النظام الخليفي ولعبة الأوراق الأخيرة

النظام الخليفي ولعبة الأوراق الأخيرة
الأربعاء ٢٩ يوليو ٢٠١٥ - ٠٩:٥٨ بتوقيت غرينتش

كما تتشابه الانظمة الديمقراطية ، التي تضطلع الشعوب فيها بدور رئيسي في ادارة شؤون البلاد مع اختلافات بسيطة لا تمس القاعدة الاساسية لهذه الانظمة ، تتشابه الانظمة الدكتاتورية ، التي تكتم على انفاس الشعوب ، وتقمع بالحديد والنار كل تحرك شعبي يطالب حتى بالمستويات الدنيا من الكرامة الانسانية والمشاركة في ادارة البلاد.

من اكثر وجوه التشابه بين الانظمة الدكتاتورية ، هي طريقة التعاطي مع المعارضة ، وخاصة تلك التي لها قاعدة شعبية لا يمكن للانظمة الدكتاتورية انكارها ، لذلك تلجأ هذه الانظمة الى وسيلة في غاية الخسة والدناءة ، تتمثل بتخوين المعارضة ،واتهامها بالارتباط بالخارج ، وتنفيذ اجندات اجنبية هدفها ضرب امن واستقرار البلدان والشعوب.

ولما كانت المعارضة للانظمة الدكتاتورية ، وخاصة تلك التي تمتلك قاعدة شعبية عريضة وواسعة ، لا تجد نفسها بحاجة الى استخدام العنف للتعبير عن رفضها للانظمة الدكتاتورية ، ويكفي حراكها السلمي الطاغي ، دليلا على الرفض الشعبي للانظمة الدكتاتورية ، والملفت ان الانظمة الدكتاتورية لا تطيق ابدا الحراك السلمي ، فترى فيه الخطر الاكبر الذي يتهددها على المدى المتوسط والطويل ، لذلك تحاول ان تدفع بالجماهير الى استخدام العنف ليكون لديها من الاسباب التي تجعلها ان تقمع كل تحرك جماهيري تحت يافطة اعمال الشغب والفوضى وما الى ذلك.

عندما تعجز الانظمة الدكتاتورية عن استفزاز الجماهير، رغم كل قسوتها وقمعها وظلمها واستبدادها ، نراها تلجأ الى قتل عناصرها الامنية وجنودها وحتى قتل الناس في الاسواق والمدارس والمستشفيات ، عبر تفجيرات واغتيالات ، ومن ثم القاء المسؤولية على المعارضة ، لضرب مجموعة من العصافير بحجر واحد ، فهي تتهم بذلك المعارضة بالارهاب ، وتبرر كل قمعها واستبدادها ضد المعارضة ، وارهاب المعارضة ودفعها الى التراجع عن مطالبها ، خلق حالة من انعدام الامن في المجتمع لدفع الشعب الى احضان النظام بوصفه الملجأ الاخير الذي يمكن ان يحفظ الامن والاستقرار للوطن والمواطن.

اكثر من استخدم هذه السياسة اللاخلاقية هو نظام الدكتاتور صدام حسين في العراق ، الذي تفنن في قتل الابرياء من الشعب العراقي ، بهدف تشويه سمعة المعارضة العراقية عبر تخوينها وربطها بالخارج . واليوم يمارس النظام السعودي هذه السياسة المجرمة ضد الشعب اليمني المظلوم ، فهو الذي يقوم بقتل الابرياء منذ اربعة اشهر حتى وصل عدد الشهداء في اليمن الى نحو 4000 شهيد ، بينما النظام السعودي المستبد والظالم ، يعلن وبكل صلف ووقاحة ان الجيش اليمني وحركة انصارالله هي التي قتلت هؤلاء الشهداء.

الملفت ايضا ان السعودية التي تسفك بالدم اليمني منذ اربعة اشهر ، وتمد التكفيريين امثال “داعش” والقاعدة وعصابات الاصلاح بكميات هائلة من الاسلحة والعتاد والمال ، فيما نرى هذا النظام القاتل ينعق ليل نهار ، ان الجيش اليمني وانصارالله تدعمهم ايران وتقدم لهم الاسلحة ، فيما البلاد ومنذ اكثر من اربعة اشهر محاصرة من البر والبحر والجو.

