امریکا تستفید.. والعرب یدفعون الثمن

امریکا تستفید.. والعرب یدفعون الثمن
الجمعة ٢٠ نوفمبر ٢٠١٥ - ٠٥:٥٩ بتوقيت غرينتش

سمعنا من قبل ان هارون الرشید کان یخاطب الغیوم قائلا: امطري اینما تمطري خراجك لي. ویبدو ان اوباما الیوم یخاطب الترسانات الحربیة ویقول: امطري اینما تمطري فخراج العرب لي.

فامریکا التي مهدت للشرق الاوسط الجدید بعد تفکك الاتحاد السوفیتي، قد فهمت تماما ان محور المقاومة المتمثل بایران ومعها سوریا وحزب الله، هي العائق الوحید المتبقي الذي سیحول دون ذلک.... ولذلک توجهوا الی السعودیة لتحریض صدام في الانقضاض علی الثورة وهي فی المهد،، لکنهم فشلوا،، وظنوا انهم علی اقل تقدیر تمکنوا من اضعافها وحصرها داخل الحدود وقد فشلوا فی هذا ایضا.

ثم جائت الفرصة الذهبیة لمجرد خطأ بسیط ل، شاب احرق نفسه لعدم تحمله الضیم في تونس..... اشتعلت المنطقة العربیة في اکثر من بلد، وکان الهدف اسقاط الدیکتاتوریات الموغلة في مقدرات الشعب العربي ولکن بصخب کبیر، علی العکس من الداخل السعودي التي كانت مؤهلة للسقوط منذ اعوام سبقت الربيع العربي... فامریکا تمکنت من خلال تفریغ السعودیة من الشباب الذي کانوا علی وشك الثورة ضد دیکاتوریة آل سعود واسقاطهم؛ وذلک بتسهیل خروجهم الى افغانستان بمساعدة الرئیس صالح(وکان حليفا للسعودیة انذك) لیضربوا عصفورین بحجر کما یقال. انقاذ آل سعود وضرب الروس في افغانستان. وهکذا اسسوا للافغان العرب والقاعدة المناوئة عقائدیا لایران.. فإن قُتلوا فهم عرب یُقتلون و حليف ینجو. وان تمکنوا من دفع الروس، فسوف یکونون في خاصرة ایران العدوة اللدود لامریکا والكيان الصهيوني..

وهکذا کانت الاستراتیجیة التي نجحت الی حد بعید. ولکن ماذا عن باقي الشعب العربي و کل تلک الدیکتاتوریات التي حکمت لعقود وعقود؟ وکیف یمکن استثمارها اذ ما حصلت الثورة؟ فلم یعد هنالک افغانستان لارسالهم..

وهنا وضع السیناریو وتمت التحضیرات مع بعض الخطأ في الاحتمالات.. وحین حصل ماحصل في تونس ومصر ولیبیا والیمن.. وضعوا لها العنوان الکبیر في الاعلام العربي المشوه: الربیع العربي؛ لیقنعوا الفکر الجماعی في الوطن العربی؛ ان وراء کل ربیع خریف.

تحرکوا في اکثر من جهة.... حرف الثورات وزرع الفتنة الطائفیة واظهار الامر کانهم یثورون ضد المد الشیعي مقابل التهمیش السني.. حسب تعبيرهم.. وبذلک اصبحت الساحة العربیة کلها افغانستانا للشباب العربي... وام الرؤساء فمن خدمهم نجی .... علي عبد الله صالح، زین العابدین بن علي، وحسنی مبارک...  واما الباقي؟ فصدام ذهب الی مزبلة التاریخ ومعمر یجب ان یُقتل قبل ان یفضح اسرارهم.

وبهذا یتم ترتیب البیت العربي لیستمر حکامه بخدمة المصالح الامریکیة. والاهم من ذلک تنشیط سوق السلاح وانقاذ الاقتصاد الغربی المتهاوي.. وهنا تدعی امامهم امران. الاول لیبیا ومخزونها المالي والنفطي، اذا یجب الابقاء علی الحرب الداخلیة فلیس هنالک شیعة یتحججون بها.. شبه حکومة لایمدونها بالسلاح الکافي لدحر الاخر؛ ومیلیشیات؛ منها قبلي یرید الثأر لمعمر والاخر من القاعدة یکفر الجمیع وهکذا دوالیک. یبقی اللیبیون بعد حین من الحروب ممتنین للغرب لانقاذهم؛ ومقروضین لهم لخمسین سنة قادمة. نفط وفیر مقابل سلاح قتل به العرب ذویهم العرب. واما تونس فهي تستحق المکافئة.. لانها مهدت الدرب دون ان تعلم؛ ثم ان شمال افریقیا بحاجة الی صمام امان..

