هذا ما قاله صديقٌ بحريني لي عن حال "الشيعة" في بلاده!

هذا ما قاله صديقٌ بحريني لي عن حال
السبت ٠٤ يونيو ٢٠١٦ - ٠٥:٥٣ بتوقيت غرينتش

يروي لي صديقٌ بحريني، وهو بالمناسبة من الطائفة الشيعية الكريمة، معاناته بالتنقل داخل "مملكة" البحرين، فالسلطات هناك تفصل المناطق ذات الغالبية الشيعية عن قلب العاصمة المنامة بسياج.

ويؤكد الصديق الذي يقطن منطقة "السنابس"، أنه يشعر وكأنه يغادر من حدود بلدٍ إلى آخر، فسلطات بلاده منذ ثورة "دوار اللؤلؤة" 2011 تخشى من تحركاتهم السلمية، وحتى تنتقل يضيف الصديق من مناطقنا "الشيعية" إلى مناطقهم "السنية" عليك أن تمر بحاجز أمني، وربما سنحتاج إلى جواز وأختام في القادم من الأيام حتى نصل إلى "عاصمتنا" يقولها صديقي بحسرة!.

السلطات البحرينية لم تكتف بفرض ذلك الحصار بحسب توصيف صديقي على أبناء مملكتها "الشيعة"، بل ضاعفت عقوبة السجن بحق قائدهم المُعارض علي سلمان، فالقائد الذي تتهمه المنامة بارتكاب جرائم الترويج لتغيير النظام السياسي بالقوة والتهديد، وبوسائل غير مشروعة، لن يُعانق الحرية إلا بعد تسعة أعوام، بدلاً من أربعة، وقد ألقي القبض عليه في العام 2014، وأدين بعدها بالتحريض، وإهانة وزارة الداخلية.

الصديق البحريني، لم يتفاجئ أبداً بقرار بلاده تشديد العقوبة بحق علي سلمان، لكنه يؤكد أن هناك حالة غضب وامتعاض عارمة ستصيب النشطاء السلميين، فهم ومنذ انطلاق "الثورة السلمية" لم يطالبوا إلا بالحرية والعدالة والمساواة، ولم يحملوا السلاح "رغم توفّره" كالمُعارضات الأخرى في الدول العربية المُحيطة ضد سلطات بلادهم كما تزعم الحكومة، وتراكم الظلم يخشى صديقي أنه سيولّد الانفجار الذي لا تُحمد عُقباه.

في العام 2010 قمت بزيارة لمملكة البحرين "الجميلة"، وفي حينها كانت تبدو سلطات البلاد مُسالمة نوعاً ما، وزائر البلاد للوهلة الأولى يعتقد أن الجميع في تلك المملكة الصغيرة متساوون، ولا فرق بينهم إلا بالعمل الجاد والدؤوب لخدمة الأمة البحرينية، لم يكن اعتقادي في مكانه فبعد شهور قليلة انطلقت "الثورة" الشعبية، وبدأ زملائي "الشيعة" في الصحيفة السعودية التي كنت أعمل فيها، بالتحدث عن تشابه المظالم التي تقع عليهم في المنطقة الشرقية، بتلك التي يتعرض لها إخوانهم البحرينيين "الشيعة"، وأن سلطات البحرين التي اعتقدت أنها "وديعة" لا تختلف كثيراً في قمعها عن السلطات السعودية!.

ربما كانت السلطات البحرينية أكثر وعياً، وأقل قساوة حينما قررت تشديد العقوبة على قائد المعارضة الشيخ علي سلمان أمين عام جمعية "الوفاق" البحرينية، ولم تلجأ لإعدامه كما فعلت شقيقتها "الكبرى بحق الشيخ نمر النمر المُحرّض هو الآخر بنظر العربية السعودية على قلب نظام حكمها، لكن برأينا كان الأولى بسلطات البحرين أن تتمتع بقدر من التسامح، وتطلق سراحه، وهي بذلك ستظهر للعالم بأنها تلك السلطات "الأفلاطونية" التي تعفو عن أبنائها المُخطئين عند المقدرة.

تشديد عقوبة علي سلمان من قبل سلطات البحرين لن يمنع "الشيعة" المتظاهرين من استكمال ثورتهم السلمية للحصول على حياة كريمة، لا تشبه أبداً تلك القائمة على حصارهم، وتفتيشهم، وإذلالهم، وكلما أمعنت السلطات الحاكمة في القمع على أساس العظة والعبرة، كلما ظهر بين الشعب من يتخذ من سلمان وغيره قدوة لتحقيق المطالب الشعبية، والشعب الذي طالب بالحرية لن يهدأ قبل أن يهدم السياج والأسوار.

رغبت في زيارة مملكة البحرين هذا العام بعد عدة تجاوزات رواها لي بعض الأصدقاء هناك حتى أعاينها على الواقع وأبرزها ذلك "التقسيم الطائفي" للمناطق، لكن صديقي "الشيعي" ذاته المُحاصر في "السنابس" يعرف أنني من "المغضوب عليهم" هناك، اعتذر الصديق بلباقة عن استقبالي على أرض بلاده، وفضّل أن أحتفظ بتلك الصورة "الوردية" التي رسمتها في مخيّلتي في العام 2010 عن بلاده وسُلطاتها، فهناك في بلاده يبتسم بمرارة قائلاً "لا فرق بين شيعي وسُنّي إلا بالتّقوى"!
خالد الجيوسي كاتب وصحافي فلسطيني/ رأي اليوم
103-3