدنيين مع سبق الاصرار والترصد، بدأنا نشهد مؤشرات على التطور الملموس على مستوى توازن الرعب وظهور معادلات جديدة فرضتها الفصائل الفلسطينية تؤكد ان جيش الاحتلال فقد توازنه بعد اول مواجهة ادت الى مقتل 13 جندي وضابط فقرر الجيش الكيان المحتل، الانتقام من المدنيين.

اعتقد نتنياهو ان من الضربات الجوية وحجم الخسائر البشرية في صفوف المدنيين ستفقد المقاومة توازنها فقرر بغباء المتعجرف الدخول في مواجهات برية مع مقاتلين يتمتعون بإرادة لا تُكسر مهما كان حجم التضحيات. التحولات الميدانية اصبحت واضحة.
الردع والحسم: جيش الاحتلال فقد القدرة على الردع والحسم منذ هزيمته المدوية في حرب تموز 2006، والان في ظل تنامي القدرات الفلسطينية على المواجهات الميدانية والقدرة على ادارة المعركة باحتراف، وفي ظل اتقان المقاتل الفلسطيني للحرب اللاتماثلية – غير التقليدية، واذا اخذنا بعين الاعتبار خسائر الطرفين في المواجهات الميدانية يمكن للمراقب ان يلاحظ ان جيش الاحتلال فقد القدرة على المواجهة رغم تفوقه الملموس في القوة النارية والدقة. وبسقوط عاملي الردع والحسم وهما العاملين الاساسيين للاستراتيجية العسكرية الاسرائيلية المعروفة بـ "مفهوم الامن الاستراتيجي"، لم تفقد (اسرائيل) القدرة على فرض شروطها على الشعب الفلسطيني فقط، بل استطاعت المقاومة الفلسطينية ان تفرض معادلة جديدة سيقبلها نتنياهو بمرارة المهزوم. حرب غزة الثالثة وضعت الكيان المحتل امام واقع جديد ينقل توازن الرعب الى التوازن الاستراتيجي. الحرب الرابعة ستبين ذلك.
القوة الصاروخية: القدرات الصاروخية التابعة للفصائل الفلسطينية تطورت بشكل ملحوظ مع انها غير دقيقة في تحديد الاهداف. الاهم ان دائرة التأثير قد اتسعت على نطاق غير مسبوق يمكن ان تطال اي بقعة في فلسطين المحتلة. استهداف مفاعل ديمونة والمطارات المدنية والعسكرية بعشرات الصواريخ دفعة واحدة ستكون الرسالة الاشد رعباً في الكيان الصهيوني. هذا النوع من الهجمات يُسمى تكتيك الحشد. لحد الان لم تلعب الفصائل الفلسطينية بهذه الورقة الرابحة.
طائرات بدون طيار: من السابق لأوانه معرفة ما اذا كانت طائرة ابابيل-1 صناعة ايرانية او صناعة محلية بتكنولوجيا ايرانية. لم تتم مناقشة امر الطائرة في الاعلام، لكن يمكن التأكيد بان الطائرة اثارت الرعب داخل الكيان وتساءل مراقبون اذا كانت الحرب القادمة ستشهد ضربات جوية من طائرات بدون طيار.
ما هي خيارات المقاومة؟ المشي بالتهدئة بناء على ضمانات دولية، الولايات المتحدة او الامم المتحدة، غير مشجعة نظرا للتجارب السابقة، وبالتالي ليس امام الفصائل الفلسطينية من خيار اخر عن المقاومة والتصعيد مقابل التصعيد. وفي ظل اتساع مسرح العمليات الميدانية يرتفع منسوب المأزق الذي اوقع نتنياهو نفسه فيه. لاول مرة المقاومة الفلسطينية قادرة على فرض شروط التهدئة او التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار. بدأ نتنياهو حربه الوحشية لكن المقاومة هي الوحيدة القادرة على انهائها بشروطها.
ما هي خيارات (اسرائيل)؟ نتنياهو امام خيارين لا ثالث لهما، التقدم الى الامام والتصعيد او خيار التراجع، وفي الحالتين سيسقط بالضربة القاضية إذا استطاعت فصائل المقاومة فرض شروط التهدئة والتوصل الى تفاهم خارج التجاذبات العربية - العربية وتصفية الحسابات مع حماس.
في الختام باختصار، استطاعت فصائل المقاومة الباسلة شل حركة جيش الكيان المحتل ونجحت القوة الصاروخية على شل الحركة داخل الكيان. كابوس غزة اوقع نتنياهو في مأزق يمكن ان يطيح برأسه كما اطاحت حرب عناقيد الغضب 1996 برأس شيمون بيريز وحرب تموز 2006 برأس ايهود اولمرت.


* رضا حرب - المركز الدولي للدراسات الامنية والجيوسياسية (www.cgsgs.com)