الضدُ بالضدِ يُعرفُ .. أنصار الله والقاعدة

الضدُ بالضدِ يُعرفُ .. أنصار الله والقاعدة
الأحد ٢٣ نوفمبر ٢٠١٤ - ٠٦:٢٧ بتوقيت غرينتش

منذ ان وطأت اقدام تنظيم القاعدة ارض اليمن في ظروف تاريخية استثنائية، ساهم في صناعتها نظام سياسي فاسد وزعماء قبليون وسياسيون باعوا ذممهم للدولار النفطي والغازي، رحل الامن والامان والهدوء والاستقرار عن ربوع هذا البلد العريق، وحل الخراب والدمار، ومنذ ذلك الحين واليمن يدور في دوامة من الفوضى الدامية.

الشيء الملفت ان تنظيم القاعدة في اليمن، والتكفيريين بصورة عامة في اليمن وفي كل مكان، يرفعون شعارات محاربة الصليبيين واليهود، بينما على ارض الواقع جُل ضحاياهم من المسلمين الابرياء، سنة وشيعة، ومواطنين عرب من المسيحيين وباقي اتباع الديانات والمذاهب الاخرى، ويكفي مراجعة سريعة لعدد من سقطوا في اليمن من جنود يمنيين واناس ابرياء في الشوارع والمدارس والمستشفيات والاسواق، حتى تتأكد هذه الحقيقية.

ليس من الصعب على القاعدة تبرير قتلها للابرياء، فلديها فتاوى معلبة لقتل كل شخص او مجموعة تقف امامها: مثل جنود "الصليب" و "المرتزقة" و "الخونة" و "اذناب الاستكبار"، هذه الصفات خاصة بالجنود اليمنيين، اما "المرتدين" فهي لعامة اهل السنة في اليمن، اما "المشركين" و"الروافض" فهي للشيعة، اما "الكفار" فهي لباقي اليمنيين، وحكم الجميع فهو القتل؛ تفجيرا و ذبحا واغتيالا.

اما الفظاعات التي ارتكبتها القاعدة بحق الابرياء من "المرتدين اليمنيين"!!، و"الكفار" من الاجانب، فحدث ولا حرج، ويكفي الاشارة الى المجزرة الوحشية التي ارتكبتها القاعدة في مستشفى العرضي في صنعاء عام 2013، للتدليل على ما عانى ويعاني منه اليمنيون على يد القاعدة.

في يوم الخميس 5 ديسمبر 2013، قام مسلحون باقتحام مستشفى العرضي في صنعاء، متنكرين بلباس عسكري ويحملون أسلحة خفيفة ومتوسطة، غالبيتهم يحملون الجنسية السعودية !!، ارتكبوا جريمة مروعة رصدتها كاميرات المستشفى، حيث قام المسلحون بقتل كل من صادفهم في غرف وممرات واجنحة المستشفي من اطباء وطبيبات وممرضين وممرضات ومرضى وعمال حتى بلغ عدد القتلى 60 شخصا والجرحى تجاوز المئتين.

بعد يوم واحد من هذه الجريمة البشعة التي هزت اليمن، اي في يوم  الجمعة 6 ديسمبر 2013 اعلن "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب" مسؤوليته عن الهجوم، وأكد أنه تم توجيه "ضربة قاسية لوزارة الدفاع اليمنية" بعدما ثبت أن المجمع يحوي غرفا للتحكم بالطائرات بدون طيار!!. الا انه وبعد ان بثت السلطات الأمنية المكلفة بالتحقيق مقاطع فيديو تظهر كيف تم الإقتحام و كيف تم الإجهاز على الجرحى بالقنص و إلقاء قنابل يدوية عليهم، ظهر زعيم القاعدة قاسم الريمي في 21 ديسمبر، ليعلن ان القاعدة اخطأت وتعتذر!!.

اما مجزرة ذبح الجنود اليمنيين في مدينة الحوطة التابعة لمدينة حضرموت في 8 اب / اغسطس، فكانت ايضا من "ملاحم" القاعدة التى باتت معروفة لليمنيين، وذلك عندما اوقفوا أحد باصات النقل البري واعتقلوا 14 جنديا كانوا على متنه بلباسهم المدني، اقتادوهم الى مدينة الحوطة وقاموا بإعدامهم هناك ذبحا بالسكاكين امام عدد كبير من الاهالي. وكان اغلب هؤلاء الجنود الذين تم قتلهم ذبحا هم من صغار السن ولم يحصلوا بعد على ارقام عسكرية ويحملون بطاقات تعريفية عسكرية فقط، وكانوا يبكون بين يدي مسلحي القاعدة ويطلبون منهم عدم قتلهم؛ الا ان هؤلاء قتلوهم ذبحا الواحد تلو الاخر في جريمة لا يضاهي بشاعتها سوى بشاعة وجه القاعدة.

