الصواریخ الایرانیة.. من المستهدف؟

الصواریخ الایرانیة.. من المستهدف؟
الإثنين ٢٤ نوفمبر ٢٠١٤ - ١٠:٠٧ بتوقيت غرينتش

یثیر الاعلام الغربي بین فترة وأخری مسألة خطورة الصواریخ والصواریخ البالستیة الایرانیة ویتبعه في ذلك الاعلام العربي (والمقصود هنا بالعربي الاعلام الخلیجي بالتحدید والسعودي بشكل خاص ).. فهل حقاً تشكل الترسانة الصاروخیة الایرانیة خطراً علی أمن منطقة الشرق الاوسط وخلیج فارس.. أم انها ضامن له ومظلة حمایة كما یقول الایرانیون؟

للاجابة علی هذه التساؤلات وعلی السؤال المحوري وهو: من المستهدف بالصواریخ الایرانیة؟.. لابد أن نضع بعض الحقائق الجغرافیة والتاريخية والسیاسیة والعسكریة علی طاولة الحدیث، ومن هذه الحقائق:

1. تبلغ مساحة ایران 1/648/195 كیلومتراً مربعاً ونفوسها أكثر من 78 ملیون نسمة.. ولها حدود بریة ومائیة مع 15 بلداً، هي : باكستان، افغانستان، تركمانستان، كازاخستان، روسیا، أذربیجان، أرمینیا، تركیا، العراق، والخلیجیات الست.

2. تعتبر باكستان الجار الشرقي لایران بلداً نوویاً وفي تركیا الجارة الشمالية الغربیة عشرات القنابل النوویة الخاصة بحلف الناتو وفي أذربیجان وجورجيا القريبة من ايران قواعد اسرائیلیة...

لكن لم نسمع من هذه الدول كلاماً حول الصواریخ الایرانیة وتهدیداتها، كما نسمعه من الدول الخلیجیة في الضفة الجنوبیة من خلیج فارس.

3. اقصی عرض لخلیج فارس هو 370 كم، اي أن المسافة بین الساحل الایراني ومعظم العواصم والمرافق الحیویة للبلدان العربیة في منطقة خلیج فارس لا تتجاوز هذه المسافة، أن لم تكن أقل بكثير نظراً لوجود بعض الجزر واقتراب الضفتين في غالب الاحيان.

4. تحیط بایران مجموعة من القواعد العسكریة الأمیركیة والغربیة، وهذه القواعد كانت منطلقاً للعدوان علی العدید من البلدان، بما في ذلك ایران نفسها.. والقواعد المذكورة تحتوي اكثر الأسلحة والمعدات تطوراً، اضافة الی الغواصات النوویة وحاملات الطائرات والبوارج الحربیة الموجودة في میاه المنطقة والمیاه الدولیة القربیة منها...

5. في المنطقة العربیة والاسلامیة هناك عدو محتل ودویلة عنصریة تمتلك مئات الرؤوس النوویة، وهي البلد الوحید الذي یمتلك سلاحاً نوویاً في الشرق الاوسط.. دويلة العدو الصهیوني تمارس الارهاب والعدوان في كل یوم علی الشعب الفلسطیني وبلدان المنطقة وقد استخدمت الاسلحة المحرمة دولیاً أكثر من مرّة ضد الفلسطینیین واللبنانیین العزّل...

6. منذ اكثر من 250 سنة لم تقم الدولة الایرانیة بأي هجوم علی ايّ من جیرانها، بالعكس كانت علی مدی تلك السنین هدفاً لعدوان الامبراطوریات الاوروبیة ومدافعة فقط في مواجهة العدوان الذي طال اراضیها ونظامها السیاسي بعد الثورة الاسلامیة.

7. لم تنتقم الجمهوریة الاسلامیة من البلدان الخلیجیة علی خلفیة مشاركتها في العدوان الصدامي ضد الجمهورية الاسلامية وعلى مدى ثمان سنوات.. بالعكس سعت الی تحسین علاقتها بهذه الدول التي قدم بعضها اعتذاره، فكانت سیاسة ایران تقوم علی مبدأ: "عفا الله عما سلف"!

8. بشهادة جمیع الخبراء والمراقبین وبالوثائق والأدلة، تشكل البلدان الخلیجیة جزءاً من منظومة العداء الغربي والحرب الاقتصادیة والسیاسیة والاعلامیة والأمنیة ضد الجمهوریة الاسلامیة، بل تلعب بعض هذه الدول مع الكیان الصهیوني دوراً في التألیب والتعبئة ضد ایران، حتی وصل الامر باحداها ان تطلب من الولايات المتحدة ضرب ایران عسكریاً، حسب وثائق ویكيلیكس!

9. لايحتاج ضرب البلدان الخليجية وتعطيل الحياة فيها اذا ما كانت مستهدفة الى صواريخ يزيد مداها عن 150 ـ 200 كم، فهذا المدى يغطي معظم سواحل خليج فارس الجنوبية بما فيها من قواعد عسكرية ومنشآت حيوية ومراكز تحلية ومنصات نفطية وموانئ و.. ودون تحريك اية قطعات بحرية او قوات هجوم...

