الربيع الموؤود على يد "داعش" وآل سعود

الربيع الموؤود على يد
الأحد ٢٤ يناير ٢٠١٦ - ٠٤:٥٢ بتوقيت غرينتش

مع يناير في كل عام ومنذ خمس سنوات تتكرر الاحداث وتعود نفس التحليلات والخطابات إلى الواجهة، دون نتائج ملموسة على الأرض.. لقد وأد الاعراب ثورات الربيع العربي او الصحوة الاسلامية باموال البترودولار، كما كانوا يئدون بناتهم بخرقهم البالية ويطمرونهن وهنَ احياء تحت تراب الخسة والبربرية والجهل.

خمس سنين، والاعراب يدوسون ورود الربيع ويخنقون صحوة الشعوب ويديرون المؤامرات ضد هذا الحر وذاك...

خمس سنين و"ضباب" (جمع ضبَ) الجزيرة العربية استأسدت على أمة العُرب بالمرتزقة والمال، بعد ان دمرت العراق وسوريا وليبيا واليمن.

خمس سنين، وثوب "الطهر" الكاذب و"العروبة" المزيفة ينزاح عن جسد البدو، فتظهر عوراتهم، ويشهد العالم كله على سوء خُلقهم وخلقهم.... والطينة الآسنة التي مضغوا منها..

فماذا كان في الربيع (الصحوة) الذي مرَ كالنسيم بديار العرب ومضاربهم.. وماذا نتج عنه؟

رغم تباين التحليلات التي تناولت أحداث الربيع العربي او الصحوة الاسلامية ولا نريد ان نناقش في العنوان، فهو متروك للزاوية التي يُنظر منها الى الحدث، كما ان البعض يراه مؤامرة ضد البلدان العربية والاسلامية وخطوة اولية نحو الفوضى.. لكن هناك ثوابت لا يمكن ان نتغاضى عنها في عملية التحليل وبالتأكيد يشترك الجميع عليها، وهي:

1. ان البلدان التي قامت بها الثورات/ الصحوات جميعها كانت تعيش في ظل انظمة دكتاتورية (عسكرية ومدنية) وتنعدم فيها المشاركة الشعبية في الحكم وفي توزيع الثروات، تونس (23 سنة حكم بن علي)، مصر ( 30 سنة حكم مبارك)، البحرين (40 سنة حكم ال خليفة) و... الخ.

2. اغلبية الشعب في هذه البلدان يعتبر مواطنا من الدرجة الثانية او الثالثة، وهناك فئة اوليغارشية تهيمن على السلطة والثروة.. لم يكن الفقر والحاجة هي السبب الرئيس للثورة، بل الكرامة المهدورة.. فبين عزيزي الذي اطلق شرارة الثورة في سيدي بوزيد التونسية، انما اوقد نار ثورته واحرق جسده عندما جاءته صفعة الشرطية لانه تحمل الفقر كغيره لسنين، لكنه لم يحتمل الاساءة الى كرامته، وهكذا ثورة شعب البحرين (ثورة 14 فبراير 2011) هناك العديد من الثوار وفي مقدمتهم قياديون في جمعية الوفاق، ليسوا بحاجة الى اشياء مادية، رغم ان الفقر والتميز ليس بقليل في البحرين وفق سياسة طائفية دنيئة تتبعها الحكومة.

3. تبعية الانظمة التي واجهت ثورة شعوبها للغرب والمنظومة الصهيو-اميركية بالتحديد.. بل ان بعضها يقيم علاقات مع الكيان الصهيوني (مصر، البحرين وتونس سرا).. وهذا دليل آخر على ان الحراك والثورة كان للكرامة والعزة وهي ليست قضايا مادية، بل شعور وجداني نابع من الفطرة والذات.

4. جميع الانظمة التي واجهت ثورة شعوبها كانت معادية للاسلام والصحوة الاسلامية (او كما يسمونه الاسلام السياسي).. ولكل حركة تحرر قومية او وطنية، لكن بسبب قوة تنظيمات الاسلام السياسي وفعل الصحوة الاسلامية التي اعقبت انتصار الثورة الاسلامية في ايران عام 1979، كانت الصحوة الاسلامية والاسلام السياسي هو الهدف الاول لتلك النظم الدكتاتورية المستبدة.

5. نهاية النظم الدكتاتورية دفع بتنظيمات وجماعات الاسلام السياسي والصحوة الاسلامية الى الواجهة فاصطبغت الحالة التي تكونت اثر الثورات بالحالة الاسلامية.. وهنا كان مكمن الخطر كما انه يشكل عامل قوة لهذه الثورات!