ان بالامكان ان نشير الى مئات الجرائم المروعة التي ارتكبتها القاعدة في اليمن، الا اننا نكتفي بذكر هاتين الجريمتين البشعتين كنموذج لتعامل القاعدة مع الشعب اليمني، وهو تعامل اودى بحياة الالاف من ابناء الشعب اليمني بين قتيل وجريح.

اليوم وبعد ان تمكنت حركة "انصار الله" الى جانب الجيش اليمني من بسط سيطرة الدولة على مناطق في اليمن تحولت خلال السنوات الماضية الى ملاذ امن للقاعدة تنطلق منها لاشاعة الدمار والخراب في باقي مناطق اليمن، تعود القاعدة مرة اخرى للعزف على الوتر الطائفي في مسعى لوقف انهيارها وطردها من اخر معاقلها في اليمن.

في الوقت الذي مازال كابوس الممارسات الوحشية للقاعدة يقض مضاجع اليمنيين بمختلف مذاهبهم، تتحول القاعدة بقدرة قادر الى مدافع عن "اهل السنة"!! ضد "الروافض الحوثيين"!!، فهذا زعيم القاعدة في جزيرة العرب قاسم الريمي، المسؤول الاول والاخير عن كل جرائم القاعدة في اليمن، يظهر في تسجيل مصور يهدد "انصار الله" بحرب لا تبقي ولاتذر ويشيب من هولها الولدان،  حيث يقول: "عليكم أن تعلموا أن مساجد المسلمين التي فجرتموها وفجرتم بيوتهم ومدارسهم لن تمر مرور الكرام وستدفعون ثمنها غالية والأيام بيننا."

اليمنيون يعرفون جيدا ان افعال القاعدة خلال السنوات الماضية تكذب اقوال الريمي، فاغلب من قتل في اليمن منذ ان ابتلى الله هذا البلد بالقاعدة هم المسلمون "السنة"، ونعتذر لاهل اليمن الذين لا يحبذون كلمات مثل السنة والشيعة الا اننا مضطرون لذكرهما لدحض اقوال الريمي.

اليمنيون يعرفون جيدا، ان القاعدة والمجموعات التكفيرية تكذب عندما تدعي الدفاع عن "اهل السنة" ضد "الشيعة"، فهذه المجموعات هدفها الاول والاخير خراب وتدمير البلدان، ترى اين هم الشيعة في ليبيا ومصر وتونس والجزائر وليبيا والصومال ومالي، عندما تقتل القاعدة المسلمين السنة هناك؟، ان ما يقول الريمي وغيره، لا يقنع حتى الاطفال.

اليمنيون يعرفون جيدا، من هي الجهة المتخصصة بتفجير المساجد وبيوت الله والجامعات والمدارس ورياض الاطفال والاسواق والمقاهي والشوارع، فهذه الجرائم هي من صنع التنظيمات التكفيرية ومن بينها القاعدة، وهذه الحقيقة واضحة كوضوح الشمس.

اليمنيون يعرفون جيدا، ان تهديد القاعدة ل"انصار الله"، سوف لن يخرج من اطار ثقافة التفجيرات العقيمة، التي لن يلجأ اليها من اليمنيين الا من تربى على ثقافة القاعدة، وان "ملاحم" الريمي "البطولية" في صنعاء والتي اشار اليها في رسالته المصورة، فهي لم تكن سوى تلك الجريمة التي ارتكبها احد القاعديين عندما فجر نفسه وسط متظاهرين عزل في صنعاء في 9 تشرين الاول/ اكتوبر الماضي وقتل "ببطولة يحسد عليها"!!  نحو 50 متظاهرا.

اليمنيون يعرفون جيدا، ان من يبايع زعيم القاعدة أيمن الظواهري وزعيم طالبان الملا عمر، من اليمنيين، لا يريدون خيرا لليمن، بل يريدون ان يتحول اليمن الى قاعدة للقتلة والمجرمين، لتصدير الموت  الى المنطقة والعالم اجمع.

جميع الوقائع على الارض في اليمن، تؤكد على ان اليمنيين لم يعد ينطلي عليهم هذا الخطاب الطائفي الرخيص للقاعدة، فقد ذاقوا الامرين من هذا التنظيم الذي لا يملك من وسيلة سوق القتل ولايملك من هدف سوى القتل ولايملك من فكر سوى القتل ولا يملك من مشروع سوى القتل، ولا يمكن باي شكل من الاشكال، مقارنته مع تنظيم شعبي وطني، كحركة "انصار الله" وهي حركة ترفض اي تدخل اجنبي في شؤون اليمن الداخلية، وتمتلك رؤية استراتيجية تستنهض كل عناصر القوة في الشعب اليمني، لم تبايع لا الظواهري ولا ملا عمر ولا البغدادي ولا اي زعيم تكفيري اخر، بل بايعت الوطن والشعب اليمني، على تطهير اليمن من زمر التكفير ومن اصحاب الاجندات المشبوهة، الذين كانوا ومازالوا يتاجرون بدماء الشعب اليمني.. وقديما قيل: "الضدُ بالضدِ يُعرفُ".

نبيل لطيف - شفقنا