لماذا رأس شيخ علي سلمان؟

لماذا رأس شيخ علي سلمان؟
السبت ٠٣ يناير ٢٠١٥ - ٠٢:١٤ بتوقيت غرينتش

"لقد عرضت على المعارضة البحرينية أن تنهج نهج المعارضة السورية وأن تحول البلد إلى معركة عسكرية لكن، ثبات هذه المعارضة على هذه السلمية ووضوح رؤيتها هو العنصر الأساسي الذي حافط على البحرين بعيدا عن الانجرار إلى العنف"

هذه الكلمات من خطاب شيخ علي سلمان في مؤتمر الوفاق الأخير. من  يصدق ان تكون هذه الكلمات سببا لاعتقال أمين عام أكبر جمعية سياسية على مستوى الخليج (الفارسي)؟ وأن تكون هذه الكلمات موضوعا لتحقيق مازال مستمرا لأيام وساعات طويلة؟ لا أحد يصدق ذلك،

مرض الاستبداد يظهر في الخوف من الكلمات،يحسب كل كلمة عليه صيحة تهدد عرشه. وقد أخبرنا جورج أورويل في رائعته (رواية 1984) إن الدكتاتور يريد خلق لغة كلماتها لا تعني أكثر من شيء واحد يحدده هو، ليتمكن من التحكم في الشعب عبر التحكم في لغته، كلمات الدكتاتورية عندنا من نوع: طال عمرك، القيادة الرشيدة، المشروع الإصلاحي، الله لا يغير علينا.

معجم 14 فبراير، لم يكن على مقياس هذه اللغة، ومعاني كلماته كان شيخ علي سلمان أحد صناعها، وهي لا تعني شيئا يرضي الدكتاتور أبدا، ولو وظفت الوفاق طاقما من خبراء اللغة وحكماء المنطق لحساب كلمات شيخ علي قبل أن ينطقها،  فلن ينجحوا في إقناع الدكتاتور أن كلمة (رفضنا السلاح) هي غير كلمة (قبلنا السلاح) حين ينطقها شيح علي سلمان.

لقد سمع الجميع كلمة واحدة من شيخ المعارضة "ماضون إلى التاريخ الجديد الذي بدأ في 14 فبراير" محاولات الترهيب والتهويل لم تغير إعراب الكلمة الممنوعة من الصرف في السوق السياسي.كلفة الكلمة كبيرة، والسلطة ماضية في تحميل الشيخ وشارعه ثمنها.حصاد المؤشرات الإقليمية والدولية كلها كانت تنبئ بأن القادم ثقيل الكلفة، وكان الشيخ يعرف ثمن كلمته ويعرف مع من يتحدث وإلى من يتحدث.

على مستوى إقليم الجوار الخليجي، بات موضوع المعارضة البحرينية، ملفاً مزعجاً وتريد السعودية والإمارات على وجه الخصوص التخلص منه بأي كلفة كانت، وفي قمة مجلس التعاون لدول الخليج (الفارسي) العربية الأخيرة في الدوحة، كان جواب الزعماء: نبارك نجاح الانتخابات البرلمانية، ونقف مع مملكة البحرين في كل خطواتها في محاربتها للأعمال الإرهابية ونعبر عن إدانتنا الشديدة للتفجيرات الإرهابية التي راح ضحيتها أرواح بريئة، والمعارضة التي رفضت الحوار لابد من اتخاذ إجراءات رادعة ضدها.

الموقف الأميركي، ظل طوال السنة الأخيرة يأمل خيراً في إقدام السلطة علي إحداث عملية إصلاحية، وقد قرأ في تعيين ولي العهد نائباً لرئيس الوزراء بشارة خير في إمكان التمهيد لتسلمه رئاسة الوزراء بدل عمه، وإحداث من ثم انفراجة سياسية، إلا أن الأمر ليس بالأمنيات. كان طرد مالينوسكي الرسالة الأكثر وضوحاً برفض الرغبة الأميركية في المضي في عملية الإصلاح، انشغلت واشنطن، بإيجاد مخرج مشرف أمام الكونغرس، لطرد دبلوماسيها، ولم تكترث لمطالب المعارضة البحرينية. لقاء مالينوسكي الأخير بالشيخ علي سلمان، كان أقرب لتوصيل الرسالة الأخيرة " اللهم إني قد بلغت".

البريطانيون، هم من هيأوا الجو للتعدي على الوفاق بشكل واضح، كانت رسائلهم للمعارضة أقرب إلى التهديد منها إلى النصيحة: إن لم تقبلوا بمبادرة ولي العهد التي قدمها في وثيقة الأعيان وتدخلوا الانتخبات، سيكون وضعكم صعب، ولن نستقبلكم، ستكونون من الماضي، ولن يكون لديكم تمثيل نعترف به، هناك ممثلون جدد، برلمانيو 2014 ووجوه حكومية جديدة، يا وفاق ستكونون خارج مدرسة الدولة، وسنقدم دعمنا وتدريبنا لمن هو في الدولة ومؤسساتها.

القاعدة البريطانية، صارت واقعاً يتطلب وقائع جديدة، في مقدمتها قطع الطريق على المعارضة، وتهيأة الجو للانقضاض عليها، كان البريطاني قبل عام يتحدث لأحد أقطاب المعارضة بلغة البشارة: ستعود قاعدتنا الحربية للبحرين، وستقطع حمايتنا على السلطة حجة الخوف من التدخل الإيراني، والذي بسببه تتعذر عن القبول بأي إصلاح سياسي.

موقف الاتحاد الأوربي، اختطفه البريطانيون، صاروا هم من يكتبون بيانات الاتحاد، وهم من يشكلون موقفه، وخارج الاتحاد، تبدو مواقف الدول الأوربية مواقف حقوقية أكثر منها سياسية.

المواقف إذن كلها تصطف إلى جانب السلطة، لا خطوط حمراء، كانت اللحظة تتطلب انتظار الانتهاء من الانتخبات البرلمانية، وبدأت بعدها مضايقات عقد مؤتمر الوفاق، كانت السلطة تدرس كيف يمكنها التخلص من الشيخ علي سلمان، أرادت أن تعمل على شق صفوف الجمعية، بإحداث خللة في مواقف قياداتها، لم تنجح في ذلك، وجدت أن المطلوب هو رأس الشيخ علي، نزيح الرأس ونأتي برأس جديد، هذا ما عملت عليه السلطة، لكنها فشلت مع تأكيد نائب الأمين العام الشيخ حسين الديهي أن الوفاقيين متمسكون بأمينهم العام.

ينتظر الشيخ علي 18 ملفاً، تقف خلفها تحالفات دولية وقبلية، السلطة تعرف ما قامت به، لكنها لا تعرف المسار الذي ينتهي إليه.هل سيفتح اعتقال الشيخ مساراً جديدا للحراك؟ لا أحد يعرف الجواب، لكننا نعرف الكلمة التي مازال شعب البحرين مصراً عليها ويرددها خلف شيخ علي "ماضون إلى التاريخ الجديد الذي بدأ في 14 فبراير".

مرآة البحرين