فاجعة التأليب الطائفي

فاجعة التأليب الطائفي
السبت ٠٨ نوفمبر ٢٠١٤ - ٠٧:٠٥ بتوقيت غرينتش

الفاجعة التي جرت لأهلنا في الأحساء ليلة العاشر من المحرم حينما استهدف مجموعة من الإرهابيين بأسلحتهم الرشاشة مجموعة من المواطنين الشيعة الذين يحيون مناسبة استشهاد الإمام الحسين عليه السلام وإطلاق النار عليهم وقتل سبعة وجرح 12 منهم هي حادثة مؤسفة ومؤلمة وتمثل فاجعة وطن وهي في حقيقتها محاولة لضرب كل أواصر المحبة التي تجمع المواطنين بكافة طوائفهم، شيعة وسنة، ومحاولة يائسة لإثارة فتنة مذهبية تأكل الأخضر واليابس...

ويرى الكاتب ان الاختلاف بين البشر عموماً حقيقة بديهية يُدركها الجميع رغم وجود من يحاول بطريقة أو بأخرى إنكارها في محيط ما، هذا الاختلاف له مستويات يصل أشدها إلى الانفلات السلوكي الذي يدفع طرفا أو جهة إلى التعدي على الآخر المختلف وإقصائه وربما تصفيته بأي شكل من الأشكال، هنا يبرز موضوع «التأليب» كمصطلح يمثل الوقود الحقيقي لأشد أنواع الفتن بين الناس ويمثل القضاء عليه طريقاً من طرق وأد الفتن والمحافظة على السلم الأهلي.
ويعرب الكاتب عن اعتقاده بأن أكثر الطرق المستخدمة اليوم في التأليب ضد الجماعات هو تعميم تصرف استفزازي خاطئ لشخص ما على كل المجموعة التي ينتمي إليها، بمعنى أن شخصاً لو أساء فإنَّ أول ما يقوم به الشخص الذي يعجبه ممارسة التأليب هو تصنيف هذا الشخص دينيا أو مذهبيا وإيهام الجميع أن هذا الفعل ليس فعلاً شخصياً فرديا بل يعبر عن قناعة جميع المنتمين إلى هذه الفئة وأنه من صلب عقيدتهم،
ويسوق في هذا السياق كل ما يستطيع من أدلة ليمنح كل من هو تحت منبره في المسجد أو على شاشات التلفاز ذات القناعة ويرسخها فيهم جميعاً، بطبيعة الحال فإن المشكلة هنا لا تكمن في هؤلاء فقط، المشكلة في جزئها الأكبر هي في عدم تفعيل قانون يجرِّم هذه الأفعال وفي تلك المساحة الإعلامية التي مُنحت لهم، التعليم والصحافة والتليفزيون وكذا منابر المساجد كلها أماكن خصبة لنشر روح الكراهية بين الناس من قبل أي متشدد ومتطرف، وما لم تكن هناك ضوابط وقوانين واضحة لتجريم أي فعل يهدف إلى الفتنة والتعدي على المذاهب وشق الصف فإن أحداً من مثيري الفتن لن يكترث لأي عنوان وطني ليقدمه على نزعاته الشيطانية التي لا تجد لأحد الحق في الحياة إلا من هم على شاكلته.
ويتابع الكاتب بالقول : هناك حتى الساعة من يحاول ترسيخ أن اجتهاده الفكري أو الديني هو الحقيقة غير القابلة للجدل وأن أحدا لا يتفق معه هو بالتأكيد على ضلال وينبغي تغيير منكره بأي طريق حتى وإن وصل إلى التصفية الجسدية. حينما تتملك الإنسان هذه المشاعر فلا شك أن دافعا عقيديا كبيرا سيتملكه لاستنهاض الناس وزرع أعلى مستويات الحقد والكره في نفوسهم لتظهر بالنتيجة تلك النماذج المتطرفة التي تتقرب إلى الله بإزهاق أرواح الأبرياء وترويع الآمنين.
من هنا فالمشكلة في أساسها مشكلة فكرية، ولا أجد حلاً لها بعد القانون المجرِّم للتعدي الطائفي إلا مناهج تعليمية وإعلاماً يتحدث عن الشيعة تحديداً باعتبارهم شركاء في الوطن ومسلمين لهم اجتهادهم وفقههم، أما إذا بقيت الأصوات التي تشحن الناس طائفياً وتصف الشيعة بالرافضة ومراجعهم بأنهم زنادقة وفجرة فستبقى تلك النماذج التي تتقرب إلى الله بقتل الشيعة حاضرة في كل وقت وزمان وستتكرر هذه الحادثة المؤسفة مرات ومرات..
سراج ابو السعود / القطيف