ما السر وراء عدم جدية الغرب في محاربة "داعش"؟

ما السر وراء عدم جدية الغرب في محاربة
الإثنين ٢٣ نوفمبر ٢٠١٥ - ٠٨:٣٠ بتوقيت غرينتش

رغم ان العقل الغربي المادي لا مكان فيه للاخلاق ، عندما يتعلق الامر بمصالحه المشروعة وغير المشروعة في العالم ، فهذا الغرب ، وكما اثبتت التجربة التاريخية ، يدوس حتى على الانسانية ، من اجل الحفاظ على المستوى الاقتصادي الذي تعيشه مجتمعاته ، ومن اجل ديمومة وجود “اسرائيل” ، وهذه الحقيقة لا نقاش فيها لدى العارفين بالفكر الذي يحرك الغرب ، منذ عصر الاستعمار وحتى يومنا هذا ، ولكن هذه الحقيقة باتت واضحة حتى لبسطاء الناس ، لاسيما بعد الحرب القذرة المفروضة على الشعب السوري منذ خمس سنوات.

“داعش” ، المنتج الغربي الصهيوني العربي الرجعي ، هو الذي فضح هذا الثلاثي وفي مقدمهم الغرب ، امام الشعوب العربية والاسلامية ، وحتى امام شعوب هذا الثلاثي ، وذلك من خلال ممارساته الوحشية وغير الانسانية ، والتي كانت ومازالت تصب من الالف الى الياء في صالح الغرب وفي مقدمته امريكا وكذلك الصهيونية ، وتسيىء كليا للاسلام والمسلمين ، فليس هناك من انسان عاقل ، يملك الحد الادنى من الذكاء ، يمكن ان يبرر ل”داعش” افعالها ، خارج اطار المؤامرة الغربية الصهيونية ، التي تستهدف حاضر ومستقبل العرب والمسلمين.

بالاضافة الى الطبيعة المتوحشة ل”داعش” ، هناك عنصر آخر فضح التحالف الثلاثي الغربي الصهيوني العربي الرجعي ، الا وهو الحرب التي اعلنها هذا الثلاثي على “داعش” ، والتي تبين بعد مضي اكثر من عام ، انها كانت احد اسباب تغول وتوسع “داعش” في سوريا والعراق ، وحتى انتقاله الى خارج جغرافيا هذين البلدين ، بعد ان ترك ليستقر في اماكن امنة في العراق وسوريا ، رغم ازدحام الطائرات المقاتلة والتجسسية الامريكية والفرنسية والبريطانية والسعودية والقطرية والتركية ، فوق سماء “داعش” ، دون ان تتعرض ارتال “داعش” العسكرية وصهاريجه النفطية ، التي كانت تنتقل وبسهولة بين العراق وسوريا وتركيا ، لاي سوء.

دخول روسيا القوي في الازمة السورية وصمود الجيش السوري والمقاومة والدعم الايراني الثابت ، هو ايضا كان من ضمن العناصر التي كشفت عن زيف ونفاق الثلاثي المذكور ، الذي اصبح في وضع بالغ الاحراج لاسيما بعد هجمات باريس ، وتهديدات “داعش” لبلجيكا وايطاليا والسويد ، ولكن ورغم سقوط حتى ورقة التوت الاخيرة عن عورة هذا الثلاثي ، الغربي الصهيوني العربي الرجعي ، الا انه مازال يكابر وينافق ويكذب في التعامل مع الازمة السورية ، وفي “الحرب على داعش”.

هذا الثلاثي وعوضا عن التعامل بجدية وصدق في التصدي للارهاب التكفيري ، من خلال التعاون مع سوريا وايران وحزب الله والعراق ، الذين يعتبرون اكثر الجهات صدقا في محاربة “داعش” ، نراه يناصب هذه القوى العداء ، في موقف يكشف عن نفاق في غاية الغباء ، يرتد على الشعوب الغربية التي اخذت تدفع من دمائها وامنها واستقرارها ، ثمن هذه السياسة الانتهازية ، التي ترى في “داعش” وسيلة لتمرير اهدفها في المنطقة وفي مقدمة هذه الاهداف استنزاف محور المقاومة وتشتيت الشعوب العربية والاسلامية لصالح العدو الصهيوني.

يتفق كل المحللين السياسيين على ان اقصر طريق للقضاء على “داعش” هو الضغط على السعودية ، باعتبار نظامها السياسي والديني ، النسخة الرسمية ل”داعش” ، وعلى قطر باعتبارها أكبر ممول للجماعات التكفيرية في العالم والمنطقة وسوريا ، وعلى تركيا باعتبارها أكبر بلد في المنطقة قدم دعما لوجستيا للجماعات التكفيرية ، وفتح حدوده امام “داعش” و “النصرة” وغيرهما من الجماعات التكفيرية للانتقال الى سوريا.

ومن الواضح جدا ، ان الغرب وعلى راسه امريكا ، هو الوحيد الذي يمكنه ان يضغط ، على الثلاثي السعودي القطري التركي ، للقضاء على “داعش” وفي فترة قياسية ، ولكن للاسف الشديد ، ان اداء هذا الثلاثي ، السعودي القطري التركي ، الذي يعتبر عراب “داعش” ، ماهو الا استجابة لاوامر امريكية ، لاغراق المنطقة بالفوضى خدمة لربيبة اسيادهم “اسرائيل”.

امريكا تكذب عندما تقول انها تسعى وراء اقامة “نظام ديمقراطي ” في سوريا ، والدليل على ذلك ؛ ترجيحها للخيار العسكري عبر تقديمها كل الدعم التسليحي للتكفيريين في سوريا من خلال الثلاثي السعودي التركي القطري ، منذ بداية الازمة التي فرضتها على سوريا ، فلو كانت امريكا مطمئنة من ان عصاباتها التكفيرية لديها شعبية داخل سوريا ، لكانت استخدمت منظمة الامم المتحدة كوسيلة ضغط لاجراء انتخابات في سوريا ، الا انها تعرف جيدا ان الرئيس السوري لدية شعبية كبيرة داخل سوريا ، وان قطاعات واسعة من الشعب السوري تؤيده ، لذلك نراها تتهرب من الحديث عن اي انتخابات في سوريا ، متمسكة بالحل العسكري ، لتغيير النظام في سوريا ، والاتيان بنظام طيع شبيه بالانظمة العربية المحيطة ب”اسرائيل”.

ان من الخطأ الاعتقاد ان امريكا والغرب ، سيغيرون سياستهم ازاء سوريا او يكفون عن دعم “داعش” بسبب “طيش ” بعض عناصرها الذين فجروا في باريس وهددوا بعض الدول الغربية ، فالغرب وامريكا ، لا يعترفون باي بشيء مقدس غير “اسرائيل” ، وليس مهما ان يسقط حتى بعض الاوروبيين قتلى مضرجين بدمائهم ، في اطار مخطط اقامة شرق اوسط جديد ، على انقاض الشرق الاوسط القديم ، ما دامت “اسرائيل” ستكون الاقوى في هذا الشرق الغارق في الفوضى والدمار.

* جمال كامل/ شفقنا