اليوم يقوم نظام دكتاتوري بائس ، بتكرار هذه السياسة الخائبة ، ليثبت للعالم اجمع ان الدكتاتوريات في مختلف انحاء العالم تتشابه في قمعها لشعوبها ، فالنظام الدكتاتوري الخليفي وبعد فشله المدوي في دفع الحراك السلمي الحضاري للشعب البحريني ، الى استخدام وسائل عنفية ، بدأ يكرر ما فعلته الانظمة الدكتاتورية الاخرى، حيث اخذ يضحي بجنوده ورجال امنه ومرتزقته ، عبر قتلهم في تفجير عبوات وقنابل في المناطق التي تمثل القاعدة الشعبية للمعارضة البحرينية .

في يوم الثلاثاء 28 تموز / يوليو ذكرت وكالة الأنباء الرسمية الخليفية خبرا جاء فيه : ان شرطيين قتلى واصيب ستة آخرون في انفجار قنبلة أمام مدرسة للفتيات في قرية سترة ، وأحدث الانفجار ثقبا ضخما في جدار بالمدرسة وهي مغلقة للعطلة الدراسية الصيفية .

يبدو ان قتل الشرطيين لم يكن هو الهدف من وراء هذا التفجير ، فالسلطات الخليفية كانت تستهدف شيئا اخر ، جاء في آخر هذا الخبر وهو: أن المتفجرات المستخدمة في القنبلة ، هي من نفس نوع الشحنة التي تم تهريبها من ايران الى البحرين ، والتي صادرتها السلطات البحرينية يوم السبت الماضي.

واستكمالا للخطة ، قال وزير الخارجية البحريني خالد آل خليفة في رسالة نشرها بحسابه على موقع تويتر ، وضع المعارضة البحرينية في كفة واحدة مع “داعش” وقال “لا فرق لدي بين داعشي سني وآخر شيعي. فهم من طينة واحدة وهدفهم واحد وإسنادهم إيراني”.

لسنا هنا في وارد الرد على هذيان آل خليفة ، فليس هناك عاقل يحترم عقله ان يقبل هذه المقارنة السخيفة لال خليفة بين المعارضة الوطنية البحرينية ، وبين “الدواعش” الذين تربوا باحضان ال خليفة وال سعود وال ثاني ، فاسياد هؤلاء في واشنطن يعرفون من يساند ويمول “داعش” ، ولكننا نقلنا ما قاله وزير خارجية ال خليفة ليتبين للقارىء المراحل المعروفة التي سارت عليها ، انظمة دكتاتورية سبقت دكتاتورية ال خليفة.

ومن اجل الحيلولة دون ان يصطاد النظام الخليفي في الماء الذي عكره ، اصدرت جمعية الوفاق وهي كبرى المجموعات المعارضة في البحرين بيانا على موقعها على الإنترنت نددت فيه بالهجوم قائلة إن “هذه الحوادث لا تمت للحراك السلمي بصلة إطلاقا وهي حوادث معزولة وغريبة وشاذة عن الحراك الشعبي السلمي الواسع المطالب بالتحول الديمقراطي في البحرين”.

هذه الممارسات اللانسانية للانظمة الدكتاتورية ومن بينها النظام الخليفي ، تؤكد صوابية الشعب البحريني في مواصلة نضاله ضد هذه الطغمة الحاكمة التي لا تتورع عن استخدام ابشع الاساليب من اجل التشبث بالسلطة ، ومن سوء حظ النظام الخليفي ان سياسة اتهام المعارضة وتخوينها ، باتت سياسة عقيمة ، تكشف من بين ما تكشفه ، ان النظام الذي يعتمدها يكون عادة يمر باخر مراحل حياته ، فمثل هذه الاوراق تكون آخر ما في جعبة الانظمة الفاسدة ، وهذا الامر اكدته التجربة التاريخية للشعوب الاخرى مع دكتاتورياتها التي انقرضت.

*جمال کامل/ شفقنا