السعودية و"إسرائيل" والحلف غير المقدس ضد إيران

السعودية و
السبت ٠٤ أبريل ٢٠١٥ - ٠٦:٣٢ بتوقيت غرينتش

العالم اجمع رحب بالاتفاق المبدئي الذي توصلت اليه ايران والدول العظمى الست ، امريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا وروسيا والصين ، والذي سيشكل اساس الاتفاق النهائي الذي من المقرر ان يتم صياغته في فترة لا تتجاوز الثلاثة اشهر ، ليضع حدا لازمة مفتعلة حول البرنامج النووي الايراني دامت اكثر من عشرة اعوام ، مارس خلالها الغرب خاصة امريكا مختلف الضغوط السياسية والحظر الاقتصادي و التهديدات العسكرية ، ضد الشعب الايراني لحرمانه من حقه في امتلاك برنامج نووي سلمي.

يبدو ان هذا الاتفاق الذي اسقط كل المبررات  لمواصلة امريكا والغرب ، سياسة الحظر الظالم على الشعب الايراني ، كما ابعد شبح التدخل العسكري الامريكي عن المنطقة ، وجنبها كل التداعيات المترتبة عن هذا التدخل ، على امن واستقرار بلدانها وشعوبها ، لم يرق فقط لجهتين ، كانتا ومازالتا ، ترفضان وتبذلان كل ما في وسعهما من اجل افشال الاتفاق ، حتى لو اضطرتا الى اشعال المنطقة برمتها.

هاتان الجهتان هما " السعودية و "اسرائيل" ، اللتان تتفقان اتفاقا كاملا في مواقفهما من الجمهورية الاسلامية في ايران ، وهذا الاتفاق لا ينحصر بالموضوع النووي ، بل بكل شيء يتعلق بايران، او بمحور المقاومة ، كما اتضح من مواقف السعودية و "اسرائيل " من حزب الله وحماس والجهاد الاسلامي وسوريا ومن القضية الفلسطينية بشكل عام.

وليس غريبا ان يعلن الرئيس الامريكي باراك اوباما فور الاعلان عن اتفاق لوزان بين ايران ومجموعة 5+1 ، انه اتصل برئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو و بالملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ، ليؤكد لهما الا يقلقا من الاتفاق ، مؤكدا دعمه لهما امام اي تهديد.

لكن نتنياهو قال لاوباما إن الاتفاق سيهدد بقاء "إسرائيل" ويمهد الطريق أمام طهران ل"صنع قنبلة نووية" ، وان الاتفاق سيضفي شرعية على برنامج ايران النووي ويعزز اقتصاد ايران ويزيد من "عدوان ايران وارهابها" في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه!!.

وبعد اجتماع للحكومة المصغرة المعنية بالشؤون الأمنية قال نتنياهو انه يطالب ان يتضمن أي اتفاق نهائي مع ايران التزاما ايرانيا واضحا لا لبس فيه بحق اسرائيل في الوجود.

كما عادت لهجة التهديدات الصهيونية تتعالى بعد الاتفاق ، فقد قال الجنرال نمرود شيفر رئيس هيئة التخطيط في جيش الاحتلال الصهيوني في لقاء مع صحيفة "اسرائيل هايوم"  يوم الجمعة ان : "الخيار العسكري كان دائما مطروحا على الطاولة كما قلنا دوما... إذا لم يكن يذكر كثيرا في وسائل الاعلام في الآونة الاخيرة فلا يعني هذا تغييرا في السياسة".

اما السعودية التي دعا ملكها السابق عبد الله بن عبدالعزيز ، واشنطن يوما الى "قطع رأس الأفعى" بمهاجمة البرنامج النووي الإيراني ، فكان موقفها من اتفاق لوزان ، باهتا الى الحد الذي كشف قلقا سعوديا لا يقل عن قلق الحليف "الاسرائيلي " فهذه صحيفة "الوطن" السعودية المقربة من الأسرة الحاكمة تكتب في عددها الصادر يوم الجمعة "يبدو أن حلم إيران بامتلاك أسلحة نووية تبدد في مدينة لوزان السويسرية أمس".

