من يريد تسييس الحج، ايران أم السعودية؟

من يريد تسييس الحج، ايران أم السعودية؟
الأحد ٢٩ مايو ٢٠١٦ - ٠٩:٥٦ بتوقيت غرينتش

أنهى وفد ايراني برئاسة رئيس منظمة الحج والزيارة الايرانية، سعيد اوحدي يوم الجمعة الماضي زيارة ثانية للسعودية بعد أن عقد جولة من المحادثات حول ترتيبات حج الايرانيين للعام الجاري.

واكد الوفد الايراني خلال محادثاته مع الجانب السعودي على ضرورة المحافظة على عزة وكرامة الحجاج الايرانيين وضمان أمنهم وتقديم آلية لدعم الخدمات القنصلية للحجاج واصدار تأشيرات لهم من داخل ايران كما جری البحث حول نقل الحجاج الايرانيين عن طريق الجو.
واعلن رئيس منظمة الحج والزيارة الايرانية، ان المفاوضات التي جرت مع الجانب السعودي بشأن ترتيبات ارسال الحجاج الايرانيين لاداء مناسك الحج، لم تثمر عن نتيجة بسبب تعنت المسؤولين السعوديين حول خمسة بنود في مذكرة التفاهم. واضاف: للأسف وبسبب تدخل باقي الاجهزة السعودية في تنظيم مذكرة التفاهم، لم نتمكن من التوصل الى اتفاق حول خمسة بنود، واجرينا اتصالين مطولين مع وزير الحج السعودي، حيث وعد بالغاء هذه البنود التي تتعارض مع مبدأ عزة وكرامة الحجاج الايرانيين، لكن استنادا الى ما ذكره الوزير السعودي فان هذا الاجراء بحاجة الى التنسيق مع باقي الاجهزة في بلاده. وتابع اوحدي قائلا: فيما يخص الخدمات القنصلية أيضا فللاسف لم يقترح السعوديون ووزارة الخارجية السعودية اي آلية بهذا الشأن، وعلى هذا الاساس فان الوفد الايراني عاد الى طهران، وتم تحديد يوم غد الاحد آخر مهلة للجانب السعودي.
وكان الجانب السعودي قد وضع عراقيل عديدة في طريق المسؤولين الايرانيين من اجل عدم التوصل الى اتفاق وعدم تمكن الايرانيين من أداء فريضة الحج لهذا العام.
فأول نقطة لم يتعاون السعوديون بشأنها هي منح الحجاج الايرانيين تأشيرة دخول في ايران إذ اقترح الجانب الايراني على السعوديين منح تأشيرة الدخول في ايران عن طريق السفارة السويسرية التي ترعى مصالح السعودية في ايران ولكن السعوديين رفضوا الاقتراح موكدين ضرورة منح التأشيرة خارج ايران.
أما بشأن نقل الحجاج الايرانيين فقد طالب الجانب السعودي بنقل الحجاج الايرانيين بواسطة طائرات الخطوط الجوية السعودية وهذا لا يمكن قبوله لأن ايران لديها اسطول كبير من الطائرات الحديثة يمكنها نقل الحجاج الى الديار المقدسة.
كما أن الجانب الايراني طالب بضمانات للحفاظ علي سلامة الحجاج الايرانيين داخل الاراضي السعودية بعد أن فقد اكثر من 640 حاجا ايرانيا ارواحهم في موسم الحج الماضي بسبب عدم قدرة السلطات السعودية على منع كارثة التدافع التي اودت بحياة عدة الاف من الحجاج من مختلف بلدان العالم و لم تعلن السلطات السعودية عن عدد الضحايا حتى الان، ولم تعلن اللجنة المشكلة عن أسباب الحادث والمسوولين عنه ولم تعتذر لاهالي الشهداء والضحايا الذين سقطوا في منى..
ان الجانب السعودي وخلافا لما اعلنه في بيان وزارة الحج والعمرة (الجمعة) لم يتعاون مع الوفد الايراني، بل انه أهان رئيس الوفد الايراني عند وصوله الى الاراضي السعودية اذ اقدم علي اخذ بصمة اصابع رئيس الوفد الايراني حسب تصريح وزير الثقافة  الايراني علي جنتي، وهذا مخالف لكل الاصول والاعراف الدبلوماسية لأن رئيس البعثة الايرانية كان يحمل جواز سفر دبلوماسي ولا يجوز تفتيش الدبلوماسيين أو اخذ بصمة أصابعهم ولكن الجانب السعودي أقدم على فعلته واعلن في بيانه عن استقبال الوفد واستضافته دون الاشارة الى اهانة رئيس الوفد قائلا: "تم استقبال الوفد (الايراني) رسمياً واستضافتهم وتقديم التسهيلات كافة، بما فيها تمكينهم من أداء مناسك العمرة، ثم عُقدت اجتماعات متواصلة على مدى يومي 18 و19/8/ 1437هـ، امتدت لساعات طويلة، ناقش الطرفان فيها جميع الأمور التي سبق تداولها في الاجتماعات السابقة. (صحيفة الحياة السعودية  -27  ايار مايو 2016).
وحملت وزارة الحج والعمرة السعودية في بيانها "الجانب الايراني" فشل المحادثات وقالت: "أن وزارة الحج والعمرة تؤكد أن "بعثة منظمة الحج والزيارة الإيرانية بامتناعها عن توقيع محضر إنهاء ترتيبات الحج تتحمل أمام الله ثم أمام شعبها مسؤولية عدم قدرة مواطنيها من أداء الحج لهذا العام"، مشددة على أن المملكة ترفض رفضاً قاطعاً تسييس شعيرة الحج أو المتاجرة بالدين".

