مغامرة تركية في أجواء سوريا: إسقاط طائرة "سوخوي"!

مغامرة تركية في أجواء سوريا: إسقاط طائرة
الأربعاء ٢٥ نوفمبر ٢٠١٥ - ٠٨:٥٩ بتوقيت غرينتش

أقدمت تركيا، يوم امس، على إسقاط طائرة حربية روسية بحجة انتهاك مجالها الجوي، في حادث هو الأخطر منذ بداية التدخل العسكري الروسي في سوريا، وفي خطوة أثارت غضب الرئيس فلاديمير بوتين الذي حذر من «عواقب وخيمة» لهذا الهجوم الجوي، الذي وصفه بأنه «طعنة في الظهر»، بينما أدرجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إطار حق الدفاع عن النفس.

ومن شأن هذا الحادث أن يدفع بالخلاف بين موسكو وانقرة بشأن التدخل الروسي في سوريا الى مرحلة متقدمة، تتجاوز الصراع السوري، خصوصاً ان هذه تعد المرة الاولى التي تسقط فيها دولة عضو في «حلف شمال الأطلسي» طائرة روسية أو سوفياتية منذ الخمسينيات من القرن المنصرم.
وبينما سارعت تركيا الى دعوة «حلف شمال الاطلسي» الى اجتماع طارئ، عقد مساء امس، للبحث في ملابسات إسقاط الطائرة الروسية وتداعياتها المحتملة، اتهم الرئيس بوتين الأتراك صراحة بدعم المجموعات الإرهابية، وبمحاولة «تسخير» حلف «الناتو» في خدمة تنظيم «داعش».
وفي وقت لاحق أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن «حزمة إجراءات» رداً على إسقاط الطائرة، كان أبرزها قطع العلاقات العسكرية مع أنقرة، وتفعيل منظومة «اس 300» المنشورة على متن السفينة الحربية «موسكفا» لمواجهة أي تهديد جوي معاد.


