فتيات ايران من يحميهن..؟!

فتيات ايران من يحميهن..؟!
الثلاثاء ٢٨ أكتوبر ٢٠١٤ - ١١:٤٩ بتوقيت غرينتش

تفاعلت في الايام القليلة الماضية على الصعيدين الاعلامي والقضائي والشعبي في ايران مسألة رش الحامض على وجوه واجساد اربعة فتيات في مدينة اصفهان وسط شائعات لم تثبت عن حصولها في مدن أخرى..

وقبل صدور اي رد فعل رسمي بدأت ماكنة الاعلام المعادي بشتم الاسلام والدين والحجاب والقيم والمبادئ التي كانت السبب بتشويه وجوه واجساد الفتيات واغتيال براءتهن والقضاء على مستقبلهن.. في محاولة يائسة ومدروسة لتسييس مسألة عادية تحدث في كل بلاد الدنيا..

نعم.. هذا هذا عمل اجرامي مدان ايا كان فاعله شخص او جهة.. لكن ما دخل الدين والاسلام والنظام الاسلامي اذا ما انحرفت قراءة البعض.. ألم يقتل "خليفة المسلمين" يزيد بن معاوية، الحسين (عليه السلام) ريحانة رسول الله (ص) وسيد شباب أهل الجنة؟!

ثانياً، ان نفوس ايران تجاوزت حسب آخر اعلان رسمي جرى قبل يومين او ثلاثة رقم 78 مليون نسمة، 49 بالمائة منهم اناث ( اي 38000000 نسمة وأنا تعمدت الكاتبة بالرقم!) حمى الدين والنظام جميعهن الا هؤلاء الاربعة اللواتي تعرضن لرش الحامض.. في حين ان حوادث رش الحامض في بريطانيا بلغت خلال عامين فقط (2011 و2012) 105 حادث، لم يدن أحد فيها الكنيسة الأنجليكانية ولا الديانة المسيحية ولا حتى الديمقراطية الغربية التي سمحت للمجرمين بالتحرك!

وحسب تقرير لمجلة "دير شبيغل" الالمانية فأن 60% من ضحايا رش الحامض في العالم هم النساء، وان هذه الحوادث تقع في جميع مناطق العالم رغم ارتفاعها في آسيا وبنغلاديش بالتحديد التي بلغ فيها عدد هذا النوع من الجرائم الى 3512 خلال الفترة 1999ـ 2013.. أما الأسباب المؤدية لذلك فهي اجتماعية بالمطلق، وغالبا ما تكون انتقاما لحب من طرف واحد او زيجة فاشلة.

لذلك من المخجل والمعيب تسييس الامور لمجرد وقوعها في ايران.. او لمجرد تزامن ذلك مع لائحة تشريعية لضبط اداء الآمرين بالمعروف والمرشدين الاجتماعيين وقضايا الأمن الاجتماعي!

بالعكس، قد يكون الذين ارتكبوا هذه الجرائم يسعون الى ضرب هذه اللائحة القانونية وتشويه سمعة النظام ومن قدموها (نواب محافظون ومبدأيون) من خلال فعلتهم..
رؤساء السلطات الثلاث في الدولة وكبار المسؤولين القضائيين والأمنيين كانت لهم ردود فعل شديدة ازاء ما جرى ومحاولات تسييسه من قبل البعض.. فقد صرح رئيس الجمهورية، قائلاً:
نتابع القضية بجدية كبيرة وأرجو من أبناء الشعب الاعزاء أن لايشكوا في أننا لن نتهاون مع الفاعلين، وان الحكومة تلاحق الجناة حتى تسليمهم الى العدالة وانزال أشد العقوبات فيهم.
مؤكداً على انه من الخطأ توجيه التهم قبل ادانة اي شخص اوجهة من قبل القضاء وأنه ليس أمراً جيداً.

