وثيقتان تكشفان كواليس التنسيق بين التكفيريين

القلمون: «النصرة» تستنجد بـ «داعش»

القلمون: «النصرة» تستنجد بـ «داعش»
الإثنين ١١ مايو ٢٠١٥ - ٠٦:٥٩ بتوقيت غرينتش

أبرز ما لفت الانتباه في معارك القلمون الأخيرة، غياب تنظيم «داعش» عنها، وعدم ظهوره فيها، سواء إعلامياً أو ميدانياً، حيث احتلّت «جبهة النصرة» صدارة المشهد، وحازت على كل الاهتمام، بالرغم من أنها، في الواقع، حاولت التستر تحت مسمى «جيش الفتح في القلمون» لأسباب عدّة، قد يكون في مقدمتها ألا تتحمل وحدها مسؤولية أي انتصار يحققه خصومها «حزب الله» والجيش السوري في المنطقة.

غير أن هذا الغياب لـ «داعش» لا يعكس حقيقة الواقع الذي كان يجري من وراء الكواليس في غياهب الكهوف والمغاور التي تشهد اجتماعات القيادات الكبيرة للجماعات التكفيرية لمناقشة شؤون المعارك، وكيفية التعامل معها.
ففي هذه الكواليس كان «داعش» حاضراً بقوة، ويحتل جزءاً لا بأس به من المشهد الذي يجري في جرود القلمون. وينقسم هذا الحضور الخفي إلى جانبين متناقضين، ففي الجانب الأول وجهت إلى «الدولة الإسلامية في القلمون» اتهامات مباشرة بأنه كان وراء الهزيمة في جرود عسال الورد، وأن انسحاب عناصره قبل يومين من بدء المعركة شكل سبباً مباشراً في إحداث ثغرة دفاعية تمكن «حزب الله» والجيش السوري من استغلالها، والنجاح بسببها في السيطرة على هذه الجرود في وقت قياسي.
أما في الجانب الثاني، والذي يناقض تماماً الجانب الأول، فقد سرّب بعض النشطاء وثائق تثبت أن «جبهة النصرة» طلبت من بعض قيادات «داعش في القلمون» المشاركة في القتال للتصدي للهجوم الذي يشن ضدها في الجرود، وخاصة جرود عسال الورد والجبة، وهذا الطلب بلا أي شك يخالف الاتهامات السابقة بالانسحاب.
وكشف الناشط «ثائر القلموني»، المعروف بميله إلى «داعش»، عن وثيقتين تثبتان أن أمير «جبهة النصرة في القلمون» أبو مالك التلي استنجد بقيادات وعناصر من تنظيم «داعش» لمساعدته في صد الهجوم الذي ينفذه «حزب الله» والجيش السوري على جرود عسال الورد.
والوثيقة الأولى عبارة عن رسالة موجهة من أبي مالك إلى القياديين في «داعش» أبو عمر الدرع وأبو البراء، يحثهما فيها على «تقديم العون إلى إخوانكم المجاهدين عبر القتال في قطاع الجبة وعسال الورد .. فكونوا عوناً لنا تجدونا أخوة أوفياء لكم».
وأشار أبو مالك في رسالته إلى وجوب «الاجتماع تحت راية الإسلام وترك الفرقة بسبب الأطر التنظيمية»، وأنه «علينا الوقوف جنباً إلى جنب في وجه الطغيان والظلم» (حسب زعمه). وتدل هذه الوثيقة على أن التلي ما زال يتقرب من «داعش»، ويحافظ على علاقات قوية مع قياداته وكوادره الفاعلة في القلمون بالرغم من كل الخلافات السابقة بينهما، كما تدل على أن «داعش في القلمون» ما يزال يمتلك مقومات قوة جعلت الشامي يلتفت إليها مستنجداً.
أما الوثيقة الثانية فهي عبارة عن تصريح عبور صادر باسم «أبو عمر الدرع» للسماح له بالدخول برفقة من «يثق بدينه» إلى قطاع الجبة وعسال الورد، عن طريق فليطة أو الرهوة، والطلب من حواجز «جبهة النصرة» «تسهيل مرورهم مع توثيق عدد الداخلين».
وعلّق الناشط ثائر القلموني على هاتين الوثيقتين بالقول إنهما تأتيان رداً على من يقول «أن داعش طالب بالمشاركة في القتال، لكن جبهة النصرة رفضت ذلك، وأن هذا الكلام غير صحيح كما تثبت الوثائق». ومع ذلك أقر القلموني أن عناصر «داعش» انسحبوا بالفعل من عسال الورد، لكنه أكد، في المقابل، أنهم ما زالوا «يزودون المجاهدين بالذخيرة».
في هذا الوقت، أحرزت القوات السورية وعناصر «حزب الله» تقدماً في جرود الجبة في القلمون، و»تمت السيطرة على قرنة المعيصرة وتلة الدورات وعقبة أم الركب».
وذكرت قناة «المنار» انه تم «تدمير ثلاثة معسكرات للتدريب في الجرد، أهمها معسكر المعيصرات. وقد دارت اشتباكات في هذا المعسكر أدت إلى مقتل أكثر من 20 من مسلحي النصرة، فيما فر آخرون. كما تم تدمير عشرات المراكز المتواجدة ضمن كهوف ومغاور وخيم عسكرية، وتم تفكيك عشرات العبوات والألغام، وتدمير 4 آليات عسكرية مجهزة برشاشات ثقيلة». كما تمت السيطرة على معبر وادي الكنيسة بين جرود الجبة وجرود عسال الورد.
من جهة أخرى، تصاعدت حدة الخلافات بين الفصائل المسلحة في القلمون الشرقي، الذي شهد في اليومين الماضيين عدة محاولات اغتيال استهدفت قيادات تابعة إلى عدة فصائل مسلحة في المنطقة. فقد أصيب مسؤول التسليح في ما يسمى «أحرار الشام» نتيجة انفجار عبوة ناسفة أمام منزله في جيرود، فيما نجا قائد في «لواء سيف الحق» التابع إلى «جيش الإسلام» من محاولة اغتيال بعد كشف عبوة ناسفة كانت مزروعة في سيارته في مدينة الضمير. كما نجا قائد «لواء الصديق» التابع لـ «جيش تحرير الشام» من محاولة اغتيال مماثلة.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن محاولات الاغتيال السابقة، غير أن أصابع الاتهام توجهت على الفور إلى «داعش» الذي يخوض معارك عنيفة ضد الفصائل الأخرى في القلمون الشرقي منذ عدة أشهر.

المصدر / السفير