ان الجانب السعودي لا يريد للايرانيين ان يودوا مناسك الحج هذا العام،


• لأنه يرى بان الجانب الايراني قد فضح السلطات السعودية بسبب إهمالها وعدم تمكنها العام الماضي من الاشراف على مراسم الحج ومنع وقوع حادثتين الاولي سقوط رافعة على الحجاج في الكعبة ومقتل عدد كبير منهم والثاني مقتل الالاف من الحجاج بسبب التدافع الذي حصل في رمي الجمرات في منى وان جميع الشواهد والافلام المنشورة علي وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي اظهرت قصور الجانب السعودي وعدم تمكنه من الحيلولة دون وقوع هذا العدد الكبير من الشهداء والضحايا وعدم شعور المسؤولين السعوديين بأية مسوولية تجاه الحجاج الابرياء الذين سقطوا في منى ولم تتمكن السلطات المكلفة حفظ ارواح الحجاج من فتح طريق فرعي لهم أو ايصال المياه أو رشهم بها ومنع تلك الكارثة .

• إن الجانب السعودي لم يتعاون مع الجانب الايراني طوال أربعة اشهر الماضية واليوم يأتي ويحمل الايرانيين مسؤولية فشل المحادثات. كيف يمكن للوفد الايراني ان يتفق مع الجانب السعودي علي ترتيب ارسال الحجاج الايرانيين ولم يتمكن حتى الان من اعداد السكن لستين الف حاج ايراني والقيام بترتيبات تتعلق بامور الحج اذ لا يمكن ترتيب هذه الامور في فترة زمنية وجيزة أي خلال شهرين فقط.

• إن ما ذكره البيان السعودي يشير بوضوح الى ان السلطات السعودية لا تريد تقديم أية ضمانات للحفاظ علي ارواح الحجاج الايرانيين وعدم تكرار حادث العام المنصرم في منى، بل تريد أن تقوم بعملها حتى إذا انتهی بكوارث عديدة دون أن يكون لاحد حق الاحتجاج على عدم قدرتها في تسيير أمور الحج.

• ان السلطات السعودية تصف خطوات المسؤولين الايرانيين في فضح قصورهم وعدم قيامهم بواجبهم في الحيلولة دون سقوط الرافعة في الكعبة ووقوع  كارثة منى، بأنه "تسييس لشعيرة الحج أو المتاجرة بالدين" بينما هم الذين يسيسون شعيرة الحج وهم الذين يتاجرون بالدين بطبع كتب تشيد بالفكر الوهابي وتهاجم الفكر الشيعي وتصف الشيعة بالكفرة والمجوس وتتعامل مع الحجاج الايرانيين تعاملا بعيدا عن روح الاسلام والانسانية.

• ان علی العالم الاسلامي ان يدرك جيدا، عدم قدرة وكفاءة السلطات السعودية في اقامة شعيرة الحج، وعلى المسلمين ان يدينوا تساهل السلطات السعودية في عدم الإكتراث بارواح الحجاج، لا ان يلوذوا بالصمت نتيجة تواطؤ بعض زعماء البلدان الاسلامية مع السلطات السعودية والحصول على أموال ومساعدات وهدايا منهم.

• ان السلطات الايرانية تريد للايرانيين أن يؤدوا مناسك الحج كل عام ولكن بشرط ان يحافظ السعوديون علی ارواحهم، دون وقوع حوادث وكوارث، علما بأن هناك ثلاثة ملايين ايراني قد سجلوا أسماءهم منذ أكثر من عشر سنوات للقيام بأداء فريضة الحج ولكن السلطات السعودية لا تسمح الا لستين الف ايراني لاداء فريضة الحج كل عام. كما أن نصف مليون ايراني يقومون بأداء فريضة العمرة كل عام ولم يمنع المسؤولون الايرانيون هذا العدد الكبير من أداء العمرة خلافا لما يصرح به المسؤولون السعوديون وتشير الشواهد أن الحجاج الايرانيين هم اكثر انضباطا من غيرهم واكثرهم إنفاقا وشراء للهدايا وهم بذلك يحركوا عجلة الاقتصاد السعودي بعد إنتهاء فريضة الحج وهذا ما لا يدركه المسؤولون السعوديون الذين الحقوا بشعبهم خسائر كبيرة نتيجة اغراق السوق النفطية بعشرة ملايين برميل من النفط يوميا لتوجيه خسائر لايران وروسيا بينما ارتد عملهم عليهم بالخسران.

• إن علی السلطات السعودية التي تتبجح بأنها تريد زيادة عدد الحجاج والمعتمرين في السنوات القادمة وزيادة عدد السياح، أن لا تسيس الحج ولا تخلط القضايا السياسية بالدينية وان لا تتخذ من التعرض لسفارتها ذريعة لمنع الايرانيين من اداء فريضة الحج، وأن تضع خلافاتها السياسية مع ايران جانبا وتسمح للايرانيين لكي يودوا مناسك الحج كل عام، وان تمتنع عن إثارة الخلافات المذهبية بين المسلمين.

* شاكر كسرائي
205