محنة السيسي: صراع الأجنحة وتغير الحلفاء الإقليميين

محنة السيسي: صراع الأجنحة وتغير الحلفاء الإقليميين
الثلاثاء ١٩ مايو ٢٠١٥ - ٠٣:٠٩ بتوقيت غرينتش

يشهد النظام المصري الحالي برئاسة عبدالفتاح السيسي محنة وصراعاً مكتوماً تؤكّده مصادر سياسية وحكومية، وتظهر مؤشرات ذلك من خلال إقالة عدد من الوزراء لامتصاص غضب الشارع بناء على تقارير رفعتها جهات سيادية للرئيس المصري، مروراً بتردد أنباء قوية داخل أروقة مجلس الوزراء عن إقالة رئيس الوزراء إبراهيم محلب وترشيح وزير الاستثمار السابق أشرف العربي لخلافته، في ظل تصاعد حاد للأزمات المعيشية وارتفاع الأسعار التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء.

لم يتوقف الأمر عند إقالة وزير هنا ووزير هناك أو حتى رئيس الوزراء بحسب مصادر سياسية متطابقة، بل امتد إلى تفجير معسكر الثلاثين من يونيو كله، سواء الأحزاب أو الشخصيات السياسية البارزة التي تشكل ركائزه الأساسية، في محاولة لمنع اتحاد أي من تلك المكونات مرة أخرى، وتحديداً قبل تحديد موعد جديد لإجراء الانتخابات البرلمانية التي كان مزمعاً إجراؤها في مارس/ آذار الماضي.

وتشير مصادر متقاطعة إلى أن أبرز حلقة من حلقات تلك الحرب الخفية بين أجهزة سيادية في البلد ومناوئين للنظام الحالي في معركة النفوذ السياسي، هي نشْر تسريبات صوتية لمكالمات هاتفية لرئيس حزب “الوفد” السيد البدوي ينتقد فيها رجل الأعمال نجيب ساويرس في عبارات تحمل قدحاً وذماً، وأيضاً قيادات المجلس العسكري خلال الفترة التي أعقبت ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، واصفا إياهم بـ"الكلاب".

ويأتي تسريب تلك المكالمات في أعقاب تقارب كبير في الأيام الأخيرة بين رجل الأعمال السيد البدوي وساويرس، وسعيهما إلى تكوين تحالف سياسي للتنسيق خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة، وهو ما بدا واضحا في مقالٍ لساويرس في صحيفة “أخبار اليوم” الحكومية الجمعة الماضي بعنوان “الوفد” دافع خلاله عن البدوي في إطار المعركة التي يخوضها داخل الحزب مع جناح آخر يقوده السكرتير العام للحزب فؤاد بدراوي.

وتشير المصادر التي فضلت عدم نشر أسمائها إلى أن التقارب بين الرجلين زاد من قلق أجهزة السلطة من البرلمان المقبل، خصوصاً في ظل خوف مؤسسة الرئاسة من البرلمان الذي منحه الدستور الأخير صلاحيات واسعة، تصل لدرجة عزل رئيس الجمهورية، أو على الأقل عدم الموافقة على قانون الانتخابات الذي أُجريت على أساسه الانتخابات الرئاسية التي جاءت بالسيسي إلى قصر الاتحادية، وهو ما يعني إجراء انتخابات جديدة في حال عدم تصديق البرلمان.

ولفتت المصادر إلى أن  قوة الرجلين، خصوصاً أن كلا منهما يملك الأموال ووسائل الإعلام التابعة له، زادت أيضاً من مخاوف أجهزة السلطة في ظل ما وصفته بصراع أجنحة داخل النظام الحالي على توزيع النفوذ وسعي كل جهة سيادية في البلاد إلى توسيع حجم نفوذها في نظام ما بعد 3 يوليو/ تموز.

وتجدر الإشارة إلى أن البدوي يمتلك شبكة تلفزة نافذة هي “الحياة”، كما يملك ساويرس شبكة “أون تي في” التلفزيونية، ويعد أحد المساهمين البارزين بصحيفة “المصري اليوم”، إضافة إلى استحواذه أخيراً على نسبة 53 في المائة من شبكة تلفزيون “يورو نيوز” التي تبث في أوروبا.

إضافة إلى صراع الأجنحة، فإن ما يزيد من محنة النظام المصري الحالي، بحسب المصادر نفسها، هو التغييرات الإقليمية، التي لحقت ببعض الحلفاء الذين اعتمد عليهم السيسي عقب الثالث من يوليو/ تموز، وفي مقدمتهم المملكة السعودية، إذ اضطر الملك السعودي سلمان إلى تغيير خريطة تحالفات المملكة الإقليمية، وأعاد العلاقات القوية مع قطر وتركيا، اللذين يمثلان خصماً للنظام المصري بسبب دعمهما لجماعة “الإخوان المسلمين”، وهو ما دفع السعودية إلى تحسين علاقتها مع جماعة “الإخوان” بعد توتر حاد في العلاقات وصل لاعتبار المملكة للجماعة منظمة إرهابية خلال عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز.

وبحسب ما كشفته مصادر سياسية في وقت سابق، فإن السعودية تمارس ضغوطاً على النظام المصري لتغيير مواقفه أو على الأقل تحسين علاقته مع جماعة “الإخوان المسلمين” في مصر، ووقف تصعيده ضد حركة المقاومة “حماس” في قطاع غزة.

العربي الجديد - عيون