التكفيريون وأنصار الله .. أين الثرى من الثريا

التكفيريون وأنصار الله .. أين الثرى من الثريا
الجمعة ١٠ أكتوبر ٢٠١٤ - ٠٣:٣٩ بتوقيت غرينتش

بشر يُباعون، وابرياء يُختطفون، وضحايا يُذبحون، وجثث تُمثل بها، ونساء تُغتصب، واعراض تُنتهك، وحرائر تُسبى، وسيارات واحزمة ناسفة تُفجر، واضرحة انبياء واولياء وصحابة تُنسف، وقبور تُنبش، ومساجد وجوامع وحسينيات وكنائس تُدمر، علماء دين يقتلون، وقيم اسلامية واخلاق انسانية تُداس، كل هذه الفظاعات هي النسخة العبثية للاسلام السياسي الذي قدمته الوهابية وما زالت تصر على تقديمة للمجتمعات التي نُكبت بها.

هذه النسخة التكفيرية تكررت وبوضوح اكثر في اليمن فسرقت منه سعادته، فلا يمر يوم الا وتنقل الاخبار لنا من هناك عن استهداف الجيش والشرطة وقوى الامن وشخصيات سياسية وعسكرية وموطنين عاديين واجانب من قبل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، تحت ذرائع وعناوين شتى، ولا اعتقد اننا ننسى ما حيينا الجريمة الكبرى التي ارتكبها مسلحون ينتمون الى القاعدة، غالبيتهم يحملون الجنسية السعودية، في مستشفى العرضي بصنعاء، في الخامس من كانون الاول ديسمبر 2013، بحق الاطباء والمرضى والموظفين والعاملين فيه، فقد عرض التلفزيون اليمني حينها صورا مروعة، هزت العالم، رصدتها كاميرات المراقبة في المستشفى، تظهر مسلحون يقتلون كل من قابلوه في طريقهم، وكان هدف العملية القتل لمجرد القتل.

هذه النسخة الدموية مازالت تحصد ارواح الابرياء في اليمن دون تمييز ومن دون هدف، وكأنها الموت بعينه، ففي يوم الخميس التاسع من شهر تشرين الاول اكتوبر تكررت حادثة مستشفى العرضي مرة اخرى في اليمن على يد القاعدة ذاتها.

في صنعاء وعندما كان مؤيدو انصار الله والمتحالفين معهم يستعدون للتظاهر ضد الخطوة التي اقدم عليها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بتكليف أحمد عوض بن مبارك بتشكيل الحكومة، قام رجل يرتدي حزاما ناسفا بتفجير نفسه وسط المتظاهرين فقتل 47 شخصا وجرح العشرات، وفي ذات الوقت وفي منطقة بروم الساحلية في محافظة حضرموت فجر انتحاريا سيارته المفخخة عند مدخل معسكر للجيش بينما حاول مسلحون اقتحامه واسفر الهجوم عن مقتل 20 جنديا وأصابة العشرات بجروح.

هذا كان جانب من الاداء السياسي للقاعدة في يوم يمني واحد، وهو ما يكشف الهوة الواسعة بين اداء انصارالله السياسي وحتى العسكري وبين اداء هذه النسخة القاتلة، فإين الثرى من الثريا، فلم يسقط في كل الحراك الشعبي الذي قاده انصار الله والمتحالفون معهم في اليمن، رغم اتساع وشمولية هذا الحراك، ضحايا بعدد من سقط في تفجير ارهابي واحد للنسخة العبثية تلك، والغريب ان البعض يحاول ظلما، ان يعقد مقارنة بين الاداء الوطني المسؤول والمقبول شعبيا لانصار الله، وبين الجرائم التي ترتكبها تلك النسخة الفتنوية، بل ان البعض حاول حتى تبرير تلك الجرائم وبشكل لا يتسق مع عقل او منطق، وهناك من باع نفسه للشيطان وفضل هذه النسخة الكارثية على الاداء الوطني والمتزن لانصارالله وقيادتهم الحكيمة.

الجميع يعرف ان هوس القتل واشاعة الفوضى والدمار للنسخة الوهابية، هي طبيعة ذاتية لا علاقة لها بوجود انصارالله في اليمن او بوجود حزب الله في لبنان، فهذه ليبيا وتونس والجزائر والصومال وغيرها، حيث لا وجود هناك لاي تنظيم او حزب يمكن وصفه بانه شيعي، ليكون بالامكان تبرير ثقافة الموت والدمار التي اخذت تنتشر هناك بسبب تلك النسخة المشوهة عن الاسلام السياسي.

على النخب الدينية والسياسية ان تقف موقفا مسؤولا من هذا النموذج الممسوخ الذي يراد فرضه على الامة، عبر التصدي لكل محاولات تبريره من الجهات المشبوهة التي تدعي العلم والفضيلة والحرص على الاسلام، فجرائم تبرير فظاعات القاعدة والمجموعات التكفيرية لا تقل بشاعة عن الجرائم ذاتها، وعلى هذه النخب ان تبين ان القتل لمجرد القتل هي طبيعة متأصلة في هذه النسخة وان الموت والخراب هي النتيجة الطبيعية لتطبيقاتها، والواقع الذي تعيشه المجتمعات الاسلامية التي تمكنت هذه النسخة الدموية ان تجد فيها متنفسا، هو اكبر دليل على عبثيتها.

ماجد حاتمي شفقنا