العراق.. حكومة الزعامات!

العراق.. حكومة الزعامات!
الأربعاء ١٠ سبتمبر ٢٠١٤ - ٠٨:٠٣ بتوقيت غرينتش

واخیرا اجتمع الساسة العراقیون لیضعوا اللمسات الاخیرة علی سیناریو الحكومة العراقیة الجديدة ویوزعوا الادوار بین صقور الكتل السیاسیة.. فلا وجوه تغیرت ولا دیمقراطیة حكمت ولا وزارة رشقّت ولا كفاءة استقدمت!

الجمیع ساخطون وفي نفس الوقت یهنئون بعضهم ویقبلون التهاني بمناصبهم الجدیدة حتی لو كانت دون الطموح وضمن مسار تراجعي.. قالوا ان ذهاب "زید" سینهي المحاصصة ویقلل الاحتقان الطائفي فما ان ذهب "زید" او بالاحرى غير موقعه، الاّ وازداد الاحتقان واستفحل التشظي وارتفعت سقوف المطالبات غیر الواقعیة..

علی سبیل المثال مكون لا یتجاوز 17% من شعب العراق الممتد من زاخو الی فاو.. معظم اراضیه قاحلة وصحراویة ولا یسيطر ساسته الذين يمثلونه على مركز محافظة واحدة، یطالب بـ (40%) من السلطة ودوائرها في الدولة!
وآخر بنی لنفسه دولته التي یحلم بها یرید 25% من میزانیة العراق التي یأتي 90% منها من المحافظات الجنوبیة الثلاث ( البصرة - میسان - ذي قار ) وهو لا یمثل سوی 13% من السكان...
في مثل هذه الاجواء السیاسیة وبضغط الارهاب الذي یحتل ثلاث محافظات ویهدد ستة اخریات.. ومع بدایة غزوة غربیة جدیدة تحت مسمی "الحرب ضد التطرف" تسعی من خلاله امیركا والناتو الی تغییر ملامح منطقة الشرق الاوسط والعراق في صلب هذا المشروع الجدید، بل ركن اساسي فیه.. تأتي حكومة السید حیدر العبادي..

هذه الحكومة التي علیها مهام جسیمة، منها ما یتعلق بأعادة اللحمة بین جمیع المكونات العراقیة بما یحفظ وحدة التراب العراقي ودون تنازلات تدفعها الاغلبیة في الوسط والجنوب او تضحیات تستنزف ثروتها ودماء ابناءها..
ومنها ما یتعلق برفع مستوی الخدمات والتقلیل من المشاكل والصعوبات التي یواجهها المواطن العراقي علی صعید الماء والكهرباء والسكن والعلاج والخدمات البلدیة والطرق و...الی آخر القائمة الطویلة...
ومنها ایضاً اصلاح شؤون الحكومة ودوائرها والوزارات، وبعبارة اوضح تقلیل حجم الفساد، لان القضاء علیه یحتاج الی زمن اطول بسبب تجذره واشاعته!
وعلی صعيد السياسة والتحديات الخارجية على الحكومة مهمتین اساسیتین:

1- دفع الخطر الغربي الداهم الذي یجعل العراق ساحة لتصفیة حسابات اقلیمیة وتحقیق اهداف استعماریة خاصة فیما یتعلق بالوضع في سوریا ومحاولة جرّه بقوة الی سیاسات الناتو وتهدیده بالارهاب الداعشي والبعثي في حال عدم رضوخه لمطالیب الامیركان..
لذلك لابد من التمسك بقوات الحشد الشعبي المستندة بدورها الى ارضية صلبة نابعة عن موقف المرجعية العليا في النجف الاشرف، باعتبارها واحدة من عناصر القوة في مواجهة المخطط الغربي - الاقلیمي المریب.

2- الانفتاح علی المحیط الدولي والاقلیمي من خلال سیاسة حیاد ایجابیة یمكنها ان تستفید من اجواء التنافس الدولي والاقلیمي لما یعزز من موقع العراق في الاقلیم والعالم.
هذه السیاسة التي من الصعب جداً تطبیقها في ظل تباین مواقف المكونات الرئیسیة في الدولة العراقیة، ولعل هذا ما یفسر ارسال كل فریق بصقوره الی السلطة والحكومة.. فیقف المالكي وعلاوي والنجیفي في موقع تشریفي لا حول له ولا قوة في السلطة العراقیة!
وهكذا بالنسبة لنواب رئیس مجلس الوزراء ( المطلق والاعرجي وزیباري ) فلم یعد یكفي ان یرسل كل فریق بمن یمثله في الحكومة.. ان شراسة المعركة تتطلب تواجد الزعیم بنفسه!
لذلك يمكن وصف الحكومة العراقية الجديدة بأنها "حكومة نجوم وزعامات" الكتل التيارات والاحزاب، اذا اتفقت ستسحق من يقف امامها وان اختلفت ستدمر البلاد والعباد، لان كل جهة منها تجد من يقف خلفها في الاقليم والعالم..

نرجو ان یكتب لحكومة الزعماء هذه النجاح بما یحقق الأمن للعراق والازهار والرفاه لشعبه، لان فشلها یعني فشل جمیع القیادات والعملية السیاسیة التي يتربص بها الحاقدون على التغيير، بینما الشعب یدفع من دماء أبناءه في مواجهة الارهاب ومن حیاته في ظل تردي الاوضاع وسوء الخدمات..

* علاء الرضائي