السوريون في تركيا: "الي بیطلع من دارو بقل مقدارو.."

السوريون في تركيا:
الأربعاء ٢٧ أغسطس ٢٠١٤ - ١٠:٥٩ بتوقيت غرينتش

استفزتني الأخبار التي تداولتها یوم أمس بعض الوکالات والمواقع حول "هجوم مئات الاتراك بالسواطیر والسکاکین على متاجر وسیارات تعود لسوریین" في عاصمة الخلافة العثمانية اسطنبول، والذي ادى الى جرح بضعة سوريين وتدخل الشرطة،

 ورغم ان الخبر کان فیه الکثیر من المبالغة علی عادة الاعلام العربي وموجه سیاسیا نحو ترکیا (وبالضمن الاخوان المسلمین وقطر) وزيادة في كمية التوابل التي يعشقها الخليجيون، خاصة وان هذه المواقع اکثرها سعودي واماراتي، الاّ انه جعلني افکر ثانیة بالکتابة عن مشاهداتي فیما یتعلق باللاجئین او الهاربین او المساکین (سمّهم بما شئت حسب اتجاهك السياسي) السوریین في ترکیا، وفي اسطنبول التي زرتها خلال شهر رمضان الأخير.

تقول الاحصائیات ان هناك اکثر من ملیون سوري في ترکیا قرابة 300 الف منهم مسجلون في مخیمات اقیمت لهم قرب الحدود السوریة، فيما انتشر الآخرون داخل المدن والبلدات.

ویظهر ان حصة اسطنبول من السوریین کانت کبیرة، لغاية في نفس حكومة اردوغان.. ففي کل شارع وساحة وجزيرة ومقهی تجدهم، کثیرون منهم یمتهنون التسوّل والسؤال من الآخرین، خاصة اذا رأوك بملامح وملابس عربیة.. یباشرونك بالعربي ..انا سوري ..غریب .. ترکت مدینتي وقریتي و ... الی آخر الترنیمة التي یحفظها جمیعهم...

کل من زار سوریا یشعر بالحنق والحقد والغضب علی المعارضة العملیة التي غررت بهذه الناس المسکینة وجعلتها "تشحت" بین السیاح تحت اشعة الشمس اللاهبة، فيما اصحاب المحلات والمطاعم والاتراك یطردونهم كما يطرد الذباب لکي لا یضایقوا السائحین..!

سوریا التي استضافت مئات الالوف، بل الملایین من اللاجئین الفلسطینیین والعراقیین والاتراك والیمنییین... وکل من ضاقت به الارض في بلاد العرب المليئة بالاصنام، لم یکن لتجزی هکذا حکومة وشعباً، مؤیدین ومعارضین.. بالطبع قیادات المعارضة العملیة هي جزء من هذا المشروع التدمیري بحق سوریا.. هذه المعارضة التي تعیش علی آلام شعبها وتتاجر بمآسیه وتتمترس بأرقی فنادق دولة الخلافة العثمانیة الجدیدة!

في اسطنبول، هناك انواع من السوریین، تجار احتلوا مکانتهم في السوق الترکیة، وجمیلات تحولت الی سلعة تباع وتشتری في النوادي الليلية، وشباب يسكن المقاهي بانتظار فرصة عمل ثم يضطر للالتحاق بالمسلحين من العوز والحاجة، واغلبیة مسحوقة بعضها استطاع ان یجد مجالا للکسب فصار يبيع" الکفتة الترکیة " و" السمیت " في "تکسیم" او "تقسيم" كما يحلوا للعرب لفظها، واطرافها.. او بالقرب من آیا صوفیا ویني جامي وغراند بازار، اما الغالب فهم من یستجدون الناس من " بیوك ادا " في جزر الامیرات جنوباً حتی اعالي البوسفور شمالا ً...
 

ملابس رثّة.. ووجوه مغبرة..
ما اسمك... ؟
علي.
من اي مدينة في سوريا...؟
من حلب ..
من هذه التي معك؟
اختي ..
کم تکسبان في الیوم ؟
یتبع .. عشرون ، ثلاثون لیرة .. واحیانا ولا شئ!

لماذا انت هنا.. لماذا لا تعود الى حلب؟

ينظر بو جهك ويتمتم لا استطيع!

هل رأيت زعيماً في المعارضة.. ألم يتفقدوكم ويقدموا لكم شيئاً؟

لا اعرفهم!
...

وشکل شهر رمضان فرصة لهؤلاء الاطفال والنسوة، بلدیة اسطنبول تقیم کل یوم مائدة افطار في ساحة " تکسیم " فکان هؤلاء الاطفال والنسوة روادها ویالیتکم کنتم ترون البهجة علی وجوه الاطفال وهم یتناولون ما یقدم لهم من عصائر وبسکویت ووجبات سریعة!
 

غدروا بهم.. وعدوهم بالجنة ثم ساقوهم الی النار.. هذه حکایة المغرر بهم علی ید المعارضة والانظمة الخلیجیة وترکیا من ابناء سوریا.. وقدیما قیل " الي بیطلع من دارو بقل مقدارو "... صدق السلف!

بقلم: مروة ابو محمد