الیمن.. هل سيقلب الاصلاح طاولة اللعبة على هادي والحوثي؟

الیمن.. هل سيقلب الاصلاح طاولة اللعبة على هادي والحوثي؟
السبت ٠٦ سبتمبر ٢٠١٤ - ٠٨:٢٧ بتوقيت غرينتش

یری كثیرون ان حلّ حكومة الوفاق في اليمن والتي تشكلت اثر الاطاحة بالرئیس السابق علي عبد الله صالح في 2012 من قبل الرئیس الحالي عبدربه منصور هادي، هدفها بالاساس خلق موازنة جدیدة في الیمن تقضي علی هیمنة حزب الاصلاح الاسلامي (الأخوان المسلمین) علی الحكومة وبالتالي، افراغ الساحة الیمنیة من التأثیرات القطریة...

هذا التوازن الجدید يعكس افاق التفاهم الاقلیمي القادم بین ایران والسعودیة وبدعم امیركي.. مما یبعد جنوب المملكة العربیة السعودیة عن خطر الارهاب القاعدي والداعشي ویقضي علی نفوذ غریمتها قطر (الداعم الرئیس للأخوان المسلمین) في الیمن.. رغم ان القلق السعودي یبقی قائماً من تصاعد النفوذ الحوثي الذي تنظر الیه الریاض بعین الریبة والشك والاتهام بتنفيذ اجندات ايرانية!... لكنها (الرياض) تأمل من خلال هندسة الوضع الداخلي في الیمن الحدّ من هذا النفوذ..

هذه الهندسة بدأها الأمیركان مع سقوط نظام الرئیس صالح بهیكلة جدیدة للجیش واقصاء العدید من قیاداته القدیمة والمجئ بآخرین.. فكانت أحد أهم نتائج هذه الهندسة اقصاء اللواء علي محسن الاحمر زعیم العسكر والمیلیشیات القبلیة في مواجهة الحوثیین خلال الحروب الستة التي قامت بین الحوثیین وحكومة صالح وحرب دماج الاخیرة التي انتهت بخروج التكفیریین من وادي دماج...


كما تقضي الخطة الأمیركیة السعودیة الجدیدة بتنشیط دور الرئیس السابق علي عبدالله سابق علی الصعید القبلي واستغلال نفوذه في المؤسسة العسكریة، لخلق قوة قبلیة من حاشد تقاسم الحوثیین السلطة والنفوذ في مناطق شمال الیمن... علماً ان الابقاء علی نسبة محددة من النفوذ لحزب الاصلاح سیبقی التهدید قائماً امام الحوثیین وامكانیة اثارة صراع معهم في ایة لحظة یراها الامیركیون او السعودیون مناسبة!


ورغم ان حلّ حكومة الوفاق یعتبر انقلاباً علی احزاب اللقاء المشترك ایضاً المكون الرئیس في صیغة حكومة الوفاق التي جاءت بالرئیس هادي الی سدّة السلطة، وهي احزاب یساریة قریبة من الحراك الجنوبي، الاّ ان نتیجة هذا الحلّ ستكون لصالح القوی المساندة للحراك، اي الحوثیین وبالتالي ابعاد الحراك من اي انفصال بسبب شعوره بالقوة داخل الحكومة لوجود قوى يتفاهم معها.

وفي ظل هذا العرض لخارطة التحالفات والاصطفافات في الساحة الیمنیة یبقی السؤال الاساس، هو: الی این تسیر الامور بین حكومة هادي والحوثیین والاصلاح ؟ وهل سیستجیب هادي لمطالب الحوثیین ام سیقبل الحوثیون بمبادرة جدیدة لحلّ الازمة ؟ وما هي احتمالات الحرب التي تدور حالیا سلمیا بین الحوثیین والاصلاح قبل ان تكون بین أنصار الله وحكومة الرئيس هادي؟

سوف ابدأ من النقطة الاخيرة.. فأحتمالات الحرب بين الدولة وأنصار الله لاتزال ضعيفة لسبب بسيط وهو قوة الحوثيين وقدرتهم على احتلال العاصمة وتغيير موازين القوى في البلد، مما سيولد فوضى تفتح شهية القاعدة على اعلان دولة خلافة في اليمن على غرار دولة الخلافة الداعشية في العراق والشام، وقد ينتهي الأمر بانفصال الجنوب، وهو مالا تريده أغلب القوى الاقليمية والدولية لاسباب تتعلق بمصالحها وأمنها.. مع انه قد تدفع بعض القوى في المنطقة بميليشيا حزب الاصلاح ووحدات موالية لآل الأحمر وقوى سلفية تريد الانتقام الى اقتتال مع الحوثيين تكون نتيجته اضعاف الحوثيين والاصلاح معاً لصالح القوى المدعومة من السعودية..

وأعتقد ان المراهنة حتى على التدخل الدولي في اطار الناتو او درع الجزيرة لن يكون واقعياً، ومن الصعب حصوله في الظروف القائمة لانشغال المجتمع الدولي وتشتت اهتماماته بين اوكرانيا وتصاعد الصراع بين الناتو وروسيا وليبيا والعراق وسوريا ونيجيريا والهدنة في غزة والملف النووي الايراني، أما درع الجزيرة الذي يعاني بالاساس من الضعف في القوة والتشتت في المواقف السياسية فمن الصعب ان يفتح جبهة جديدة على نفسه مع وجود جبهة البحرين والوضع في مصر والعراق وسوريا ومخاوف الخلايا التكفيرية النائمة في بلدان مجلس التعاون والتي تعلن السعودية في كل يوم كشف المزيد منها!

وعلی هذا الاساس ستبقی الادوات السلمیة في الصراع هي سیدة الموقف وستبقی جولات التفاوض والوفود القبلیة والحزبیة هي من یمسك بزمام الأمور الی حین التوصل الی صیغة تعترف بسلطة الحوثیین في الشمال ومشاركتهم في الحكومة وتعدل من هیمنة الاصلاح واللقاء المشترك وتجعل من الرئیس هادي وقوی سیاسیة وقبلیة جدیدة بیضة القبان في أیّة صیغة سیاسیة تحكم الیمن مستقبلا...

والی حین البحث عن مخرج یحفظ ماء وجه الرئیس سیكون التصعید سید الموقف الحوثي لیبرر انهاء هیمنة الاصلاح علی القرار الحكومي في الیمن... فما سلبته حكومة التوافق من سعادة تاریخیة للیمن قد تعیده هتافات المعترضین السلمیین ورقصاتهم بالخناجر الیمنیة المعروفة في ساحات الاعتصام خاصة وان الحكومة خفضت سعر صفیحة الوقود 500 ریال في أول خطوة لها استجابة لمطاليب المحتجين على الجرعة!!

*علاء الرضائي/ الوقت