لا سبيل أمام السلطات البحرينية إلا الإصغاء لمطالب الشعب

لا سبيل أمام السلطات البحرينية إلا الإصغاء لمطالب الشعب
الثلاثاء ١٩ يوليو ٢٠١٦ - ٠٦:٢٥ بتوقيت غرينتش

لا يمكن فهم الإجراءات الإستفزازية والبعيدة كل البعد عن المسؤولية ازاء امن البلاد واستقرارها، تلك التي تتخذها السلطات البحرينية ضد الرموز والتجمعات والأحزاب الدينية والوطنية في البحرين، الا في اطار مهمة وحيدة هي دفع الأوضاع في هذا البلد الى الانفجار.

اجراءات السلطات البحرينية بلغت حدا من الإستفزاز، اخذت تستفز حتى الدول الراعية للنظام البحريني والتي تحميه من شعبه مثل بريطانيا وامريكا، حيث تعالت الأصوات في هذين البلدين بالإعتراض والتنديد بالممارسات القمعية والإستبدادية للسلطات البحرينية، ودعت الى الغاء عقود الأسلحة بين هذين البلدين والبحرين، بهدف الضغط على السلطات فيها لتغيير سلوكها مع الشعب.

بعد سجن الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني، كبرى الجمعيات المعارضة في البحرين، الشيخ علي سلمان، وقرار إغلاق الجمعية، وبعد سجن الناشط الحقوق المعروف نبيل رجب والعديد من الرموز الدينية والوطنية، وبعد قرارها الغريب والعجيب باسقاط الجنسية عن اية الله الشيخ عيسى قاسم، اكبر مرجعية دينية في البحرين، واتهامه بغسيل الأموال!!، وبعد منع عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان من السفر إلي جنيف لحضور أعمال الدورة 32 لمجلس حقوق الإنسان، تفتقت عبقرية النظام عن قرار جديد تمثل بحكم محكمة النظام والقاضي بحل جمعية الوفاق الوطني ومصادرة اموالها وممتلكاتها.

بريطانيا الحليف الوثيق للسلطات البحرينية أبدت قلقها العميق بشأن الحكم الصادر ضد جمعية الوفاق، وحث وزير الخارجية بوريس جونسون البحرين على توفير الحريات السياسية لكل مواطنيها، داعيا إلى حوار بين جميع الأطراف لتعزيز التماسك الاجتماعي.

اما منظمة هيومن رايتس فيرست ومقرها الولايات المتحدة، اعتبرت القرار خطأ خطيرا لا يدع أي متنفس حقيقي للتعبير السلمي عن المظالم، وكأن الحكومة تقول لشعبها إنهم لم يحرموا من الحقوق وحسب بل سيحرمون أيضا من الشكوى.

ودعت المنظمة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الى أن يرد بسرعة بإعادة فرض حظر على مبيعات السلاح لجيش البحرين والذي كانت الخارجية الأمريكية قد فرضته عقب قمع التظاهرات السلمية في البحرين عام 2011 لكنها رفعته قبل عام.

من الواضح ان مثل هذه القرارات الإستفزازية والتعسفية، ضد جمعية الوفاق التي حصدت ما يفوق الـ64% من أصوات الناخبين البحرينيين في انتخابات 2006 وكذلك انتخابات 2010 وهي نسبة تعكس حجم الشرعية التي تملكها هذه الجمعية، تؤكد غياب الدولة وانعدام القانون، وتلاعب فئة صغيرة تأتمر بأمر شخص الملك، بمصير الغالبية العظمى من الشعب البحريني انطلاقا من خلفيات طائفية.

لقد اتضح حتى لحلفاء السلطات البحرينية في بريطانيا وامريكا ان ما يجري في البحرين تجاوز كثيرا سلوكيات حتى الأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية، الى سلوكيات جهات تعمل بكل الوسائل لتهميش طائفية مذهبية تشكل الغالبية العظمى من الشعب، لمجرد ارضاء نوازع طائفية مقيتة، وكذلك لتنفيذ اوامر جهات خارجية اصبحت هي الامر والناهي في البحرين وما على الأسرة الحاكمة الا التنفيذ.

بات من الواضح ان السلطات البحرينية، كما أكدت منظمات دولية عديدة في تقاريرها، تعمل من خلال هذه القرارات والإجراءات التي تجاوزت كل حدود الإستفزاز، وسدت كل منافذ التعبير عن الرأي، الدفع بالأمور في البحرين الى طريق مسدود، لكي لا يبقى امام الشعب من خيار الا استخدام القوة، عندها فقط يمكن للسلطات البحرينية ان تصطاد في المياه العكرة، فهي ترى في الفوضى فرصة قد تنقذها من مواجهة حراك سلمي منضبط، عراها امام العالم وكشف سوءتها، بفضل وجود قيادة معارضة حكيمة، على دراية بألاعيب هذه السلطات جيدا.

ترى ماذا يمكن ان نفسر اصرار السلطات البحرينية على محاكمة اية الله الشيخ عيسى قاسم بتهمة “غسيل الاموال”، بينما الجميع يعرف حتى من غير المسلمين مدى سخف وتهافت هذه التهمة والذين يقفون وراءها، فهؤلاء يعرفون جيدا ان المقصود من الأموال هنا هي أموال الخمس والزكاة التي يدفعها مقلدو اية الله الشيخ عيسى قاسم في البحرين وخارجها، وليست هناك جهة في العالم اجمع يمكن ان تعتبر هذا الواجب الشرعي مخالفة قانونية او “غسيل اموال”!!؟.

على الدول الراعية للسلطات البحرينية، ان تضغط على هذه السلطات، من خلال اتخاذ اجراءات جدية، وليس الإكتفاء بالإدانات اللفظية، قبل ان تخرج الأوضاع عن سيطرة قادة المعارضة، بعد ان انكشفت حالة الإفلاس الفظيع التي تعاني منها السلطات في التعامل مع المطالب الحقة والمشروعة للمعارضة البحرينية، صحيح ان هذه السلطات تعتقد انها ستتنفس الصعداء لو عمت الفوضى في البحرين، ولكن فاتها ان تدرك ان لا خيار الفوضى ولا الهدوء سيمدان في عمرها، مالم تصغ لمطالب الشعب، في الحرية والحياة الكريمة والمشاركة الحقيقية في ادارة البلاد، بعيدا عن اي ممارسات استعلائية وطائفية لا تجلب سوى الدمار والخراب للبحرين واهلها.

• شفقنا

208-4