ويبقى السيد السيستاني أباً للجميع

ويبقى السيد السيستاني أباً للجميع
الإثنين ٠٥ يناير ٢٠١٥ - ٠٦:٥٦ بتوقيت غرينتش

الجريمة النكراء التي ارتكبتها العصابات التكفيرية الاجرامية مساء يوم الخميس 1 كانون الثاني / يناير ، في قضاء الزبير في محافظة البصرة ، واسفرت عن استشهاد ثلاثة علماء دين سنة ، كانت تستهدف اللحمة الدينية والوطنية للمجتمع البصري ، التي كانت ومازالت عصية على العصابات الاجرامية.

جريمة الخميس لم تكن كباقي الجرائم الاخرى ، من ناحية التوقيت والهدف ، فهي جريمة تاتي في ظروف في غاية التعقيد يمر بها العراق ، حيث تهدد عصابات "داعش" العراق كوجود بهدف تحويله الى بلد تعيث فيه العصابات التكفيرية الاجرامية فسادا ، كما انها تاتي في الوقت الذي كان اهالي البصرة الى جانب باقي العراقيين للاحتفال بالمولد النبوي الشريف ، الذي يعتبر رمزا للوحدة بين جميع المسلمين في العراق والعالم بمختلف طوائفهم ومذاهبهم ، لذلك تاتي هذه الجريمة كمحاولة يائسة لضرب كل الجهود المباركة التي كان يبذلها كل الخيريين في محافظة البصرة لاسيما الشهداء الذين سقطوا غدرا في قضاء الزبير ، للاحتفال بيوم الوحدة يوم مولد نبي الرحمة (ص).

اما من ناحية الهدف ، فان الجريمة استهدفت علماء دين من الطائفة السنية في العراق ، لتكون الصاعق الذي يفجرالفتنة داخل المجتمع البصري اسرع تاثيرا ، كما تكون الجريمة قد اعطت مادة خبرية مسمومة للاعلام العربي الرجعي لاسيما الاعلامي الخليجي وعلى راسه الاعلامين السعودي والقطري ، حيث ما انفكت تنفث بسمومها بهدف احراق الاخضر واليابس في العراق.

ولكن يمكرون ويمكر الله ، فاذا بالمرجع الديني الاعلى سماحة السيد علي السيستاني ، الرجل الرباني الذي كان ومازال يُعتبر البوصلة التي يهتدى بها العراقيون عندما تتوالى المدلهمات ، يطفىء بحكمته نار الفتنة ، عبر اتصاله على وجه السرعة بممثله في البصرة الشيخ محمد فلك ، مشددا عليه نقل تعازيه لأهالي البصرة عموما وأهالي الشهداء خصوصا ، وابلغه ضرورة حث الأجهزة الأمنية في المحافظة على بذل الجهود للكشف عن خيوط هذه الجريمة النكراء والقبض على الجناة.

السرعة التي تعامل معها السيد السيستاني مع الحادث المروع ، ودعوته المسؤولين لمتابعة الجريمة وكشف خيوطها ، بينت حرص سماحته على سد جميع الابواب والمنافذ امام المتربصين بوحدة وتلاحم اهالي البصرة  ، وطمأنته الجميع على ان الجهات التي تقف وراء الجريمة لن تفلت من العقاب ، وان الجهة المنفذة للجريمة لا تمثل اي طائفة او مذهب ، فهي عدوة لجميع العراقيين ولا تمثل الا نفسها.

ان وقوف السيد السيستاني امام الفتنة التي اُريد لها ان تشتعل في البصرة ، طمـأن اهالي هذه المحافظة والشعب العراقي بشكل عام ،  من ان الحرب الاهلية والطائفية بين العراقيين هو امر بعيد المنال بل هو محال ، بفضل وجود هذا الرجل الرباني ، الذي مّن الله به على الشعب العراقي ، ليعبر به من هذا البحر الهائج بالفتن والمضطرب بالمخاطر ، الى بحر الامن والامان ، وان كل ما يجري الان في العراق هو حرب بين الشعب العراقي سنة وشيعة ، وعربا واكرادا وتركمانا ، ومسلمين ومسيحيين وصابئة وايزديين ، وبين العصابات التكفيرية.

ان الحكومة العراقية ، بدءا من رئيس الوزراء ومرورا بوزير الداخلية وانتهاء بالمسؤولين الامنيين في محافظة  البصرة ، امتثالا لتوجهيات المرجعية العليا ، عاقدة العزم على الكشف عن هوية المجرمين الذين نفذوا الجريمة ، لاسيما إن  الشهداء  كانوا من دعاة السلم والتعايش السلمي بين مكونات محافظة البصرة ، فقد امر رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي اثناء مشاركته في احتفال بمناسبة المولد النبوي اقامه الوقف السني في جامع أبو حنيفة النعمان بمنطقة الاعظمية في بغداد ، بالاسراع في كشف عن ملابسات الجريمة ،  و وجه قائد عمليات البصرة وقائد شرطة المحافظة بمتابعة جريمة العصابات الارهابية التي استهدفت علماء الدين في الوقف السني بالبصرة.

النظرة الابوية التي ينظر من خلالها السيد السيستاني للشعب العراقي دون اي تمييز بين ابنائه ، مهما اختلفت قومياتهم واديانهم ومذاهبهم ، اتضحت وبشكل لا لبس فيه من مواقفه المتعددة من الازمات والمشاكل والقضايا التي واجهها العراق خلال السنوات العشر الماضية ، لاسيما موقفه من الجريمة الكبرى المتمثلة بتفجير مرقدي الامامين العسكريين (عليهما السلام)  عام 2006 ، والتي كانت تهدف الى اشعال حرب اهلية في العراق لاتبقي ولاتذر ، الا ان حكمة ودراية السيد السيستاني ونظرته الابوية للعراقيين ، انقذت العراق وشعبه من مصير اسود.

* سامح مظهر/ شفقنا