الروايتان التركية والروسية
وأسقطت المقاتلة الروسية، وهي من طراز «سوخوي ـ 24» من قبل مقاتلتين تركيتين من طراز «اف ـ 16» خلال عملية جوية روسية في ريف اللاذقية الشمالي.
وأظهرت لقطات بثتها قناة «خبر تورك» طائرة حربية تشتعل فيها النيران بعد تحطمها في منطقة غابات، بينما يتصاعد منها الدخان.
وذكرت القناة أن الطائرة أسقطت في منطقة جبل التركمان في شمال سوريا قرب الحدود مع تركيا. ووفقاً للرواية التركية، فإن الطائرة الروسية انتهكت المجال الجوي التركي، وقد تم تحذيرها مراراً.
أما الجانب الروسي، فأكد ان مقاتلة الـ «سوخوي ـ 24» كانت على بعد أربعة كيلومترات من الحدود التركية ـ السورية، وانها أسقطت في أرض سوريا.
وأعلن الجيش التركي، في بيان، أن المقاتلة الروسية «انتهكت» المجال الجوي التركي عشر مرات خلال خمس دقائق، وأسقطتها مقاتلتا (اف ـ 16)».
كذلك، ذكرت الرئاسة التركية، في بيان، أن «طائرة روسية من طراز (سوخوي ـ 24) أسقطت طبقاً لقواعد الاشتباك، بعدما حلقت في المجال الجوي التركي بالرغم من التحذيرات».
أما وزارة الدفاع الروسية فأكدت، في بيان، أنّ «طائرة (سوخوي ـ 24) تابعة لسلاح الجو الروسي في سوريا تحطمت في الأراضي السورية ».
وأضافت وزارة الدفاع الروسية ان الطائرة «كانت موجودة في المجال الجوي السوري حصراً»، وانها كانت تحلق على ارتفاع ستة آلاف متر عندما ضُربت، مشيرة إلى أن «ملابسات سقوط الطائرة تدرس حالياً».
وفي أول رد فعل على الحادث، حذر بوتين من أن قرار تركيا إسقاط المقاتلة الروسية سيخلف «عواقب خطيرة» على العلاقات بين تركيا وروسيا، واصفاً ذلك بأنه «طعنة في الظهر» نفذها «متواطئون مع الإرهابيين».
وقال بوتين، خلال لقائه الملك الاردني عبد الله الثاني في منتجع سوتشي على البحر الأسود، إن «طائرتنا أُسقطت فوق الأراضي السورية بصاروخ جو ـ جو من مقاتلة (أف ـ 16). وقد سقطت على أراض سورية تبعد أربعة كيلومترات من الحدود التركية. وهي كانت تحلق على ارتفاع 6000 متر».
وأشار بوتين إلى أن «المقاتلة الروسية لم تكن تهدد تركيا في أي حال من الأحوال، لأنها كانت تؤدي مهمة قتالية ضد «داعش» في شمال محافظة اللاذقية، حيث يتمركز مسلحون معظمهم وصلوا من روسيا»، موضحاً ان الطيارين الروس «من هذه الناحية كانوا يؤدون مهمتهم المباشرة، وهي توجيه ضربات استباقية ضد الإرهابيين الجاهزين للعودة إلى روسيا في كل لحظة، وهم بالتأكيد الذين يمكن اعتبارهم إرهابيين دوليين».
ولفت بوتين إلى أن الطائرة الروسية أُسقطت «بالرغم من التوصل الى اتفاقية بين روسيا والولايات المتحدة لمنع حدوث مثل هذه الحوادث الجوية».
وحذر بوتين من أنه ستكون لإسقاط الطائرة الروسية «عواقب وخيمة» على العلاقات بين موسكو وأنقرة، موضحاً «لقد كنا نتعامل مع تركيا كجارتنا القريبة، بل كدولة صديقة لنا. ولست أدري من الذي سيستفيد مما حدث اليوم، وهو ليس نحن على كل حال».
وأضاف «خسارتنا كانت طعنة في الظهر، وجهها لنا متواطئون مع الإرهابيين. ولا يمكنني وصف هذا الأمر بأي مسمى آخر»
وتابع «أنا أدرك أن لدى كل دولة مصالحها الإقليمية، وكنا نحترمها دائما، لكننا لن نتسامح أبداً مع جرائم مثل تلك التي ارتُكبت اليوم».
وتساءل بوتين عن أسباب توجه تركيا إلى «حلف شمال الأطلسي» بعد إسقاط المقاتلة الروسية بدلا من أن تتصل بموسكو فور وقوع الحادث «وكأننا نحن الذين أسقطنا طائرة تركية»، متسائلاً «هل يريدون تسخير الناتو لخدمة داعش؟».
وأشار بوتين الى أن «روسيا سجلت منذ وقت طويل وصول كميات كبيرة من النفط ومنتجاته إلى تركيا من الأراضي المسيطر عليها من قبل داعش»، مؤكداً ان «تركيا ظلت مصدراً مهماً لتمويل العصابات الإرهابية».

أردوغان
في المقابل، دافع الرئيس التركي طيب أردوغان عن حق بلاده في حماية حدودها. وقال في كلمة ألقاها في أنقرة: «بالرغم من أنه تم تحذيرها عشر مرات في خمس دقائق فإنها كانت متجهة صوب حدودنا وأصرت على مواصلة انتهاكها». وأضاف ان هذه التصرفات تتفق تماما وقواعد الاشتباك التركية.
وتابع كلامه قائلا «ينبغي ألا يشك أحد في أننا بذلنا أقصى ما في وسعنا لتفادي هذا الحادث الأخير، ولكن يجب على الجميع احترام حق تركيا في الدفاع عن حدودها».
وقال أردوغان أيضا ان تركيا، بالتعاون مع حلفائها، ستنشئ قريبا «منطقة إنسانية آمنة» بين جرابلس السورية وشاطئ المتوسط.

موقع "السفير"