قراءة في العدوان على غزة..

الثالوث: الصهيوني الوهابي الخياني واستهداف سلاح المقاومة

الثالوث: الصهيوني الوهابي الخياني واستهداف سلاح المقاومة
الإثنين ٢٨ يوليو ٢٠١٤ - ٠٧:٢٨ بتوقيت غرينتش

لعله من السابق لاوانه ان نتحدث عن الاسباب التي جعلت العدو الصهیوني یقوم بحماقته ویبدأ عدوانه علی قطاع غزة ویتحمل کل هذه الضربات والخسائر المادیة والبشریة.. بعد کل المکاسب التي حصل علیها خلال احداث الربیع العربي وما شهدته المنطقة من تغییرات سیاسیة وأمنیة واختفاء قوی وظهور قوی جدیدة. لکن في الوقت ذاته لابد من جهد تحلیلي یساعد في قراءة عقلیة العدو ومحاسبة افکاره من أجل استشراف خطواته اللاحقة سواء علی صعید المعرکة او ما بعدها، وکشف خیوط اللعبة والاطراف المشارکة فیها...

ظاهر الواقعة یقول ان الصهاینة بدأوا باستفزازات، فردت علیها المقاومة وتبعها رد من قبل العدو وتطور الموقف تدریجیا الی الحرب، او بالعکس بدأت الاستفزازات من المقاومة فرد الصهاینة علیها وردت المقاومة علی الرد الصهیوني و... هکذا حتی قامت الحرب!

لکن هذا الکلام لا یرقی حتی الی وصفه بالتحلیل، لان الحرب لیست نزهة، والطرفان يدركان خطورة هكذا لعبة ان اراد كيان او جهة ان يلعبها، خاصة وان العدو الصهيوني الذي بدأ بالعدوان، یعلم جیدا امکانیات عدوه والمقاومین وقد جرب ذلک من قبل مرتین وقبل فوضی الربیع العربي التي - بالتاکید - استفادت منها المقاومة لتحسین وضعها العسکري والامني..

ومن هذا المنطلق، لابد من البحث عن اسباب حقيقية للحدث، بالضبط کما حصل في قراءة عدوان تموز عام 2006 علی المقاومة الاسلامیة في لبنان بذريعة عملیة الوعد الصادق وأسر جندیین اسرائیلیین!
اذا، لماذا شن الصهاینة حربهم الاخيرة علی القطاع وتحملوا کل هذه الصواریخ وهذه الخسائر في الارواح والارقام...؟

حسب اعتقادي وکما تشیر المعطیات الموجودة، کانت هناک جملة أهداف للعدوان بعضها رئیسي وآخر فرعي او کما یقال بالعرض وسأبدأ من النوع الثاني، اي الاهداف الفرعیة او العرضیة:

1- کان لابد من ملامسة واقع المقاومة وقوتها والمدی التي وصل الیها تسلیحها وامکانیاتها، خاصة وانه کما اشرنا مضی وقت علی العدوان الاخیر وشهدت المنطقة متغیرات کبیرة سیاسیا وامنیا، واعادة انتشار واصطفافات للقوى واللاعبين فيها.
2- اختبار القدرات الدفاعیة (من قبل العدو) وخاصة منظومة القبة الحدیدیة التي تم صرف مليارات الدولارات علیها وتجربتها في حرب حقیقیة، لسدّ المعایب التي تظهر فیها استعدادا لحرب اکثر شراسة وضراوة.. ومن هذا المنطلق جاءت المساندة الامیرکیة الاولی باکثر من 230 ملیون دولار لمعالجة هذه الثغرة، بعد اتضاح عيوبها خلال العدوان.
3- افراغ ترسانة المقاومة من العتاد والصواریخ وضرب اکبر عدد ممکن من مواقعها وخطوط تموینها وقیاداتها وقاعدتها الجماهیریة...
4- الهاء القطاع وبشکل مستمر بالمشاکل الحیاتیة العادیة، للحیلولة دون تطویر طموحات المواطن الغزاوي وحکومته وتنمیة البنی التحتیة الموجودة فیه، لذلك نرى العدو يستهدف تفاصيل الحياة العادية كما يستهدف الجهد العسكري الذي يواجهه.
5- اختبار منظومة العمل الاقلیمي الحلیف ( دول وجماعات ومراكز استخبارية ودعائية و...) من حیث توزیع الادوار والتنسیق والمهام، وقدرات کل حلیف وامکانیاته من أجل اکتشافها وتطویرها ووزنها بشکل دقیق.
6- تغطیة بعض الأنشطة الاخری للعدو نفسه ولحلفائه فی جبال القلمون وغوگئ چمشق والموصل، وحرف أذهان الرأي العام او حتی صانع القرار، لتخفیف الضغط عن الحلفاء اولا وکسب انسحابات لجبهة المقاومة بأعتبار ان فلسطين تشكل اولوية بالنسبة لها ثانیا.

