أردوغان وسياسة النعامة

أردوغان وسياسة النعامة
السبت ٢٨ فبراير ٢٠١٥ - ٠٦:٣٥ بتوقيت غرينتش

لا يمر يوم دون تسرب معلومات استخباراتية غربية ، او تصريحات يدلي بها مسؤولون كبار في اجهزة الاستخبارات الغربية والامريكية ، حول الدور التدميري الذي تقوم به تركيا في سوريا ، من خلال دعمها للمجموعات التكفيرية الارهابية وعلى راسها "داعش" الى درجة التحالف المعلن والتدخل مباشرة في الحرب على سوريا ، فيما لا تكلف السلطات التركية نفسها حتى عناء الرد على هذه التقارير التي تكشف عن هذا التورط بالارقام ، اعتقادا منها ان الموقف الغربي المناهض لحكومة الرئيس السوري بشار الاسد يجعل الحليف الغربي يغض الطرف عن الدورالتركي في الحرب على سوريا.

التورط التركي في سوريا والدعم المكشوف الذي تقدمه للزمر التكفيرية كتسهيل نقلهم الى سوريا وتزويدهم بالسلاح والعتاد والتدخل عسكريا لصالح هذه الجماعات عندما تقتضي الضرورة لذلك كما حدث في معركة كسب وغيرها ، وصل الى الحد الذي يؤثر سلبا على مخططات امريكا في سوريا والمنطقة ، الامر الذي دعا المسؤولين الامريكيين الى تحذير تركيا اكثر من مرة من مغبة التعامل مع القضية السورية انطلاقا من نظرة شخصية وحزبية ضيقة.

يبدو ان التحذيرات الامريكية السرية لتركيا لم تجد اذنا صاغية لدى اردوغان وحزبه ، الذين لايرون من طريق لحل الازمة في سوريا الا عبر اسقاط حكومة بشار الاسد وعبر تسليح "داعش" ولياتي بعد ذلك الطوفان ، وهو ما بدا واضحا من رفض اردوغان الانخراط في التحالف الدولي لمحاربة "داعش" الذي يقوده الحليف الامريكي ،بل ان تركيا زادت من دعمها ل"داعش" وسمحت لاعداد اكبر من التكفيريين الارهابيين لعبور حدودها الى سوريا ، معتبرة انه لاجدوى من هذا التحالف ، رافضة تقديم اي مساعدات لوجستية للتحالف او فتح مطاراتها امام طائراته، وهو ذات الموقف الذي اتخذته قطر شريكة تركيا في دعمها ل"داعش" ، من التحالف ومن الضربات العسكرية التي وجهتها مصر لقواعد "داعش" في ليبيا ، اثر ذبح 21 مواطنا مصريا في ليبيا.
هذه المواقف التركية المكشوفة دفعت الحليف الامريكي في الاخير الى الاعلان وبصراحة عن تورط تركيا في دعمها ل"داعش" ، وعلى لسان اعلى مسؤول امني امريكي وهو رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية جيمس كلابر ، الذي اعلن أثناء جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الامريكي ، إن محاربة داعش ليست أولوية بالنسبة إلى تركيا.

واضاف كلابرإن هذا الأمر يسهل عبور مقاتلين أجانب من الاراضي التركية الى سوريا ، وان نحو ستين في المئة من المقاتلين يدخلون من تركيا إلى سوريا، نتيجة التساهل التركي وعدم النظر الى التنظيم باعتباره تهديداً رئيساً.

وقبل كلابر ، حذر مسؤولون غربيون من الدور التركي في تهريب المقاتلين إلى سوريا. فقد سبق لرئيس الوزراء الفرنسي مانول فالس أن دعا كلاً من تركيا وقطر إلى محاربة تنظيم داعش، قائلاً إن على قطر أن تزيل الشكوك بما يتعلق بتمويلها الجماعات الإرهابية.

الدور التركي الذي ينطلق من نظرة حزبية وطائفية ضيقة ، لاينحصر في سوريا فقط ، فذات الدور التخريبي الذي تقوم به تركيا في سوريا ، تقوم به ايضا مع شريكتها قطر في ليبيا ، فبعد ساعات من اتهام كلابر لتركيا بالتدخل العلني في سوريا ودعم "داعش" ، اعلن رئيس الوزراء الليبي المعترف به دوليا عبد الله الثني ، وبشكل صريح ان تركيا ترسل اسلحة عبر البحر الى مجموعات ليبية مرتبطة بالقاعدة و "داعش" في طرابلس ، مؤكدا  إن حكومته ستوقف التعامل مع تركيا بشكل كامل.

وقال الثني لقناة سي.بي.سي التلفزيونية المصرية ان "تركيا دولة لا تتعامل  معنا بمصداقية .. تصدر لنا أسلحة لكى يقتل الشعب الليبى بعضه البعض".

ان الدور السلبي الخطير لاردوغان في المنطقة ، لم ولن يكون في صالح تركيا ، لا من المستقبل القريب ولا البعيد ، فمن الخطا تصور ان بامكان تركيا ان تنعم بالامن والاستقرار ، فيما النيران تشتعل في المنطقة ، فالتجربة اثبتت ان الامن القومي لاي بلد من بلدان المنطقة يرتبط ارتباطا عضويا مع امن الاقليم ، فلن تعصم تركيا تحالفها الاني والمصلحي مع "داعش" اليوم ، من خطر هذا التنظيم الارهابي غدا ، وعلى اردوغان ان يتعظ بتجربة السعودية مع القاعدة ، عندما اتخذتها ورقة ضغط لتمرير اجنداتها واجندات امريكا والغرب في المنطقة ، الا انها انقلبت عليها بعد ذلك ، لذلك ان على اردوغان ان يكف عن ممارسة سياسة النعامة ودفن راسه بالتراب ، وكأن العالم غافل عما يفعل ، قبل ان يستيقظ على تفجيرات "داعش" وهي تزرع الموت والخراب في شوارع انقرة واسطنبول.

*سامح مظهر/ شفقنا