السعودية تدفع بالقاعدة لمواجهة "الخطر" الحوثي!

السعودية تدفع بالقاعدة لمواجهة
الثلاثاء ٣٠ سبتمبر ٢٠١٤ - ٠٩:٣٥ بتوقيت غرينتش

لايحتاج الأمر الى كثير من العناء لمعرفة من هم المتضررين من انتصار القوى الجماهيرية مؤخراً في اليمن، هذا الانتصار الذي يحاول البعض تصويره طائفياً لأقلمة الصراع وتدويله وسوقه بأتجاه المزيد من التجزئة والتفتيت في الجسد اليمني والاسلامي بشكل عام، بهدف تكريس هيمنته وسلطته على المنطقة.

والمتضررون على نوعين، من هم ادوات داخلية تحركها اصابع خارجية، مثل:

حزب التجمع من أجل الاصلاح (السلفي التكفيري) وهو تنظيم تابع للاخوان المسلمين الذين تعتبرهم السعودية والامارات والبحرين ومصر ارهابيين "اشرار" على اراضيها وفي جميع انحاء العالم بأستثناء بلدين فقط هما: اليمن وسوريا، فهم في هذين البلدين حلفاء "أخيار"!!

والمتضررون ايضاً هم سلفيو الزنداني وخريجوا جامعة "الايمان" ومتحجروا "دماج" التكفيريون وجميع الزعامات العسكرية والمدنية والميليشيات القبلية المرتبطة بالمؤسسات الامنية السعودية وواجهاتها الدينية والاغاثية..

والمتضررون هم "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" الذي يدعي محاربة السعودية وتدعي هي وأميركا محاربته.. التنظيم أصدر بياناً وشريط فيديو يدعو فيهما الى "قطع رؤوس الحوثيين" وقتل كل من يتعاون مع الرافضة المجوس من جنوبيين ويساريين وحتى علماء أهل السنة.. فقتل الحوثيين الروافض انتصار للسنة والصحابة والمؤمنين، كما ورد في البيان:
"فإنه لايخفى على أهل السنة مايقوم به الحوثة الروافض من استكمال للمشروع الرافضي (الفارسي) في يمن الإيمان والحكمة، فقد كانت هذه النبتة الرافضية الخبيثة تنبت وتترعرع أمام مرأى ومسمع الجميع على اختلاف جماعاتهم ومسمياتهم، والأدهى من ذلك والأمر أن كثيرا من المحسوبين على أهل السنة والجماعة، بل ومن المحسوبين على العلم والفتوى كان لهم أثر كبير في تنامي هذه الجماعة الحوثية... واعلموا يا أهل السنة أننا اخوتكم تنظيم قاعدة الجهاد قد سللنا السيوف الحداد للدفاع عنكم وللذود عن حياضكم واننا نقول للرافضة لقد جئناكم بما لاطاقة لكم به، جئناكم بالحق الذي لاطاقة للباطل بتحمله، جئناكم نحمل أرواحنا على أكفنا ونرى بذلها في سبيل الله أعظم قربة إلى الله تعالى فأبشروا بما يسوؤكم فوالله الذي لايحلف إلا به لنجعلن ليلكم نهارا وصبحكم نارا، ولترون اشلائكم تتناثر ورؤسكم تتطاير".!!

والغريب في ان دعوى القتل التي نطقت بها القاعدة جاءت بعد اجتماع وزراء خارجية البلدان الخليجية الست مع وزير الخارجية الأميركي تحت عنوان "التعاون الاستراتيجي" في نيويورك على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة!

خطاب القاعدة لم يكن بدعة تكفيرية فقد سبقتهم الى ذلك القنوات التكفيرية السعودية وبالتحديد "وصال" و"صفا" التي تضم مجموعة لابأس بها من دعاة الفتن والتكفير الذين سقطوا من قائمة الحكومة السعودية في اناشيدها وترانيمها بشأن الحوار والتسامح بين المذاهب والاديان.. كما ان هذه الدعوة سبقهم أليها بعض "أهل العلم" او بتعبير أدق أهل الجهل ووعاظ السلاطين فأصدروا فتاواهم بالجهاد ضد الحوثيين الروافض دفاعاً عن السنة وأهلها المضطهدون في اليمن! ومن هؤلاء المدعو عبد العزيز الطريقي الذي غرد على "تويتر" قائلاً:
"جهاد" الحوثيين واجب واجتماع أهل اليمن على ذلك فرض، ومن وقف في صفّ الباطنية أخذ حكمهم ولو علّق المصحف في عنقه، لإن الإسلام عقيدة لا شعارات فقط، على حد قوله.

