محنة عاشوراء.. بين صديق جاهل وعدو حاقد

محنة عاشوراء.. بين صديق جاهل وعدو حاقد
الثلاثاء ٢٧ أكتوبر ٢٠١٥ - ٠٣:٢٨ بتوقيت غرينتش

سأبدأ من النهاية، وبالتحديد من “النصيحة“ التي قدمها المشوهون الثلاثة، واقصد بهم العريفي صاحب فتوى “جهاد النكاح” والقرني، المدان في المحاكمة السعودية بالسرقة العلمية، والتكفيري الحاقد البريك، “للشيعة“ الذين تحولوا بين عشية وضحايا لديهم الى “أخوة“ لنبذ البدع والتوقف عنها!

والسؤال الاساسي الذي لابد أن نطرحه على انفسنا قبل الآخرين، اين الخلل حتى يتحول مفتي جهاد النكاح والسارق والمشوه الثالث الى دعاة محبة واصلاح وحق.. مصادرين ومختزلين التشيع بفكره وعظمته وزلال معارفه وتاريخه الناصع، في بضعة نفر من “المتطبرين“ تساندهم في ذلك مئات الابواق الاعلامية الدولية والاقليمية والمحلية...؟

وقد لا نحتاج كثيراً من التأمل والوقوف للأجابة على هذا السؤال.. فالظلم الذي يلحق بعاشوراء ورموزها وقيمها واهدافها.. وهي صرخة العقيدة والرسالة المحمدية الاصيلة بوجه الانحراف الأموي والانحطاط المجتمعي والتحول القيمي الذي اصاب الدولة الاسلامية حينها، كان جزء منه على يد ادعياء التشيع وجهلة الشيعة، الذين تحركهم اصابع الغدر والتآمر اليوم في لندن وواشنطن... هؤلاء الذين حولوا ذكرى المقاومة والصمود والايثار والوقوف بوجه الظالمين الى مجرد طقوس وتقاليد وفولكور وتصرفات "جنونية" مستندين الى "دعوى" عشق الحسين (عليه السلام)... فلا ادري لماذا لا يتجلى هذا العشق في اتباع سيرته.. بالتعبد والالتزام وطيب الكلام وحسن الاخلاق والتحرز من مصادرة الحقوق الشرعية والمال العام في دوائر الدولة.. لماذا تحول حب الحسين (عليه السلام) و“العشق” لدى هؤلاء الى مجرد "ادماء مقدّس!" و"تطيين مقدس" و"تجمّر مقدس!" و"اقفال مقدسة".. دون ان يسأل أحد من الاتباع، ما هو وجه هذه القدسية وفلسفتها؟!

نعم.. من ينظر الى ابواق الدعاية الغربية والاقليمية سيدرك ان اعداء الاسلام والتشيع يهمّهم اختزال التشيع وعاشوراء، في هذه السلوكيات، لانها ببساطة لا تخيف ظالما ً ولا مستكبراً ولا قوة عظمى او صغرى... بالعكس هذا التشيع (المازوخي) هو الوجه الآخر لاستكبارهم وهيمنتهم.. يريدون بكل قوتهم ان يكون المشوه "ياسر الحبيب" او "حسن اللهياري" ومن على شاكلتهما هو الذي يمثل التشيع، لا الخميني ولا الخامنئي ولا حسن نصر الله ولا عبد الملك الحوثي ولا حتى السيد السيستاني.. هم يريدون خطاب التشيع ينحصر في التكفير كما حصروا وللأسف الشديد خطاب التسنن بالتكفير الوهابي.. يريدون ان يختلقوا فرقا ومذاهب لدينا، كما اختلقوا امثالها في الجانب الآخر.. لذلك لا بد ان نتوقع ظهور“قاعدة” شيعة، وليبقى المسلمون يقتلون بعضهم ويتصارعون بین "رافضي" و"ناصبي"..