6. لم يكن موقف الغرب واضحا في الظاهر.. كان عملاؤه يسقطون واحدا تلو الآخر، وهو لا يستطيع ان يفعل شيئا امام المد الجماهيري، فلطالما تشدقوا بالديمقراطية والمساواة وحقوق الانسان، وها هي الديمقراطية تأكل ما أفكوا طوال عشرات السنين من انظمة قهر واستبداد متخشبة..

7. ثبت للجماهير انها أقوى من الطغاة، وان هذه النمور الورقية جعلتها نيران الثوار رمادا في غضون اسابيع او ايام، فسقط نظام زين العابدين بن علي ونظام حسني مبارك في اقل من شهر( 14 يناير و11 فبراير – 2011).

8. جميع ثورات الربيع/ الصحوة كانت سلمية ولم تتجاوز ما تعارف عليه من اساليب بين شعوب العالم في الاحتجاج والمعارضة، وبعض الحالات الاستثنائية كان سببها عنف السلطات المستبدة في المواجهة مع سلمية المظاهرات الشعبية وردات فعل عليها...

9  - الحالتان اللتان تحولتا الى عنف مسلح وحرب اهلية في ليبيا وسوريا، لم تكن لاسباب اخرى تتعلق بالربيع العربي او الصحوة الاسلامية، ومنها انعدام مواصفات الربيع/ الصحوة فيهما وشروط الثورة، خاصة في الحالة السورية، وهذه الاسباب هي:

1. وجود تنظيمات اسلامية في البلدين مرتبطة بالتنظيم العالمي (الاخوان المسلمين) وهذا التنظيم الاخير له اجندات دولية مرتبطة بانظمة تابعة وعميلة لاميركا والغرب وتقيم علاقات مع الكيان الصهيوني (مصر، تركيا، قطر، الاردن والمغرب).

2. الالتفاف على الربيع/ الصحوة الحقيقية وتزييفها من خلال توجيهها نحو النظم المقاومة وإعطائها حالة طائفية ودس التنظيمات الارهابية فيها، من اجل إفشال مشروع الصحوة وإثبات عدم جدواها، بل اصبح العديد يتمنى ان يعود به الزمن الى ما قبل 2011، ويقبل كل تلك المرارة والكرامة المهانة، لانه وبلده اصبحت في مهب الرياح بسبب مؤامرات البدو والغرب ضد الربيع العربي.

3. ان النظامين في سوريا وليبيا مستهدفان من قبل النظم الخليجية وخاصة السعودية، لاسباب نفسية وشخصية تتعلق بالعلاقة بين مسؤولي هذه البلدان، وخاصة فيما يتعلق بالعقيد معمر القذافي.. من مشكلة فيلم موت اميرة الى محاولة الاغتيال المزعومة الى التلاسن في القمة العربية.

4. فيما يتعلق بتدمير سوريا فقد كان قرارا صهيونيا بامتياز لحفظ أمن الكيان وتدمير القوى المحيطة به وإخلاء ظهر المقاومة في فلسطين ولبنان.

واليوم اذا أردنا ان نعود الى الربيع الحقيقي، فلننظر الى البحرين واصرار شعبها على الحراك السلمي رغم كل القمع والاضطهاد والاحتلال الذي يواجهه.. وايضا في إرادة الشعب اليمني على التغيير واعتماده على قواه الوطنية، رغم كل اساليب العدوان السعودي ـ الاميركي والدمار والقتل الذي مارسوه بحقه (الشعب اليمني).. فيما امامكم صورتان للربيع المزيف الناتج عن التآمر البدوي ـ العثماني ـ الصهيوني، وماذا كانت نتائجه (ليبيا وسوريا) من دمار وخراب وحرب اهلية وفتنة طائفية.. اما الحالتان التونسية والمصرية فلا زالتا في تجاذب بين قوى الشر والفلول من جهة وقوة الثورة التي يسعى المتآمرون الصهيوخليجيون الى إخراجها من المعادلة من جهة ثانية.

لقد وأد الاعراب وفي مقدمتهم آل سعود ثورات الربيع العربي، خوفا من أن يصل شعاعها الى ظلمة انظتهم وافكارهم.. بالضبط كما كان الجاهليون يئدون البنات من قبل.. هو المنهج البدوي الذي وأد العرب وطمرهم في حقول النفط!

بقلم: علاء رضائي