أما السيد علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى الاسلامي فقد تحدث في ذلك قائلاً:
هذا الفعل من أقبح وأرذل الجرائم وقد قمنا بمتابعتها منذ البداية وقمنا باتصلات مع الاجهزة القضائية والأمنية وقد تم أعتقال بعض الاشخاص في الحادث رغم ان التحقيقات لا تزال جارية..
وأضاف: من المؤسف أن يحاول البعض تسييس الحادث وتوجيه ضربة الى الدولة من خلال ذلك.

وبطبيعة الحال كانت أشد ردود الأفعال من القضاء، ففيما عدا تصريح الشيخ آملي لاريجاني الدي دعا فيه الى متابعة القضية وعدم تسييسها، وقال: في احداث الحرق بالاسيد حاولت بعض الدول الغربية ان تربط هذه القضية بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا جفاء عظيم، والاسوأ منه ان نشهد بعض وسائل الاعلام المحلية تتحدث هكذا.. واضاف: من المستبعد ان يرتكب انسان مثل هذا الفعل الشنيع لو كان لديه ادنى فهم للاسلام.. مصرحاً بأن هذه الجريمة تتابعها السلطات، وقد اوعزنا الى عدلية اصفهان بالمتابعة، وقد اتخذت اجراءات جيدة في هذا المجال، الا ان الموضوع الآخر هو انه لا ينبغي تسميم الاجواء.

في حين أن المدعي العام السيد ابراهيم رئيسي توعد المجرمين بأقسى أنواع العقوبات، وقال: أن المجرمين مرتكبي الحرق بالاسيد في اصفهان سيتم انزال اشد العقوبات بحقهم، وتم التعرف على بعض المتهمين وسيتم اطلاع المواطنين بنتائج التحقيقات.. مؤكداً على ان القضاء لن يتهاون ابدا امام هذه الممارسات الوحشية.

وتتحدث الأنباء الخاصة، أن الملف أضحى على طاولة وزارة الأمن الايرانية وبمتابعة من شخص الوزير السيد علوي.. لأن الأمر يمس أمن الناس ومحاولة ارعابهم وارهابهم واحراج النظام في ظروف تواجه فيه البلاد ويواجه فيه النظام الاسلامي هجمة ونزالات شرسة مع الارهاب التكفيري والصهيوني وفي الملف النووي..

أجل قد تكون بعض الاتجاهات السياسية في ايران تحاول احراج الحكومة في بعض الملفات، كجزء من اللعبة الديمقراطية المتداولة في الكثير من بلدان العالم، الا ان ذلك لايكون على حساب الأمن وهيبة الدولة والنظام ومؤسساته الأمنية والقضائية التي يهيمن عليها المبدأيون حسب التصنيف القائم للساحة السياسية في ايران.. فهل يريد المبدأيون احراج أنفسهم؟!

الى ذلك فأن استغلال مثل هذه الحوادث من قبل الاعلام الغربي والتكفيري الرجعي في المنطقة أمر طبيعي.. لأنه ماذا تتوقع من الاعلام الذي يسيطر عليه الصهاينة والمتصهينين العرب.. اعلام شقيقات روتانا وام بي سي وأخواتهن؟!

والحمد لله في هذه المرة لم يقولوا بأن السبب طائفي او قومي وأن الضحايا من "السنة" و"العرب".. بل اكتفوا بمحاولات اسقاط الصورة التي يحملها الناس في بلدانهم والذين زاروها خاصة في موسم الحج عن مطاوعتهم وشرطتهم ومؤسستهم الدينية السيئة الصيت والصورة والاداء على النظام الاسلامي في ايران!

أرادوا ان يعمّموا صورتهم المشوهة على الآخرين.. فأستخدموا الصور الذهنية والعقل الباطن لدى مخاطبيهم الذين يشتركون معهم في العداء لايران ما بعد الثورة الاسلامية.. صورة شيوخ الافتاء لديهم وجيوش المتحجرين والمتطرفين التي تكره الجمال والتحضر والانفتاح.. وألقوا بها لتشويه صورة ايران الجميلة، خاصة فيما يتعلق بمكانة المرأة في المجتمع ودورها على جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية والعلمية والرياضية والفنية...

بقلم: مروة أبو محمد