ويبقى الجلبي في ضمائر العراقيين ولو كره الأعراب

ويبقى الجلبي في ضمائر العراقيين ولو كره الأعراب
الأربعاء ٠٤ نوفمبر ٢٠١٥ - ٠٨:٢٢ بتوقيت غرينتش

بداية اتوجه بمقالي هذا الى العراقيين الاقحاح ، ابناء دجلة والفرات ، وليس الاعراب ، الذين لا يرضون باقل من ان يتنازل العراقيون عن حبهم لاهل البيت عليه السلام ، والالتحاق بركب النواصب والوهابية ، لاثبات وطنيتهم وعروبتهم ، فهناك فرق شاسع بين الانسان العراقي والاعرابي ، فلكل منهما رؤيته الخاصة الى الدين ، ولكل منهما رموزه الدينية والسياسية والفكرية ، التي تتناقض تناقضا عجيبا ، ولكن منهما رؤيته المختلفة اختلافا جذريا الى الحياة والسياسة والعلاقة مع الاخر.

عندما يكون العراقيون مغضوب عليهم من قبل الاعراب ، لكونهم من المتمسكين بولاية الامام علي (ع) ، ويعظمون اهل بيت النبوة (ع) ، امتثالا لاوامر سيد الخلق النبي الاكرم محمد بن عبدالله (ص) ، فمن باب اولى ، ان يكن الاعراب كل هذا الحقد لرموزهم السياسية والفكرية ، فهم يطعنون في كل شيء عراقي ، تحت ذريعة ضعف الانتماء القومي للعراقيين ، و”ولائهم لايران” وليس للاعراب.

لا تجد بين الاعراب ، وان اجتهدت بالبحث والاقصاء ، من لا يبغض شخصيات عراقية دينية كانت او سياسية مثل :السيد محمد باقر الحكيم ، و نوري المالكي ، وحيدر العبادي ، وعبد العزيز الحكيم ، ومقتدى الصدر ، وابراهيم الجعفري ، ولا حتى المراجع الدينية الكبرى في النجف ، بينما يهيم هؤلاء الاعراب حبا بطواغيت مثل صدام وزبانيته ، وكذلك ايتامه وفلوله.

اليوم وحين تلبي شخصية عراقية مرموقة كشخصية الدكتور احمد عبد الهادي الجلبي نداء ربها ، نرى تكالب الاقلام المأجورة والحاقدة والطائفية من الاعراب ، ضد الرجل ، وينعتون ابن الكاظمية وبغداد البار ، بابشع النعوت ، لدوره ، كما ترى هذه الاقلام المريضة ، في اسقاط صنمهم ، الطاغية صدام السفاح ، ورغم اننا لا نرى فضيلة لاحد يمكن ان تضاهي فضيلة قبر النظام الصدامي المجرم ، وازالة كابوسه المشؤوم عن صدور العراقيين ، الا ان ضغينة هؤلاء على المرحوم احمد الجلبي ، تندرج في ذات السياق الذي اشرنا اليه ، فالرجل سياسي شيعي ، وهذه “التهمة” كافية ، ان تجعل منه هدفا للاعراب الموتورين.