لکن الذي یعرف طبیعة الشخصیة الصهیونیة والغربیة، لن یکتفي بهذه الأهداف العرضیة بالنظر الی الخسائر التي منيت بها دویلة الاحتلال، حیث تحولت کل مدنها الی ساحة معرکة وجعلتها صواريخ المقاومة بمعزل عن العالم بعد ان رفضت اغلب شرکات الطیران تسییر رحلاتها (بأستثناء الخطوط البريطانية والاردنية!!) وتوقف العائدات السياحية التي تشكل عائدا اساسیا في اقتصاد الکیان الاسرائیلي، ناهیک عن المصروفات الیومیة للحرب وتحریک القطعات العسکریة واستهلاک الذخائر.. رغم ان التقاریر اظهرت وبشکل "متواتر" ان ثمن العدوان مدفوع سلفا من دول النفط العربي، مقابل انهاء اسطورة المقاومة بجمیع فضائلها.. هذا الهدف الذي یجتمع علیه الامیرکي والاوروبي والصهیوني والعربي المتخاذل!

خلع سلاح المقاومة هو المشروع الذي بدأ بحرب تموز 2006 والذي شارکت فیه بلدان عربیة معروفة وصفت دفاع المقاومة بـ"المغامرة" وقوی لبنانیة مرتبطة بما كان يسمى محور "الاعتدال" العربي، نراه الیوم یتکرر في غزة ومن نفس القوی والبلدان والجماعات والذي جعله الصهیوني ومن یتحالف معه ثمنا لوقف عدوانه وفك الحصار المفروض منذ سنوات على القطاع...

والغریب في الأمر أن الدعوة الی نزاع سلاح المقاومة سواء في لبنان او فلسطین ومن قبل قوی ودول معروفة بعداءها لکل حرکة تحرر ومقاومة وحلیفة منذ نشأتها للقوی الاستعماریة، تأتي في وقت تقدم فيه هذه الدول والانظمة كل انواع الدعم لجيوش المرتزقة والتکفیریین الذین یدمرون سوریا والعراق ویهددون بتدمیر مصر ولبنان وتشکل غطاءاً استخباریاً وسیاسیاً لهم فضلاً عن الامداد بالمال والنفر.

أجل، هدف الکیان الاسرائیلي ومعه أمیرکا وأوروبا والسعودیة والامارات والأردن و... الی آخر حبل الخیانة الممدود من طنجة الی مضارب بیت الاحمر في الیمن هو نزع سلاح المقاومة، کل المقاومة دون استثناء، علی اختلاف انتماءها المذهبیة والفکریة والسیاسیة، وفي جمیع الساحات والبلدان، والابقاء علی المنطقة العربیة والاسلامیة عرضه لهیمنة الثالوث المشؤوم الذي تحركه اصابع البيت الابيض: الصهیونیة والوهابیة والحکام المأجورین الخونة!!

بقلم: علاء الرضائي