السعودية تنتقم “لإسرائيل” من السويد

السعودية تنتقم “لإسرائيل” من السويد
الأربعاء ١١ مارس ٢٠١٥ - ١١:٠٨ بتوقيت غرينتش

كان من المنتظر ان تتخذ الجامعة العربية اجراءات تُظهر من خلالها وقوفها الى جانب السويد ، التي تتعرض لضغوط اسرائيلية وامريكية ، عقابا لها على خطوتها الجريئة المتمثلة بالاعتراف رسميا بدولة فلسطين ، ورفع التمثيل الدبلوماسى الفلسطينى إلى مستوى السفارة ، الا ان هذا الانتظار طال ، دون ان تتخذ الجامعة العربية اي اجراء بهذا الشأن ، بل على العكس تماما ، قامت الجامعة العربية بطعن السويد بالظهر بخنجر سعودي مسموم.

خاص-شفقنا- مسرح الجريمة كان مقر الجامعة العربية ، التي تحولت الى مطية للسعودية وقطر ، بعد انحسار دور الدول العربية المؤسسة والمؤثرة ، لاسباب باتت معروفة للجميع ، وذلك عندما وجه الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي دعوة لوزيرة الخارجية السودية السيدة مارغريت فالستروم ، والتي كان لها دورا مشرفا في ان تتحول السويد الى اول دولة اوروبية تعترف بدجولة فلسطين وترفع العلم الفلسطيني في استوكهلم ، لالقاء كلمة ، اعتزازا بدور بلادها الرائد من القضية الفلسطينية ، في جلسة افتتاح اجتماع وزراء خارجية الدول العربية يوم الاثنين الماضي ، الا ان نبيل العربي يلغي فجأة كلمة وزيرة خارجية السويد ، بعد اوامر صدرت له من السعودية.
فضيحة نبيل العربي وجامعته ، كشفت عنها وزير الخارجية السودية نفسها ، في تصريح لإذاعة السويد الرسمية، عندما قالت إن كلمتها ألغيت عقب اعتراض السعوديين الذين أبدوا ردة فعل قوية إزاء ما قلناه بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان ، واعربت عن خيبة أملها ازاء الوضع الصعب الذي وصلت اليه الجامعة العربية.
وزيرة الخارجية السويدية التي طعنها السعوديون ، كانت قد تلقت طعنات مماثلة ولكن اسرائيلية ، وذلك عندما رفضت "اسرائيل"  استقبالها، عقب اعلان السويد الاعتراف رسميا بالدولة الفلسطينية وتوجيه دعوة رسمية للرئيس الفلسطيني محمود عباس لحضور حفل افتتاح السفارة الفلسطينية في استوكهولم ، معتبرة السيدة مارغريت والستروم بانها "غير مرحب بها في اسرائيل".
صحيح ان البعض اعتبر الموقف السعودي الفاضح من وزيرة الخارجية السويدية ، يعود الى موقفها من قضايا حقوق الانسان والمراة وقضية الناشط رائف دوي الذي حكمت عليه السعودية بالف جلدة ، ولكن هذا الامر لا يمكن ان يبرر اتخاذ هذا الموقف العار من دولة كانت تعتبر يوما ما تابعة لامريكا في سياستها الخارجية ، ولا تمتلك اي مواقف داعمة للقضية الفلسطينية ، فاذا بها تتمرد على امريكا واللوبي الصهيوني في اوروبا وتعترف بالدولة الفلسطينية وتفتح باب الاعتراف بالفلسطينيين امام الدول الاوروبية الاخرى ، فمثل هذا الموقف لا يمكن تجاهله لمجرد ان السويد انتقدت سجل السعودية في مجال حقوق الانسان ، وهو سجل اسود من السواد نفسه ، وبشهادة جميع اعداء واصدقاء السعودية.

ان الخنجر السعودي المسموم الذي طعن به نبيل العربي السويد ، جاء انتقاما لموقف السويد من القضية الفلسطينية و"اسرائيل" ، فالسعودية ارادت من خلال هذا الاجراء ان ترد بعض الفضل "لاسرائيل" وشخص رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ، الذي يتزعم المجهود التخريبي الصهيوني العربي الرجعي ضد المفاوضات النووية ، لاسيما بعد خطاب الاخير امام الكونغرس الامريكي وتداعياته المتمثلة بالرسالة الفضيحة للجمهوريين الى قادة ايران.

ان العلاقة الوثيقة بين "اسرائيل" والسعودية كانت قائمة منذ بداية تاسيس الكيان الصهيوني في قلب العالم العربي والاسلامي ، الا انها اليوم اخذت منحى اخر بسبب التطورات التي تشهدها المنطقة ، والتي تحاول امريكا من خلالها رسم خارطة جديدة للمنطقة ، الامر الذي تطلب ان تطفو هذه العلاقة على السطح لتكون اكثر فاعلية وتاثيرا ، وما التحالف بين الزمر التكفيرية التي تدعمهم السعودية في سوريا ، مع الكيان الاسرائيلي ، واللقاءات التي تجري بين كبار المسؤولين في السعودية و"اسرائيل"  ، والزيارات التي يتبادلها مسؤولو البلدين الا جانبا من هذه العلاقة التي يعود تاريخها الى عهد الملك عبد العزيز ال سعود.

ان فسخ رئيس وزراء السويد  ستيفان لوفن لاتفاق التعاون العسكري بين بلاده والسعودية على خلفية الغاء خطاب والستروم ، واعلان الاتحاد الاوروبي انه سيطلب توضيحات من جامعة الدول العربية بشان الخطاب ، يمكن ان يشكل حافزا للدول العربية ، التي تحولت الى تابع للسعودية والدول الخليجية ، لدفعها للوقوف في وجه السعودية والقول لها بصوت عال : كفى عبثا بالدول والشعوب العربية ، وكفى عبثا بمصالح العرب والمسلمين ، ارضاء لامريكا و"اسرائيل".

بقلم:جمال كامل – شفقنا