عالم ما بعد الأحادية

عالم ما بعد الأحادية
الثلاثاء ١٩ أغسطس ٢٠١٤ - ٠٩:٥٠ بتوقيت غرينتش

نحن كنا ولا نزال في حالة حرب ومجابهة ومواجهة وكر وفر وشد وجذب و معارك محتدمة بيننا نحن العرب والمسلمين وبين الغربيين بزعامة واشنطن.

هذا من جهة واما من جهة اخرى فانه بات ثمة ترابط قوي وقوي جدا بين كل ما يجري على امتداد وطننا العربي والاسلامي من صراعات او حروب او معارك وبين ما يجري على ارض فلسطين بعد ان ثبت بالدليل القاطع والملموس بان كل ما يقوم به التكفيريون والارهابيون في بلادنا انما هو من فعل جنود وبيادق تعمل بالوكالة عن تل ابيب وواشنطن.
من هنا فان ما يحصل في فيينا او جنيف على سبيل المثال بين الايرانيين والامريكيين حول الملف النووي قد تجد انعكاسه في ميادين المواجهة في سورية او لبنان او اليمن او العراق او فلسطين.
والعكس قد يكون احيانا فان نجاحا لمعركة في غزة قد تنعكس على حراك سياسي في لبنان او ايران او سوريا او اليمن او العراق وهكذا دواليك.
هذا الكلام في الاستراتيجيا لا يجوز ولا ينبغي تسطيحه و تبسيطه بوعي او دون وعي ليصبح مادة للمناكفة او التنابذ او المعاتبة او تحميل اطراف جبهة المستضعفين لبعضهم البعض ما يخطط له العدو حسب اجندته ضدنا جميعا.
اذا قاوم المفاوض الايراني في جنيف دفاعا عن حقوقه الوطنية وقرر العدو مهاجمتنا في غزة نقول وما ذنب الفلسطينيين ليدفعوا ثمن استحقاق ايراني!
هذه الامور قد تحدث احيانا بمبادرة من العدو واعية وقد تحدث تدحرجا ورغما عنه، بما يعني ان مقاومتنا او صمودنا هو الذي دفعه ليفتح جبهة اخرى.
أمر آخر حول هذا الترابط في الحبهات يتم التداول فيه بشكل سطحي ومبسط واحيانا مغرض.
فمثلا كلما اشعل العدو جبهة في الصراع في ميدان من الميادين تتعالى اصوات هنا او هناك لماذا لا تفتحون جميع الجبهات المقاومة مرة واحدة؟
هذا الامر ايضا لا يمكن السيطرة عليه او التعاطي معه بهذه البساطة فهو يعود لعوامل عدة و له ابعاد مختلفة و يتم حسابه من اكثر من زاوية وعندما يتخذ قرار التدخل الجماعي او عدمه انما يكون ذلك بعد محاسبات في غاية الدقة وبالتشاور مع كافة الاطراف المعنية بالترابط.

موجة الغضب العالمي ضد العدوان الاسرائيلي

ما يجري اليوم من عدوان ممنهج ومنظم و مركز و بناء على مخطط جهنمي من قبل العدو الاسرائيلي الصهيوني وسيده الامريكي على مجتمعاتنا وشعوبنا وجيوشنا ودولنا العربية والاسلامية تحت راية التكفير انما هي حرب اشغال أواستنزاف وانهاك وزرع فوضى ودأب قوي وشديد لحرف بوصلة الكفاح في بلداننا عن جبهتها الرئيسية التي ينبغي ان نطلق النار عليها مجتمعين اي الكيان الصهيوني الاستعماري المحتل.
بعد هذه المقدمة الضرورية نستطيع تلخيص ما يجري من حروب بالوكالة ضدنا بالعناوين العريضة التالية لكن الموجزة:
عدوان تل ابيب بدعم امريكي على غزة ممكن ان يكون ردا على فشله في اخضاعنا في العراق.
ارسال دواعشه وتكفيرييه الى العراق قد يكون ردا على نجاحنا في افشال مؤامراته في سوريا ولبنان.
تحريك جبهة عرسال والبقاع قد تكون ردا على مقاومتنا البطولية له في غزة ورفضنا العودة عن قرارنا في استمرار دعم ومساندة سوريا واختيار الرئيس المناسب للبنان بقرار وطني لبناني مستقل.
او ان سبب فتح هذه المعارك كلها مرة واحدة ضدنا لاننا مثلا كمحور مقاومة رفضنا التخلي عن التضامن مع ايران وحقها كدولة مسلمة عالم ثالثية في ان يكون لها مشروع نووي كامل حتى ولو كان للاغراض السلمية.
ان امريكا وحلف الاطلسي والغرب الاستكباري الاستعماري يخوضون معاركهم بهذه الطريقة وهذا الفهم.
وهم قد دونوا هذا في منظومة الحلف الاطلسي ببنود واضحة ومعروفة وشفافة لا تقبل التفسير او التأويل.
بالمقابل فان علينا ان لا نخجل ولا نترك لاحد ان يدخل الى قلوبنا الشك او الوجل بان جبهتنا واحدة ومعركتنا واهدافنا واحدة من الموصل الى غزة ومن كسب وحلب الى جبل عامل بل والى اليمن والبحرين والحجاز.
هذا هو عنوان المرحلة الانتقالية الراهنة من عالم ينهار هو عالم الاحادية الامريكية الى عالم ينهض هو عالم التعددية القطبية التي سنشكل نحن محور المقاومة قطبا اساسيا فيها.
انه الحلم الذي يقترب ان يصبح حقيقة بعد القضاء على دواعش الداخل لنمضي سويا لمواجهة دواعش الخارج.

محمد صادق الحسيني