كما أعرب علي الخضيري المستشار السابق للسفراء الأمريكيين في بغداد عن قلقه من أن يكون الاتفاق يعترف فعليا بإيران كدولة على أعتاب اكتساب قدرة تسلح نووي ، وهو ما سيمكن ايران من تعزيز سيطرتها على مناطق عربية.

وفي وقت سابق كشفت برقيات دبلوماسية أمريكية نشرها موقع ويكيليكس أن عددا كبيرا من أمراء السعودية ، بينهم ولي العهد الحالي الأمير مقرن،  يطالبون الولايات المتحدة ان تتصدى لايران.

ان الخوف المشترك للسعودية و "اسرائيل" من البرنامج النووي الايراني ، هو خوف مصطنع ، الهدف منه دفع الغرب والولايات المتحدة الى ممارسة المزيد من الضغوط على الجمهورية الاسلامية ومحور المقاومة ، وهو المحور الذي انتصر في اكثر من منازلة امام المحور الصهيوامريكي الرجعي في المنطقة ، والا فالجميع يعلم علم اليقين ان ايران ليست في وارد الحصول على السلاح النووي ،كما ان الكيان الصهيوني ، الذي يتباكى على امن واستقرار المنطقة يمتلك اكثر من 400 راس نووية ، بينما السعودية هي من اكبر اسباب انعدام الامن والاستقرار في المنطقة وخاصة سوريا والعراق ولبنان وليبيا واليمن ، بفضل فيروس الوهابية والعصابات التكفيرية وامكانياتها المادية ، فيما ايران لم تشكل يوما تهديدا على الدول الاسلامية والجارة لها ، ولم يسجل التاريخ المعاصر ان اعتدت ايران على جيرانها ، رغم وقوف الجميع الى جانب العدوان الصدامي على ايران .

ان ما يجري في اليمن الان يكشف وبشكل فاضح ، التحالف القائم بين "اسرائيل" و السعودية ، ضد ايران ومحور المقاومة بشكل عام ، وهو امر لم يعد خافيا بعد المواقف الداعمة  لزعماء الكيان الصهيوني للعدوان السعودي عل اليمن تحت ذريعة حماية باب المندب ، فهذا  الباحث في الشؤون الإستراتيجيّة بوزارة "الأمن الإسرائيليّة" إيهود عيلام ، يقول في دراسة جديدة نشرها قبل ايام حول ما وصفه ب"المحور السني " ضد ايران ، وعدم تهديد هذا المحور ل"اسرائيل" بل انه تم تاسيسه لمحاربة "التمدد الايراني" ، حيث يقول في جانب منه : أمّا بالنسبة للسعوديّة، فهي لن تسمح بمحاربة "إسرائيل".. بل على العكس تمامًا، ففي السنوات الأخيرة، تمّ نشر العديد من التقارير التي تحدثت عن تعاون وتنسيق بين تل أبيب والرياض، ..وأنّ التدّخل السعوديّ في اليمن هو مرحلة أخرى من التقارب بين المملكة العربيّة السعوديّة وبين "اسرائيل" ، ذلك أنّه يوجد تساوی مصالح بين "إسرائيل" وبين "الدول السنيّة" ، العربيّة والإسلاميّة على حدٍ سواء، في وقف "التوسّع الإيرانيّ"  بمنطقة الشرق الأوسط، .. ويجب على "إسرائيل"أن تقدم المساعدة لحليفاتها، وليس عبر إرسال الجنود، إنمّا إبقاء المساندة "الإسرائيليّة" سريّة للغاية.

اذا هنيئا لزعماء السعودية جبهتهم الموحدة وتحالفهم غير المقدس مع سفاحي دير ياسين وكفر قاسم وصبرا وشاتيلا ومغتصبي القدس ومشردي الشعب الفلسطيني ، ضد الجمهورية الاسلامية في ايران وضد محور المقاومة وضد الشعب الفلسطيني واهالي غزة المحاصرين.

* جعفر صادق/ شفقنا