بأي حق وتحت اي اسلام يذبح هذا الطفل الفلسطيني؟

بأي حق وتحت اي اسلام يذبح هذا الطفل الفلسطيني؟
الأربعاء ٢٠ يوليو ٢٠١٦ - ٠٥:٤٠ بتوقيت غرينتش

تداول ملايين من رواد وسائل التواصل الاجتماعي شريط فيديو يقدم فيه مجموعة من المسلحين على اعدام طفل في الثالثة عشرة من عمره “ذبحا” بسكين صغير، وهو يبكي طالبا الرحمة، وسط تشفي المسلحين وتعهدهم بذبح كل من هو مثله، في منطقة حندرات الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية.

توقع الكثيرون، ونحن منهم في صحيفة راي اليوم”، ان يكون هذا “الفيديو” مفبركا، والهدف من فبركته هو تشويه صورة المعارضة “المعتدلة” المدعومة اميركيا وعربيا، ولهذا لم نتناول التعليق عليه في حينه، ومعنا العذر، لان سوريا تعيش حالة حرب، وهناك مئات الفصائل واعمال القتل للمدنيين وغيرهم، باتت مشهدا يوميا فيها.

حركة نور الدين زنكي "المعتدلة" المدعومة من الولايات المتحدة، وتتركز في منطقة حلب، اعترفت بأن منفذي هذه الجريمة يتبعون لها، واستنكرت عملية الذبح هذه وادانتها، وقالت انها عمل فردي، وستقدم جميع المتورطين الى المحاكمة!

ويتهم انصار المعارضة وفصائلها، ووسائل الاعلام والفضائيات الداعمة لها، الحكومة السورية بارتكاب اعمال قتل، لكن اي شخص يتحدث ولو بصورة موضوعية عن جرائم، واعمال قتل ترتكبها فصائل المعارضة المسلحة على غرار تلك المذكورة آنفا يواجه بحملات تخوين وتأييد الحكومة السورية، فهذه المعارضة في نظر هؤلاء واعلامهم منزهة من اي شائبة اجرامية، وفوق كل الشبهات!!.

منظمة العفو الدولية اصدرت تقريرا قبل اشهر، اتهمت فيه خمسة من فصائل المعارضة السورية بارتكاب انتهاكات لحقوق الانسان، ترتقي الى “جرائم حرب”، وسمت حركة نور الدين زنكي و”جبهة النصرة” بأنها من بينها.

اعدام طفل بهذه الطريقة الدموية البشعة صادمة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وخطورتها ان من اقدم على ارتكابها فصيل ينتمي الى معارضة توصف بأنها "معتدلة"، وتحظى بدعم الولايات المتحدة، "زعيمة العالم الحر"، ورعايتها!

اعدامات داعش تتواضع امام هذه الجريمة، فحتى هذه اللحظة لم تقدم على اعدام اطفال، وهذا لا يعني انها حمل وديع، فاعداماتها ذبحا لمعارضيها، وجنود الحكومة السورية الرهائن، واحراقها الطيار الاردني معاذ الكساسبة، تدخل كتب الارقام القياسية في البشاعة والوحشية، ولكن هناك فارقا اساسيا، ان هذا التنظيم "لا تُدعم من قبل قوى العالم الحر" التي تتدخل عسكريا في سوريا، وتشكل وتسلح وتدرب فصائل مسلحة، هي وانصارها العرب، باسم الديمقراطية، واحترام حقوق الانسان، والعدالة الاجتماعية!

نور الدين زنكي، الذي تحمل الحركة التي ارتكب عناصرها هذا الاعدام البشع، ينتمي الى اسرة الناصر صلاح الدين الذي حرر القدس، وهزم الصليبيين، ودخل كتب التاريخ بشقيها المدني والعسكري، كقائد تعامل بكل انسانية مع اسرى الحرب، واكرم وفادتهم، وحفظ ارواحهم وكرامتهم، وخرجوا من اسرهم يلهجون بمدحه وانسانيته ورقي اخلاقه، ولا نعتقد ان عناصر هذه الحركة الذين نفذوا اعدامهم البشع في طفل قاصر يعرفون من هو صلاح الدين، ومن هو نور الدين زنكي، وكل ما يعرفونه هو القتل والذبح والانتقام الدموي الهمجي.

لا يهمنا ان يكون هذا الطفل سوريا او فلسطينيا، او عراقيا، فهو بالنسبة الينا طفل تعرض للذبح بطريقة وحشية، بتهمة القتال مع الطرف الآخر.

رحم الله هذا الطفل البريء، الذي لم تحرك طفولته وتوسلاته اي مشاعر انسانية لدى القتلة مصاصي الدماء، الذين اعدموه بتلذذ مرددين كلمة “الله اكبر”.

ليست هذه هي اخلاق الاسلام السمحاء، ولا تعاليم وارث الرسول محمد صلى الله عليه (آله) وسلم، وتوصياته للمؤمنين من ابناء امته في السمو والاخلاق الحميدة، ومعاملة الاسرى، بل والحيوانات ايضا.

هؤلاء لا علاقة لهم بالانسانية ولا بالعقيدة الاسلامية، وهم ليسوا منا ولسنا منهم، هؤلاء وحوش قتلة، بلا قلب، ولا ضمير، ولا انسانية.

راي اليوم

106-3