اطفال تونس بين فكي كماشة المسلحين المتطرفين

اطفال تونس بين فكي كماشة المسلحين المتطرفين
الجمعة ٣١ يوليو ٢٠١٥ - ٠١:٥٠ بتوقيت غرينتش

‌كشفت الأجهزة الأمنية التونسية أن خلايا الجماعات المسلحة استقطبت أطفالا لا تتجاوز أعمارهم 17 سنة، وجندتهم لدعمها لوجستيا وتوفير المواد الغذائية ونقل معلومات حول تحركات الوحدات الأمنية بعد أن قامت بتدريبهم على استخدام الأسلحة في إطار خطة تهدف إلى بناء "حاضنة اجتماعية" جديدة بعد أن تمكنت من تجنيد الآلاف من الشباب.

وذكر "ميدل ايست" ان مصدرا أمنيا تونسيا قال في تصريحات صحفية نشرت الجمعة أن الجهود التي قادتها الأجهزة الأمنية خلال الأشهر الأخيرة لمكافحة الجماعات المسلحة في مختلف أنحاء البلاد أظهرت أن تلك الجماعات قامت بتجنيد أطفال من الذكور والإناث في إطار خلايا وتم استغلالهم في مخططات إرهابية.

ونقلت صحيفة "الشروق" التونسية عن مصدر أمني قوله إن عددا من الأطفال لا تتجاوز أعمارهم 17 سنة تم اعتقالهم بعد أن ثبت تورطهم في الانتماء للجماعات المسلحة المتمركزة في عدد من جهات البلاد والمشاركة في اجتماعاتهم ومخططاتهم سواء في العاصمة تونس أو في المناطق الجبلية التي تتحصن بها تلك الجماعات.

وقال نفس المصدر أن "الأطفال الذين تم كشف تورطهم مع الخلايا الإرهابية اتهموا بدعم الإرهابيين لوجستيا عبر مدهم بمعلومات عن تحركات الوحدات الأمنية" و"الحضور في لقاءات سرية بين القيادات الإرهابية وأنصارهم".

وأكد ان "الأطفال الذين تم القبض عليهم تتم محاكمتهم بسرعة لدى قاض مختص تعينه المحكمة" مشيرا إلى ان "غالبة المتورطين تتراوح أعمارهم بين 14 و17 سنة، ومشددا على أن "الأطفال المتهمين في قضايا إرهابية يتم إيداعهم بعد التحقيق معهم من قبل قاض مختص في مركز الإصلاحية للاعتناء بهم خاصة ان منهم من تمت "دمغجته" وتحول من مجرد طفل بريء إلى مشروع إرهابي خطير". وأضاف "ان هناك طفلا لم يتجاوز عمره 16 سنة تم استغلاله من قبل إرهابيي القصرين وأصبح من أنصارهم وتحول في فترة قصيرة إلى عنصر إرهابي خطير من الدرجة الأولى".

ويتم استقطاب الأطفال داخل المساجد وفي الأحياء الفقيرة حيث تستغل خلايا الجماعات المسلحة الظروف الاجتماعية الصعبة لشحن الأطفال بالفكر المتطرف.

وأظهرت تحقيقات الأجهزة الأمنية أن المسلحين تمكنوا خلال الفترة الماضية من استقطاب فتاة لا يتجاوز عمرها 15 سنة تقطن في حي شعبي بالعاصمة وأسندت إليها مهمة مراقبة عون امن يقطن بنفس الحي الذي تعيش به وذلك مقابل مبلغ مالي يومي تتحصل عليه الفتاة.

واعترف احد الأطفال انه تعرف على الإرهابيين داخل مسجد بالحي الذي يقطن به وطلب منه احد العناصر ان ينضم إليهم مقابل الحصول على مبلغ مالي لا يتجاوز 10 دنانير يوميا.

وشدد المصدر الأمني على أن الجماعات المسلحة المتمركزة في الجبال تمكنت من استقطاب عدد من الأطفال داخل تنظيماتهم مستغلين صغر سنهم وحاجتهم إلى المال مضيفا ان هناك عشرات الأطفال الآخرين الذين يتعرضون يوميا لعمليات غسل الأدمغة من قبل الإرهابيين ويتم استغلالهم أسوأ استغلال"، لافتا إلى أن تونس اليوم تعيش "في مواجهة حقيقية مع الإرهاب والحرب أصبحت علنية".

وتبدو عملية استقطاب الجماعات المسلحة للأطفال في تونس غير جديدة لكنها تزايدت خلال السنوات الثلاث الماضية بشكل لافت نتيجة استفحال الخطاب المتطرف ولكن أيضا نتيجة التفكك الأسري واستفحال التهميش الذي يتعرض المئات من الأطفال.

وتظهر المعطيات أن غالبة الجماعات المسلحة الخطيرة وقياداتها انضموا إلى عالم الإرهاب في سن مبكرة حيث اعترفت قيادية في تنظيم أنصار الشريعة تدعى فاطمة الورغي أنها انضمت إلى التنظيم في سن 16 فيما، تؤكد دراسة حديثة أن أكثر من 70 بالمئة من عناصر الجماعات المسلحة المنتشرة في تونس لا تتجاوز أعمارهم 20 سنة وتم استقطابهم في سن مبكرة ليتحولوا إلى مسلحين من درجة اولى وثانية.

وتقول الأجهزة الأمنية أن عددا من الأطفال الذين سقطوا في فخ الإرهاب تعرضوا إلى "عمليات غسل الأدمغة" قبل أن يتم اختيار عدد منهم لتلقي تدريبات عسكرية في الجبال حيث يتدرب الطفل على استخدام السلاح.

ويربط الأخصائيون الاجتماعيون ظاهرة استقطاب الأطفال من قبل الجماعات المسلحة بظاهرة أطفال الشوارع التي استفحلت في المجتمع.

وتقول تقارير أعدها عدد من الجمعيات الناشطة في مجال حقوق الطفل إن نسبة الأطفال المشردين يمثلون 40 بالمئة من مجموع المهمشين في المجتمع كما يمثلون 60 بالمئة من مجموع أطفال الشوارع الذين لا شغل لهم.

ويمثل الانقطاع المبكر عن الدراسة أحد أهم أسباب انتشار أطفال الشوارع إذ ينقطع سنويا أكثر من 100 ألف تلميذ في بلد كثيرا ما راهن عن التعليم لتحديث المجتمع.

وينحدر 95 بالمئة من المنقطعين عن الدراسة من العائلات الفقيرة التي تقطن في الأحياء الشعبية والجهات الداخلية المحرومة.

وتسعى الجماعات السلفية التي فرخت في الأحياء الشعبية وتنشط تحت غطاء "الجمعيات الخيرية" لاستقطاب أطفال الشوارع من خلال حملات تقوم بها تتولى خلالها تقديم مساعدات مالية وملابس وأيضا من خلال استمالتهم دينيا، حيث تنظم لهم دروسا في المساجد كخطوة أولى لاستقطابهم في صفوفها.

وكشف رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل معز الشريف أن الجماعات المسلحة قامت بتجنيد وترحيل أطفال لا تتجاوز أعمارهم 15 سنة إلى العراق وسوريا للقتال في صفوف ما يعرف بتنظيم داعش.

كلمات دليلية :