أجل.. بينما تدعي أميركا وحلفاءها الخليجيون أنهم يحاربون الارهاب الداعشي في العراق وسوريا، تقف أميركا والرجعية العربية في صف واحد باليمن الى جانب "القاعدة في جزيرة العرب" لمحاربة تنظيم انصار الله وحلفاءه الذين يشكلون اغلبية الجماهير والقوى اليمنية من عدن الى صعدة.. فيتضح ان الارهاب والقاعدة (وداعش) ما هي الا ادوات تستخدمها أميركا والرجعية العربية في ضرب القوى الوطنية والتحررية والبلدان الحرة المقاومة لمشاريعها الاستعمارية ومساعيها في الهيمنة على شعوب العالم وثرواتها.

وهؤلاء هم النوع الثاني من المتضررين.. انهم المتضررون الحقيقيون الذين يمثلون رأس الخيط والمحرك الاساس في الارهاب الذي يعصف بالمنطقة، انها أميركا وحلفاءها وفي مقدمتهم النظام السعودي.

أما تبني أحد أذرع القاعدة في اليمن (تنظيم انصار الشريعة) للقذيفة التي سقطت بالقرب من السفارة الأميركية في صنعاء، دون اصابتها او اصابة أحد من طاقمها! فهو لذر الرماد في العيون فقط ولتغطية هذا التباني والاصطفاف المشهود بين القاعدة من جهة وأميركا وحلفاءها من جهة أخرى..

ولا أدري لماذا تصر السعودية والقوى المرتبطة بها في اليمن على اعتبار الانتصار الاخير للجماهير نكسة لها وحرب عليها، في حين أن الرئيس اليمني المدعوم منها، عبد ربه منصور هادي اعتبر بنفسه التفاهم مع الحوثيين والذي جاء على خلفية الحراك والثورة والذي اسقط حكومة الاصلاح (حكومة باسندوه وحلفاءه من آل الأحمر) انتصاراً لليمن وخطوة بأتجاه التنمية والتقدم؟!

بل ان الاتفاق رحبت به السعودية نفسها وشقيقاتها الخليجيات والامم المتحدة والاتحاد الاوروبي و... لكن من الصعب ان تقتلع صفة النفاق من الجبان وتسلخ عن السحلية تلونها، هؤلاء معتادون ان يحتمون بغيرهم وينوب عنهم في المبارزة آخرون، سواء كان هذا الغير أميركا او القاعدة!
ان السعودية والقاعدة ومن خلفهم أميركا يرون ان انتصار الحراك والثورة الأخيرة التي تجسد ارادة الشعب اليمني وجماهيره المستضعفة في مواجهة قوى قبلية وحزبية ودينية مرتبطة بالخارج وتمثل اجندات تتعارض ومصالح اليمن وأهله، ضرباً لمصالحها وتهديداً لسياساتها التي تريد ان يبقى اليمن "خربة" تعمه الفوضى وتحكمه قوى الظلام من ميليشيات قبلية وتكفيرية وقاعدة.. وأن يبقى قراره خارج ارادة أهله وشعبه، فمثل هذه "البومات" لا تعيش الا في الخرائب والظلام..
السعودية تريده يمناً ضعيفاً يشكل فناءاً خلفياً لها، والقاعدة تريده مرتعاً خصباً لاجرامها، وأميركا تريده مركزاً لتعزيز هيمنتها على باب المندب وبحر العرب والقرن الافريقي..
وبالتالي هؤلاء يحاربون كل اشكال القوة في اليمن، من الوعي حتى التقدم والازدهار.

علاء الرضائي/alwaght