أيام أردوغان لن تكون كما كانت بعد إسقاط السوخوي الروسية

أيام أردوغان لن تكون كما كانت بعد إسقاط السوخوي الروسية
الأربعاء ٢٥ نوفمبر ٢٠١٥ - ٠٥:٥٥ بتوقيت غرينتش

لا نبالغ ان قلنا ان حادث إسقاط طائرة السوخوي الروسية ، من قبل طائرتين مقاتلتين تركيتين ، وهي في الاجواء السورية ، ودون ان تكون لها اي نوايا عدوانية ضد تركيا ، وقتل طياريها ، من قبل مقاتلي اللواء التركماني المدعوم من تركيا ، حادث في غاية الخطورة ، فهذه هي المرة الاولى التي يُسقط فيها حلف الناتو طائرة مقاتلة روسية منذ خمسينات القرن الماضي ، مع سبق اصرار وترصد.

جميع القرائن تؤكد ان الطائرة الروسية لم تنتهك الاجواء التركية ، فقد تم اسقاطها في عمق 4 الى 5 كيلومترات داخل الارضي السورية ، كما ان الطيارين الروسيين قتلا على يد المقاتلين التركمان المدعومين من تركيا ، بالقرب من قرية بامادي السورية ، ولكن حتى لو افترضنا دخول الطائرة الروسية عن طرق الخطا كيلومتر او كيلومترين داخل الاجواء التركية لبعض ثوان ، فلا يستوجب ذلك اسقاطها ، من قبل طائرات مقاتلة لبلد يُفترض انه يقاتل الارهاب تحت لواء التحالف الامريكي ، الامر الذي يجعله بالضرورة حليف لروسيا في محاربتها للارهاب ، لذلك كان يجب عل تركيا تفهم مثل هذا الاختراق ، نظرا للطبيعة الجغرافية المعقدة والمتداخلة على الحدود بين تركيا وسوريا.

من الواضح جدا ان حادث اسقاط الطائرة الروسية وقتل طياريها ، لم يكن ليقع لولا ضوء اخضر امريكي كبير ، بل وتدخل امريكي مباشر ، فمثل هذا الاجراء لن تقدم عليه القيادة السياسية في تركيا بمفردها ، رغم الهستيريا التي اصابتها بعد التدخل الروسي في سوريا ، والنجاحات التي حققها الجيش السوري ، لاسيما في المناطق التي كانت ومازالت تركيا تمني النفس في اقامة منطقة امنة فيها ، والانتكاسات المتوالية للمجموعات المسلحة التي تحظى بدعم تركي في أرياف اللاذقية وحلب وحمص ، فتركيا تعرف جيدا ، ان استفزاز روسيا بهذا الشكل الفج لن يكون في مصلحتها ، ولا طاقة لها على تداعياته.

ليس صدفة ان تاتي عملية اسقاط الطائرة الروسية ، بعد يوم واحد من زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، الى طهران ولقائه قائد الثورة الاسلامية سماحة اية الله السيد علي الخامنئي ، فقد جاء الحادث من بعض جوانبه ، كرد فعل متسرع ، مرده غضب امريكي واحباط تركي ، من نتائج هذه الزيارة ، ومن بينها الرفض الايراني الروسي المشترك والحاسم ، لاي ضغوط خارجية ، عسكرية كانت او سياسية ، لتغيير النظام في سوريا ، دون الرجوع الى الشعب السوري ، وكذلك التأكيد على ان امريكا لا يمكنها ان تحقق اهدافها في سوريا عبر الالاعيب السياسية ، بعد ان عجزت عن ذلك عسكريا وعلى مدى خمس سنوات الماضية.

اسقاط طائرة السوخوي الروسية من قبل احد اعضاء التحالف الدولي لمحاربة الارهاب ، والعضو المهم في الناتو ، كشف حقيقة مزاعم تركيا ازاء ما يجري في سوريا وحجم احتضانها للجماعات التكفيرية هناك ومدى تورطها في الحرب الدائرة في سوريا ، ، كما اثبت وبالدليل ان امريكا لا تريد ، على الاقل في الوقت الحاضر ، القضاء على “داعش” والجماعات التكفيرية الاخرى او اضعافها ، عبر التدخل الروسي القوي والفاعل والمؤثر ، ما دام المخطط الامريكي لم يحقق اهدافه بعد لا في سوريا ولا في المنطقة ، فكان لابد من الضغط على روسيا ، لوقف اندفاعها ، من خلال فتح جبهات جديدة ، لتكف عن “داعش” والنصرة ولواء التركمان وباقي المجموعات الاخرى.

الاعلان رسميا من قبل اللواء التركماني ، الذي يمثل قوة عسكرية تركية داخل سوريا ، وان لبس لبوسا تركمانيا سوريا ، انه قتل الطيارين الروسيين رميا بالرصاص ، وعرض جثه احدهما في تسجيل ، زاد من ورطة تركيا ، التي يبدو انها انساقت وراء امريكا واحلام السلطان العثماني الجديد اردوغان.

من المؤكد ان روسيا سوف لن تنساق وراء ردود فعل متسرعة ، اُريد منها ان تنساق اليها ، عبر هذا الاستفزاز الغبي ، فروسيا تعرف ان تركيا ليست وحدها التي تقف وراء هذه العملية ، لذلك سيكون الرد الروسي على مجمل الحلف الذي يقف وراء العملية ، متأنيا ومدروسا ، وقد يكون في اماكن قد لا تكون محصورة بالجغرافيا السورية ، الا ان ردها على تركيا سيكون بالطبع سريعا وقويا ، فتركيا هي التي نفذت العملية ، التي اعتبرها بوتين بانها :”طعنة في الظهر من جانب المتواطئين مع الارهابيين” ، لذلك ستعاقب عقابا قاسيا متعدد الوجوه ، فأردوغان قبر بفعلته هذه والى الابد حلمه القديم في ايجاد منطقة امنة بين جرابلس السورية وشاطئ المتوسط ، كما حكم بالاعدام على لوائه التركماني ، وحرم طائراته من حرية التحليق فوق الحدود السورية ، كما كانت تفعل قبل اليوم ، فمن المؤكد ان ايام اردوغان لن تكون كما كانت بعد إسقاط السوخوي الروسية.

* ماجد حاتمي / شفقنا