10. أهم الصواریخ البالستیة الموجودة في الترسانة الایرانیة ومدیاتها:

•    صاروخ فاتح ـ 110، المدى 200 كم.

•    صاروخ خليج فارس، المدى 300 كم.

•    صاروخ شهاب ـ 1، المدى 300 كم.

•    صاروخ شهاب ـ 2، المدى 500 كم.

•    صاروخ قيام ـ 1، المدى 800 كم.

•    صاروخ شهاب ـ 3، المدى 1300 كم.

•    صاروخ فجر ـ 3، المدى 2000 كم.

•    صاروخ قدر ـ 110، المدى 2500 ـ 3000 كم.

•    صاروخ عاشوراء، المدى 2500 كم.

•    صاروخ سجيل، المدى 2000 ـ 2500 كم.

•    صاروخ شهاب ـ 3 d، المدى 2200 ـ 3000 كم.

•    صاروخ شهاب ـ 4، المدى 3500 كم.

•    صاروخ شهاب ـ 5، المدى 5500 كم.

•    صاروخ شهاب ـ 6، المدى حتى 10000 كم.

•    اضافة الى انواع عديدة متطورة وذكية وبقدرات تدميرية كبيرة من الصواريخ والمقذوفات المضادة للسفن والغواصات وصواريخ سطح جو وبحر جو..

وفي ضوء ما تقدم یتضح أن ضرب دول الجوار الايراني لا یحتاج الی تقنیات ومدیات صواریخ بعیدة تصل الی 2000 او 4000 كیلومتر... وهذا خير دليل على ان اهداف الصواریخ الباستیة الایرانیة والمشروع الصاروخي الایراني الذي تقول بعض المصادر الغربیة انه یصل الی حدود الولایات المتحدة الشرقیة، لا یمكن ان يكون المنطقة العربیة وبلدان خلیج فارس العربیة، فليس من العقل والمنطق أن تعمل على تطوير صواريخ بمديات تزيد عن 2000 كيلو متر لضرب أهداف لاتبعد اكثر من 200 كيلومتر!!

ومن مجمل التصریحات الایرانیة وما تدعمه مدیات الترسانة الصاروخیة الموجودة، فان المستهدف في هذه الصواریخ، هو:

1. كیان الاحتلال الصهیوني، وهو أهم خاصرة ضعیفة في المشروع الأمیركي والغربي، وقد شكلت الصواریخ الایرانیة (من فئة شهاب 3 الذي یزید مداه عن 1300 كیلومتر وما تلاها) توازناً استراتیجیاً جنب المنطقة كوارث حروب مدمرة مع الصهاینة، لربما كانت البلدان الخليجية أحد أهم ضحاياها.

2. القواعد العسكریة الغربیة وفي مقدمتها الأمیركیة في المنطقة لان هذه القواعد هي المنطلق في كل عدوان محتمل.. وجمیع هذه القواعد لا یحتاج ضربها الی مدیات بعیدة، بل هي قریبة خاصة تلك التي في حوض خلیج فارس وسواحله الجنوبية وفي افغانستان واذربيجان وجورجيا والعراق..

3. المصالح الحيوية الغربية في المنطقة على اختلاف انواعها...

4. القواعد والمرافق والمصالح الغربية خارج المنطقة، في شرق وجنوب اوروبا وفي مناطق القوقاز وآسيا الوسطى وافغانستان والقرن الافريقي..

5. الاهداف الغربية المتحركة في البحر والاساطيل والسفن الحربية المنتشرة في منطقة خليج فارس وبحر عمان وفي البحر الاحمر والمحيط الهندي وشرق المتوسط والبحر الاسود...

6. ناقلات النفط والبضائع من والى المنطقة...

واذا ما أخذنا بنظر الاعتبار الاستراتيجية الدفاعية الايرانية، سنلحظ وبشكل واضح ان البلدان العربية الخليجية لاتشكل هدفاً للصواريخ الايرانية، ما لم تحشر هي نفسها في الصراع الايراني ـ الغربي، بالعكس أدت هذه الترسانة الصاروخية الايرانية نوع من توازن الرعب والقوة في المنطقة أمام الأميركيين والاسرائيليين، الذين كانوا السبب في معظم الحروب التي شهدتها منطقتنا خلال القرن العشرين وفيما مضى من القرن الحالي، وهم مصدر الدمار والعامل الاساس (بالتعاون مع حلفائهم الاقليميين) في انتشار الارهاب الذي يضرب اليوم جميع بلدان المنطقة بما فيها "مفقسات" الارهاب الوهابي نفسها.. فلو لم تكن هذه الترسانة حاضرة لاستباح الصهاينة ماتبقى من الكرامة العربية في فلسطين ولبنان، ولمرت مؤامرة الكيماوي التي ابتدعها "بندر" لضرب سوريا واجتياحها من قبل الولايات المتحدة.. ولو لم تكن هذه الصواريخ حاضرة والارادة والعزيمة التي وراءها لما أرسل أوباما اربع رسائل الى القيادة الايرانية وجلس على طاولة المفاوضات منذ اكثر من عام بحثاً عن حلول تحفظ له ماتبقى من ماء وجه في المنطقة والعالم..

 

علاء الرضائي/alwaght