الحرس الوطني العراقي والقراءات المتباينة

الحرس الوطني العراقي والقراءات المتباينة
الأحد ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ - ٠٦:٢٤ بتوقيت غرينتش

في يوم الاثنين 8 أيلول / سبتمبر الحالي منح مجلس النواب العراقي ثقته لحکومة رئيس الوزراء حيدر العبادي باستثناء وزارتي الدفاع والداخلية، وبعد ساعات، اي في يوم الثلاثاء 9 ايلول / سبتمبر عقد مجلس الوزراء، جلسته الأولی واقر فيها إعداد مشروع قانون تأسيس قوات الحرس الوطني وتنظيم موضوع المتطوعين من الحشد الشعبي، علی أن ينجز خلال اسبوعين.

الاهمية التي اولاها رئيس الوزراء العبادي لموضوع تشکيل الحرس الوطني والسرعة التي تم فيها إقرار المشروع في الجلسة الاولی لمجلس الوزراء، اثارت العديد من التساؤلات حول الاسباب التي دفعت الحکومة العراقية الی ايلاء هذا الموضوع کل هذا الاهتمام، والاهداف المتوخاة من هذا الامر، وزادت علامات الاستفهام حول الموضوع مع ازدياد القراءات المتباينة للاحزاب والتيارات والتنظيمات التکتلات والشخصيات السياسية العراقية  له.

صحيح، ان قضية تاسيس الحرس الوطني، جاءت ضمن البرنامج الحکومي للعبادي وصادق عليه مجلس النواب، وتم تبني القضية من قبل التحالف الوطني واتحاد القوی العراقية والقوی الکردستانية، الا ان فهم کل هذه التحالفات والقوی العراقية لموضوع الحرس الوطني، ليس فهما واحدا ، فکل منها لديها فهمها الخاص، والذي قد يتعارض مع فهم الاخرين، الامرالذي سيخلق صعوبات في طريق تنفيذ المشروع.

رغم ان من الصعب وضع تعريف دقيق للحرس الوطني ومهمته وصلاحيته و وضعه ضمن القوات المسلحة العراقية، الا انه وبشکل عام  عبارة عن جيش من المتطوعين من ابناء کل محافظة، يتم تدريبهم تدريبا عسکريا ليکونوا علی استعداد للدفاع عن محافظاتهم ومدنهم امام خطر الارهابيين.

بعض الذين يرفضون فکرة تاسيس الحرس الوطني، يعتقدون ان مثل هذه الفکرة في حال وجدت طريقها للتطبيق فانها ستکون بداية لتقسيم العراق، وهناك من رفضها لاعتقاده انها فُرضت علي الحکومة العراقية من قبل امريکا لاهداف امريکية مريبة، وهناک من وافق علي الفکرة  شريطة الا يکون هناك اي دور للمستشارين العسکريين الامريکيين في تنفيذها.

الموافقون علی الفکرة يعتقدون ان العراق بحاجة لتاسيس حرس وطني في کل محافظة وخاصة المحافظات السنية بعد التجربة المرة التي عاشها العراق اثر غزو "داعش" للموصل، ويری هؤلاء انه لو کانت هناك قوات عسکرية من ابناء محافظة الموصل لما وقع ما وقع، بعد ان تعرض الجيش العراقي لحملة تشويه منظمة علی مدی سنوات، من قبل البعثيين والتکفيريين وبعض المنخرطين في العملية السياسية، الذين صوروا لاهل الموصل، الجيش العراقي علی انه "جيش المالکي" و"جيش طائفي" وحتی "جيش محتل"، وهو ما خلق هوة بين الجيش العراقي واهل الموصل وباقي المناطق الغربية من العراق، استطاعت "داعش" من خلالها التسلل الی هذه المناطق.

اما مهام هذه القوات وطبيعتها فهناك من حصرها بالدفاع عن حدود العراق وحمايتها من دخول الارهابيين، وهناک من حصرها في الدفاع عن حدود المحافظات داخل العراق، التي يجب ان تمنح صلاحيات امنية واسعة تعميقا للامرکزية کما جاء في الدستور، حيث يتلقي الحرس الوطني اوامره من المحافظ مباشرة، فيما اعتبر اخرون الحرس الوطني شأنه شأن جميع التشکيلات علی غرار الحشد الشعبي، يکون بمثابة جيش رديف مرتبط بالحکومة المرکزية وعمله وطني لا يختص بمحافظة معينة.

جغرافياً هناک من حصر نشاط الحرس الوطني في المحافظات والمناطق الساخنة مثل الأنبار ونينوی وديالي وصلاح الدين، فضلاً عن مدن حزام بغداد الجنوبي والغربي والشمالي ومناطق شمال بابل وجنوب وشمال واسط وجنوب وغرب کرکوک، فيما عممه اخرون علی جميع محافظات العراق.

بعد کل الذي تقدم هناک حاجة لتوضيح طبيعة العلاقة بين الحرس الوطني وبين الجيش والشرطة وقوات الامن الاتحادية، وکذلک توضيح طبيعة الجهة التي يخضع لها هذا الحرس، هل هي مکتب رئاسة الوزراء، ام وزارة الدفاع ام المحافظة؟، کل هذه القضايا لابد من تشريحها وبأدق التفاصيل حتی لا تکون ملغومة وتنفجر في اية لحظة.

ان فکرة تاسيس الحرس الوطني العراقي وان کانت تحتوي علی الکثير من المحاذير، الا ان الواقع الحالي الذي يعيشه العراق قد فرضها علی الجميع، لذا لا يجب الأخذ بها علی علاتها، ولابد من ازالة اللبس الذي يعتري بعض جوانبها، ودراستها من مختلف الابعاد دراسة متأنية دقيقة، کي لا تتحول الي معول لهدم وحدة العراق وان يکون العراق الواحد الذي لا يقبل التقسيم هو البوصلة التي تحرک القائمين علی تنفيذها، عندها فقط يمکن ان تنعکس ايجابا علی الوضع الامني والسياسي والخدمي، وان تسحب البساط من تحت اقدام کل المتصيدين في الماء العکر، ومنذ سنوات وما اکثرهم، من الذين لا يملون الشکوی الزائفة واعتادوا تجسيد دور صاحب الحق المهضوم، وادمنوا عادة تحميل الاخرين مسؤولية کل ما يقع من کوارث، بالرغم من انهم من اکثر العوامل تاثيرا في وقوعها.

ماجد حاتمي- الوقت