صحیح ان المشروع في شقه الشیعي لا یزال یواجه مقاومة كبیرة، لانه یفتقد الی دعم دولة له، كما هوالحال في الوهابیة المدعومة من السعودیة وقطر والتيارات السلفية التكفيرية في ارجاء العالم.. كما ان القوی الداعمة لهذا التوجه هزیلة فقهیا وفكریا وعلی ارض الواقع، بل ان الدعوی لحصر هذه البدع والطقوس الدخیلة بدأت بالانتشار، رغم كل الضجیج والدعایة التي لها من المتشیعین والنواصب والغربیین.

لكن.. هل یكفي هذا المقدار من التصدي؟ بصراحة اقولها: المرجعیات الدینیة مطالبة بموقف "واضح" و"حاسم" ازاء هذه الظاهرة المسیئة للشیعة والتشیع.. ولا یقول لنا أحد: لستم من تحددون للمرجع ماذا یعمل؟! فنحن هنا نعرض له الموضوع وهو المسؤول عن الحكم الذي یصدره، لان القضیة لا تخص مقلد مرجع معین ولیست ممارسة في الخفاء، بل هي قضیة مجتمعیة تهم كل انسان، والمرجع مطالب بان یعلن صراحة عن رأیه فیها عن "علم" و"وقوف" مباشر، لا بتقاریر ومشاهدات الوكلاء ونقل الحواشي.. فلیخرج المرجع یوم عاشوراء الی الشارع ویشاهد بعینیه او علی الاقل یتابع هذه الممارسات من علی القنوات التي تحمل اسماء الائمة ومقدسات الاسلام كذبا وزورا.. فلا ینبغي الصمت وهناك ملایین الناس تطالب بموقف واضح.. ثم لماذا تجاهل كل هذه الاصوات الرافضة لهذه الممارسات؟!، لماذا السكوت؟!..

ولابد هنا من ان اؤكد علی حقیقة، وهي التي تجعلني اطالب المراجع بموقف واضح.. ان كثیر من المطبّرین العادیین، یتجهون الیها عن طیب نفس، تحركهم المشاعر الجیاشة دون ان یدركوا نتائج ما یقومون به.. وهؤلاء بالتأكید سیتبعون رأي مراجعهم في هذه القضیة ..هنا قد یقول البعض ومن این تدري ان فتوی المراجع ستكون ضد التطبیر؟ فاجیب: من صمتهم وعدم افصاحهم!

ألیس حریا بهذه الممارسات المنحرفة والمسرحیات البطولیة ان تتجه نحو میادین القتال في سامراء والسیدة زینب وحلب وعلی تخوم كربلاء.. لتریق دمائها في مواجهة جیش الامویین الجدد الذي یخرج علینا اشیاعه واتباعه كل يوم بالتهدید في هدم "قباب الشرك" وذبح "المشركین" الرافضة.. او علی الاقل ان یوفروا هذه الدماء التي تداس بالاقدام وترش على ارض طرقات كربلاء حتى تصل الى الصحنين الشريفين المطهرين، ویتبرعون فیها لاخوتهم المقاتلین علی الثغور والمدافعین عن شرف وهیبة التشیع والاسلام والعراق.. او حتی یهدونها لبلدان اخری تعاني من نقص او هي بحاجة ماسة الیها، تحت عنوان هدیة "عاشوراء"...

ان القضاء علی هذه الظاهرة المسيئة، یتطلب تظافر جمیع الجهود، وقبل كل ذلك خروج المراجع والعلماء والاساتذة والمثقفین عن صمتهم وسكوتهم.. كما یتطلب موقفا من الحكومة العراقیة التي تحولت اراضیها الی مرتع یمارس فیه هؤلاء طقوسهم المنحرفة دون رادع او ضابط قانوني في صورة فوضویة یرفضها القانون وترفضها اي دولة ذات سیادة وتحترم نفسها ودينها ومذهبها... والسلام
بقلم: علاء الرضائي