تفجير الصوابر وإستهداف وحدة اللحمة الكويتية

تفجير الصوابر وإستهداف وحدة اللحمة الكويتية
الإثنين ٠٦ يوليو ٢٠١٥ - ١٠:٤١ بتوقيت غرينتش

قال الزعيم الهندي الراحل مهاتماغاندي "إن الشعب الهندي كلما أراد أن يتّحد ضد الاستعمار الإنجليزي، قام الإنجليز بذبح بقرة ورميها في الطريق بين المسلمين والهندوس، كي يُشعلوا الفتنة ويستمر الصراع فيما بينهم، تاركين الاستعمار يأخذ مجراه".

الحدث الأليم والمفجع الذي شهدته الكويت قبل أيام وراح ضحيته 27 شهيداً و227 جريحاً من ابناء الكويت وأجانب وهم يؤدون فريضة صلاة الجمعة في مسجد الامام الصادق بمنطقة الصوابر خلال تفجير إنتحاري نفذه إرهاب سعودي الجنسية يدعى (فهد سليمان القباع)، والأحداث الارهابية المشابهة التي شهدتها من قبل المنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية والتي استهدفت ايضا المصلين في مسجد العنود بالدمام ومن قبله القديح بالقطيف وأدى الى سقوط عشرات المصلين وفي يوم الجمعة بين شهيد ومصاب؛ دون شك هي أشبه بتلك البقرة التي ذبحها أعداء الدين والوطن وألقوها على قارعة الطريق بهدف نشر الفتنة بين أطياف الشعب الواحد وزعزعة أمن الوطن عبر خلايا إرهابية تنفذها أياد مغرر بها، تجهل غاية الخلق والدين.

عملية الصوابر الارهابية فشلت في محاولة تصديع اللحمة الكويتية المتسقة والمتجانسة، وإشعال نار الفتنة الطائفية التي كان يراد لها بهذا العمل الدنيء والبشع باستهداف أمن الوطن وشق وحدة المجتمع وخلخلة صفه المتراص، شعب يعيش بسلام ووئام الى جنب بعضه البعض منذ عقود طويلة بعيداً عن الانتماءات الطائفية والعرقية والدينية ويضرب بتعايشه السلمي المثل بين سائر الشعوب العربية ناهيك عن أجواء الحرية والديمقراطية غير المعهودة في سائر بلداننا الخليجية .

لعل البعض لا يزال  يسعى جاهداً الى تجاهل الداعم الحقيقي والأرض الخصبة لنمو واتساع رقعة انتشار "داعش" هذا التنظيم الارهابي التكفيري الذي يعيث في المنطقة الفساد ويستهدف البشر والمدر والحجر ويتبنى على الدوام جملة العمليات الانتحارية التي تستهدف دور العبادة والمساجد بمصليها في بلدان المنطقة، لكن العقلاء يقفون جيداً على دور السعودية وغالبية البلدان الخليجية في نمو هذه الأفعى السامة والخطرة مع كل الأسف عبر الانفتاح الاعلامي على عملياته الاجرامية في سوريا والعراق واليمن ومصر وكيف تمكنت الماكنة الدينية السعودية من العبث بعقول الشباب العربي خاصة الخليجي لانخراط في هذا التنظيم الماكر والعابث بأمن وإستقرار بلداننا وشعبنا يريق الدماء دون ذنب .

جماعة متطرفة لا عقل ولا قلب ولا روح لديها، تحمل في طّياتها أجندة فاسدة اتخذت من الدين غطاء لاستعطاف قلوب البشر وطريقاً لتنفيذ مآربهم، يعزفون أفكارهم الباطلة على وتر اسلامي حيث الاسلام هذا دين السماحة والمحبة والمودة منهم براء؛ أحتضنتهم أجهزة الاستخبارات الوثنية الغربية ونفخت فيهم روح الحقد والكراهية وتكفير الآخر لشق عصا المسلمين والعرب وتفكيك وحدة بلدانهم جاعلة منهم العصا الغليظة لمن عصى رغباتها وأجندتها فكانوا كما قال أحمد ديدات "إن أشرس أعداء الإسلام هو مسلم جاهل يتعصب لجهله ويشوه بأفعاله صورة الإسلام الحقيقي ويجعل العالم يظن أن هذا هو الإسلام".

إستغل أصحاب النفوس الضعيفة والنوايا الخبيثة أوضاع الحرية في الكويت دون غيرها لتضحى منبراً صادحاً لترويج هذا الفكر المتطرف، فانطلقت منها القنوات الفضائية على مختلف ميولها الطائفية السنية منها والشيعية لبث السموم وزرع الحقد وبذور الفتنة الطائفية  في المنطقة وهو ما لم تتنبه اليه الحكومة الكويتية ولم تعمل على كبح جماح هذه الجماعات المعلومة الحال والمدعومة خارجياً، فسمحت لهم فعل ما يشاؤون من تهييج لأحاسيس الناس ما إن انطلقت الاحداث في سوريا واذا بنواب في البرلمان الكويتي وفي مقدمتهم النائب السابق وليد الطبطبائي  وغيره من انصار الوهابية السلفية الى رفع شعار الجهاد في بلاد الشام وأخذوا يتفاخرون بنحر الأبرياء هناك ووظفوا قنواتهم الدينية لدعم هرائهم وعهرهم الطائفي ومنها قناة "وصال" وبمساعدة عثمان الخميس وشافي الهجمي ومدير القناة بندر النصار المدرجة أسمائهم على لائحة الارهاب .

"وصال" التي بدأت ببث سمومها من دولة الكويت ومن منطقة أم الهيمان عبر فيلا سكنية يديرها الطبطبائي والعاملون فيها من البدون، لم يكن بمقدورها الإيفاء بالدور المطلوب في إشعال نار الفتنة من طرف واحد فكان لابد من إبراز وجه من الطرف الآخر أي من الطائفة الشيعية ليكمل بعضه دور الآخر في إشعال نار الفتنة الطائفية ليقع الاختيار على شاب متهور أرعن لا يفقه للدين من شيء ليلبسوه عمة قيادة وإمامة العبث الطائفي من الجانب الشيعي باسم الشيخ ياسر الحبيب يرتقي المنابر ويكيل السباب والشتائم على الخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين عبر قناة "فدك" التي تبث وتدعم من قبل سلطة الفتن والمكر الاستعماري بريطانيا بعد أن هرب اليها من قرار القضاء الكويتي وسحب الجنسية منه ليكون الوقود والزيت المناسب ومستمسكاً للهب نار الحرب الطائفية في المنطقة.

لقد سطرت الكويت بأميرها وحكومتها وشعبها الأبي والواعي ملحمة وطنية لامثيل لها، ووجهوا صفعة موجعة للارهابيين التكفيريين ومن يقف من ورائهم ويدعمهم كويتياً وسعودياً وأقليمياً ودولياً بحضورهم الحاشد في تشييع جثامين ضحايا مسجد الصوابر ورفع صيحات الادانة للارهاب وأهله وفي مقدمتهم أمير الدولة الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي حضر مسجد الامام الصادق ولم يمر على وقوع الحادث الارهابي إلا دقائق معدودة وهو يبكي ويقول: "هذولا عيالي"، رافضاً طلب وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد بمغادرة المكان  خاصة وإن احتمالات الخطر كانت لا تزال كامنة من تكرار الحادث كما هو معهود في العراق وسوريا.

* الكاتب والمحلل اليمني – حسن علي وولد جميل

*الوعي نیوز