اذا ما اردنا ان نرد على الاعراب بمنطقهم وبلغتهم ، نقول : لماذا كل هذه المزايدة بالوطنية على العراقيين ، واتهام “المعارضة الشيعية” ، بانها اسقطت نظاما وطنيا وشرعيا هو نظام طاغيتكم صدام ، بمساعدة الاحتلال الامريكي ، فهل انظمتكم انظمة وطنية ونابعة من الشعب؟ ، هل كان الدكتاتور صدام السفاح يحكم العراق عبر صناديق الاقتراع ؟، هل انظمتكم تستطيع الاستمرار بالحكم دون الحماية الامريكية والغربية وحتى “الاسرائيلية؟، ماذا تفعل كل هذه القواعد العسكرية الامريكية والبريطانية والفرنسية فوق اراضيكم ؟، لماذا ترفرف اعلام “العدو الصهيوني” في سماء عواصمكم؟، لماذا كل هذا الغزل مع “العدو المحتل للقدس” واستجداء العلاقة معه؟، من باع فلسطين وساهم في تشريد شعبها ؟، وقبل كل هذا وذاك من الذي اقام انظمتكم ، بل من الذي اسس دولكم ورسم لها الحدود ؟، من الذي ساهم في اسقاط طاغيتكم في بغداد عبر فتح اراضية امام الجيش الامريكي والبريطاني ؟، هل يتجرأ قادتكم الذهاب الى دورات الميادة دون اخذ اذن من السيد الامريكي والغربي؟، اليست صنابير نفطكم وغازكم بيد الامريكي يتحكم بها كيفما شاء ؟، من الذي يحرس عروشكم من غضب شعوبكم؟، هل لكم استقلال وسيادة اصلا ؟، اقول من المعيب والمخزي ، ان يصدق البعض رواية هؤلاء الاعراب عن العراقيين ، وعن من هو الوطني ومن هو غير الوطني ، فمن المضحك ان يتحدث الداعر عن الشرف.

وبلغة العراقيين نقول ، ان صنمكم لم يسقط بقوة الجيش الامريكي او البريطاني ، بل سقط لان الشعب العراقي نبذه وتركه وحيدا بعد ان استخدم الاسلحة الكيمياوية ضد شعبه وملأ ارض العراق بالمقابر الجماعية ، ودمر النسيج الاجتماعي العراقي بسياسته الطائفية بعد ان سلط على العراقيين ابناء العوجة ، وادخل العراق في حروب عبثية خدمة لملوك وامراء ومشايخ الدول الخليجية ونزولا عند اوامر اسياده ، وعندما راى الموت قريب منه اطلق صواريخ عبثية صوب “اسرائيل” لمداعبة مشاعر الراي العربي الذي كان يؤيده ولايرى في ممارساته الاجرامية ضد ابناء العراق اي سوء لان الغالبية العظمى من هذا الشعب هم من اتباع اهل البيت (ع) ، واخيرا ارتكب جريمة اخرى بعد جريمته الكبرى في فرض حرب ظالمة على الجمهورية الاسلامية في ايران تحت ذرائع سخيفة ، تمثلت باحتلال الكويت ، وبعدها ادخل العراق تحت وطأة الحصار ، وجوع العراقيين ، وعندها ايقنت امريكا ان بامكانها اسقاط هذا النظام الوحشي الذي لا شعبية له الا بين ابناء العوجة وما يحيطها ، فكان الذي كان ، والا لو كان العراقيون يشعرون بان النظام منهم لما تمكن لا الجيش الامريكي ولا غيره من المغامرة ودخول العراق ، والملفت ان الامريكيين والبريطانيين دخلوا من ارض الاعراب الذي يزايدون على العراقيين في مقارعة الامريكيين والبريطانيين!!!.

الى جانب الاستبداد الصدامي الوحشي وحروبه العبثية ، ساهمت المعارضة العراقية بشتى صنوفها ، في نخر النظام من الداخل ، من خلال العمليات العسكرية في الشمال والجنوب والوسط ، وخاصة بعد الانتفاضة الشعبانية ، وكان للجلبي ، حضورا لافتا في تلك المرحلة ، يشهد لها فيها الصديق والعدو ، حتى انتهى الامر بانهيار النظام وزواله والى الابد.

لذلك نعلنها وبصوت عال ورغم انف كل الاعراب الحاقدين ، ان المرحوم احمد الجلبي يبقى في ضمائر العراقيين حيا ، وسيذكره تاريخ العراق المعاصر وبمداد من ذهب وفي اكثر صفحاته اشعاعا ، كشخصية وطنية مرموقة ، ضحت وتحملت الكثير من الصعاب ، لانقاذ الشعب العراقي من طغيان واستبداد الزمرة العفلقية السادية المجرمة.

* فيروز البغدادي / شفقنا