غزة.. واستراتيجية صمت القبور العربية!

غزة.. واستراتيجية صمت القبور العربية!
الجمعة ٠١ أغسطس ٢٠١٤ - ١٠:١١ بتوقيت غرينتش

بدون مقدمة، فإن جميع الانظمة العربية التي سبقت اعلان كيان الاحتلال الاسرائيلي على ارض فلسطين (1948) كانت عميلة ومتواطئة مع الصهاينة وحواضنهم الاستعمارية (بريطانيا، فرنسا، اميركا و...)..

وما حرب الـ 1948 ـ 1949 التي قامت بها سبعة بلدان عربية والتي لم تحصد غير الذل للعرب وتكريس الهزيمة لهم كانت لذر الرماد في عيون الجماهير والشعوب العربية واستمرارية تلك الانظمة وبقاءها، لكن النكبة قضت عليها واحدا تلو الآخر، باستثناء الانظمة الطاعنة في العمالة والتبعية والتي ضمنت بقاءها بالولاء للصهاينة حماة عروشها.. ومن هؤلاء الاردن الهاشمي والسعودية الوهابية والمغرب الحسني.. طبعا الشقيقات الخليجيات الاربعة (الكويت وقطر والبحرين والامارات) لم تكن حينها موجودة والا كان لها دور في العمالة!!

وباستثناء حرب 1973، التي بدأ العرب (سوريا ومصر) فيها مهاجمين وانتهت باتفاقية فصل القوات الخيانية ومن ثم زيارة السادات للقدس وسط تصفيق الصهاينة عام 1977 وبالتالي التوقيع على اول اتفاقية خيانة علنية بين العرب وسفاحيهم في كامب ديفيد عام 1978، فإن العرب والذين يحملون خناجرهم في محزمهم ويتقلدون سيوفهم منذ فجر تاريخهم ويتراقصون بها كل صباح ومساء! لم يتقدموا خطوة للحرب من اجل استعادة حقوقهم ودفع الضيم عن انفسهم وانتزاع حرة لهم من يد الصهاينة.. اقتتلوا بينهم حتى مل القتل منهم وحرضوا العالم على بعضهم حتى اصبحوا مثلا في الخيانة والتآمر على بعضهم..

اما حرب 1956 والتي تعرف بالعدوان الثلاثي وحرب 1967 والتي تعرف بالنكسة وقد اكمل فيها الصهاينة احتلال باقي التراب الفلسطيني بما في ذلك القدس والجولان السوري وسيناء المصرية، فقد كانت بهجوم من طرف الصهاينة وكانت نتيجتها الهزيمة للعرب!

وتستمر الآلام ...

فما الذي فعله العرب لاجل فلسطين؟ قدموا معونات انسانية ومساعدات مالية؟! انهم يقدمونها لشعوب أخرى لسبب وحتى بدون سبب.. وهؤلاء امراءهم ينفقون ملايين الدولارات من اجل ليلة في احضان عارضة ألمانية هرمة أو لقاء 15 دقيقة مع ممثلة هوليودية!!
مالذي فعله العرب منذ سبعة عقود غير الخيانة والصمت والاستنكار والشجب والكذب والنفاق.. ماذا فعلوا حتى يتحدثوا عن حلول اخرى وخيارات غير "المبادرة العربية للسلام"!! متى قاتلتم حتى صار خياركم الان هو السلام؟!

ان الذي يسمع اصرار الاعراب في البلدان الخليجية وتصريحات صعاليك الجزيرة العربية وتأملات المأجور الاكبر نبيل العبري على سفك الدم السوري ومن قبل حشدهم لكل القوى لاستقدام الناتو الى ليبيا التي تحترق اليوم على وقع مؤامراتهم وعمالتهم وما يقوم به السعوديون والاردنيون اليوم تجاه العراق.. يدرك جيدا مدى العهر التي وصلت اليه هذه الانظمة وان ما قاله شاعر العراق الكبير مظفر النواب في قصيدته "القدس عروس عروبتكم..." كانت افضل وصف لحال هذه الانظمة الاعرابية.

ان الصفحة الناصعة الوحيدة في تاريخ هذه الامة، هي المقاومة في لبنان وفلسطين ومحور الممانعة وعيد التحرير في 25 ايار 2000 والوعد الصادق في تموز 2006 والصمود بوجه العدوان على غزة في 2009 و2012 وما يجري اليوم..

المقاومون هم الوحيدون الذين جعلوا المحتلين الصهاينة يهربون من الاراضي التي احتلوها بدون اتفاقيات تسوية وذل وخيانة.. جعلوهم يفرون امام صيحات الله اكبر ويا حسين.. امام قلوب لاتعرف الخوف والخشوع الا لله، واكف لا تعرف المصافحة مع القتلة واحفاد القردة والخنازير...

هذه الصفحة المشرقة الوحيدة في تاريخ العرب الحديث، الملئ بالتكفير والذبح وبول البعير وجهاد النكاح، يحاول الاعراب اليوم ان ينتزعوا منها سلاحها وصواريخها التي دكت قلاع الصهاينة في تل ابيب والقدس وحيفا وعسقلان والنقب و...

يريدون ان يقتلعوا صفحة الفخر هذه ليتساوى الجميع في الخيانة والذل، لعبة جربوها مع المقاومة الاسلامية في لبنان، لكن احفاد علي بن ابي طالب (عليه السلام) كانوا لهم بالمرصاد...

ان استراتيجية الصمت والذل والخنوع الاعرابية يجب ان لاتستولي على الجماهير العربية، بل لابد من محاصرت مقابر الصمت العربي بالهتافات والحجارة التي هزمت دبابات العدو في انتفاضتين سابقتين.. واول حواجز الصمت التي تكسر هي الضفة الاقرب الى غزة من كل جانب.. لابد من انتفاضة ثالثة، انتفاضة مسلحة تحاصر العدو من جبهتين على ان تفتح جبهة الجولان لاحقاً..

ان العدو الذي ظهر عجزه امام صمود شعب غزة سيكون اكثر عجزاً امام جبهتين اخرتين تنتزعان منه الحق المغتصب والمكبل بأتفاقيات كامب يفيد ووادي عربة واوسلو الخيانيات...


بقلم: مروة ابو محمد