ولکن ماذا عن سوریة الحلیفة لایران ومحور المقاومة؛ والواقعة في خاصرة الکیان الصهیوني، وعاجلا ام أجلا ترید اما ان تثورة في الجولان او المطالبة بها والاخطر من ذلک تهریبها للسلاح الی غزة وحماس السنیة وتحالفها مع حزب الله الخطر الاکبر للکیان الصهیوني الطفل المدلل لامریکا.

اذن یجب التحرک لاسقاط اخر ما تبقی من امل للعرب ومن هنا قال کیسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، في تعليقه حول مآلات الملفّ السوري، خلال ندوة شهدتها نيويورك، ونظمتها ‘مدرسة جيرالد فورد للسياسة العامة’، التابعة لجامعة ميشيغان: "هنالك ثلاث نتائج ممكنة: إنتصار للأسد. إنتصار للسنّة. أو نتيجة تنطوي على قبول مختلف القوميات بالتعايش معاً، ولكن في مناطق مستقلة ذاتياً على نحو أو آخر، بحيث لا تقمع بعضها البعض. هذه هي النتيجة التي أفضّل رؤيتها تتحقق. لكنها وجهة نظر لا تحظى بشعبية". هكذا تكلم هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، في تعليقه الأحدث بصدد مآلات الملفّ السوري، خلال ندوة شهدتها نيويورك مؤخراً، ونظمتها ‘مدرسة جيرالد فورد للسياسة العامة’، التابعة لجامعة ميشيغان.

وبهذا صدق السناتور بلاك عن ولاية فرجينيا حین ارسل اخیرا رسالة یبارك فیه الرئيس الاسد على الدعم الروسي والانتصارات الاخیرة للجیش السوري وتحریر مطار کویرس من دنس الارهاب، مؤکدا أن الحرب السورية لم يكن سببها اضطرابات داخلية بل كانت حربا غير قانونية لعدوان من قبل قوى خارجية صممت على فرض نظام عميل بالقوة. مشيرا إلى أن الجنرال وليسي كلارك القائد السابق الاعلى لقوات الحلفاء في أوروبا كشف أنه في عام 2001 طورت القوى الغربية خططا لقلب نظام الحكم في سوريا (وشهد شاهد من اهلها) وطالما اکد ذلك المسؤلون الایرانیون ولازالوا کذلک.
ولکن مالذي یستفیده الامریکان من الاحتمالات التي وضعها کیسنجر؟

بقاء الاسد: بقاء الاسد بعد حرب کونیة طویلة المدى تقودها اربعون دولة حسب تأکیدات بوتین تعني:- قتل کل الشباب العربي الذي انطلت علیه خدعة احیاء الدولة الاسلامیة؛ بسلاح روسي وبید مدافعة عن وجود الوطن والمتمثلة بالجیش العربي السوري. وبذلک ستأمن الانظمة العمیلة بقائها لاطول مدة قادمة وبلا منازع... وتفریغ مخازن الاسلحة لدی العمالات العربیة المتمثلة في السعودیة واخواتها واستعاضتها بالسلاح المخزن منذ امد فی المذاخر الغربیة (الامریکیة والاوربیة). وهذا ماینعش الاقتصادیات الغربیة التي ذکرناها..

والاهم من کل هذا استقطاب کل المتشددین التکفیرین في الغرب وافغانستان والشیشان والهدف الاسمی قتل الشعب السوري باسم المد الایراني الشیعي واسقاط الاسد صرف الاسلحة المدفوعة الثمن مسبقا من قبل السعودیة وقطر؛ او الموت علی ارض عربیة بید عربیة بعیدة عن بلادهم الام التي هاجروا منها تحت اکذوبة الجهاد.. فأین الضرر في کل هذا؟.. والدم العربي المسلم رخیص لهم الی درجة یُشیر فیها اوباما الی من سماهم بالایتام السوریین واحداث انقره وباریس ولا یضایق نفسه ان یشیر الی جریمة بیروت ولا الی خمسة وعشرین الف جریح وقتیل في الیمن.. ولماذا السکوت عن بیروت واطفال الیمن؟؟ لان نساء بیروت یلدن ابناءا لحزب الله.. واما الیمن فقد دفعت السعودیة ثمن دمائهم ملیارات الدولارات العربیة من قبل. واخرها ملیار دولار لعتاد یخترق التحصینات غیر فاسد علی غرار ما قدمته امريكا الی الجیش العراقي، حسب مسؤول لجنة الامن في العراق السید حامد الزاملي...

وفي کلا الحالتین التي اشارالیها کیسنجر ستکون الارباح للغرب هي نفسها مع بعض التغیرات البسیطة.. وکل من یظن ان القصاب یقدم العلف مجانا للخراف.. اما هو غبي او یتغابی.

* رائد دباب