الصراري؛ نموذج مستقبل اليمن السعودي

الصراري؛ نموذج مستقبل اليمن السعودي
الخميس ٢٨ يوليو ٢٠١٦ - ٠٤:٤١ بتوقيت غرينتش

بالامس شهدنا محرقة بشرية في بلدة الصراري في تعز اليمنية، لمن لم يتابع فان الجماعات التكفيرية التابعة لمملكة ال سعود، ولمن يدعي انه رئيس اليمن عبد ربه منصور هادي، وحلفاؤه من حزب الاصلاح، حاصرت هذه البلدة الصغيرة بعدد سكانها القليل، وانقضت كالوحوش الكاشرة، عليها وعلى اطفالها ونسائها، وامعنت فيهم حرقا وذبحا وقتلا وتنكيلا وتدميرا وحرقا للمساجد والمنازل، ونبشا لقبر احد علماء الصوفية الشيخ جمال الدين المتوفى قبل نحو 450 وسنة، وحرق رفاته، واختطافا لمن تبقى من الاهالي دون معرفة مصيرهم، وذنب هؤلاء فقط ان طائفتهم هي الشافعية والصوفية ومذهب اهل البيت (ع).

في القانون الدولي هي جريمة حرب وحرب ابادة، يتحمل مسؤوليتها بشكل مباشر المنفذون ومن يغطيهم من التحالف الامريكي السعودي، ومن يلحق بهما. وفي الدين لا نجد توصيفا، لان المجزرة افظع من ان يتقبلها لا دين سماوي ولا دين وضعي. حتى ان عبدة الاوثان لم يفعلوا هكذا جريمة مشينة تشكل وصمة عار ليس على جبين مرتكبيها فحسب، بل على جبين المجتمع البشري المعاصر، الذي يدعي التحضر والتمدن وحقوق الانسان والديموقراطية.
ورغم مرور يومين على المذبحة والابادة، فاننا لم نسمع صوتا دوليا منددا او مستنكرا، لا من الولايات المتحدة الامريكية راعية التحالف العدواني على اليمن، ولا من اي دولة اخرى (باستثناء ايران) ولا من مجلس الامن الدولي ولا الامم المتحدة، ولا المنظمات الحقوقية الدولية.. الخ.
لو كانت المذبحة حصلة في اي دولة غربية، او في الكيان الصهيوني، لكانت الامم قامت ولم تقعد، ولكان العالم تحدث عن هولوكوست جديدة (بغض النظر عن موقفنا من الهولوكست)، ولكان المجتمع المتحضر هب دفاعا عن الحقوق البشرية، ولانتفضت المحكمة الجنائية الدولية.. ولاستنفرت مطارات العالم الغربي المتمدن الحربية، للثأر من مجرمي حقوق الانسان، ولكان طالما ان اطفال الصراري ونسائها وشيوخها، من الفقراء والمساكين، ومن البسطاء والطيبين، ولان ليسوا ممن يتكلمون الانكليزية ولا الفرنسية، فهم من غير سنخ البشر، وحرقهم وذبحهم لا يعني هؤلاء، ولا يهز ضميرا ولا يحرك عاطفة، ولا يحرك محكمة دولية لملاحقة المرتكبين واحقاق والحق والعدالة الاجتماعية بين البشر...
فالمؤسسات العدلية والحقوقية الدولية لم تنشأ، لاجل الفقراء والضعفاء، هي انشأت من اجل الاغنياء والاقوياء، ولتحويل الباطل الى حق والحق الى باطل.
اذا كان الامر يتعلق بقضية بين الكبار والصغار...  والديمقراطية عند المتحكمون في الغرب تصبح القضية مزاجية استنسابية تتحكم بها الظروف والعلاقات الدولية ..
صحيح ان داعش والنصرة والقاعدة والتكفيريون اليوم، هم ليسوا في فئة الكبار، بل هم في فئة الادوات والمرتزقة المنفذين لارادة الاغنياء الاقوياء في بلاد الفقراء والضعفاء، ويديرهم كبيرهم الذي علمهم السحر(السعودية)، وبدل ان ينالوا من مغتصبي حقوق العرب والمسلمين في فلسطين، يتفننون في عمليات الانتقام من العرب و المسلمين، فيبدعون في اشكال الاعدام والاحراق والذبح وتدمير البلاد والاثار والتاريخ والحضارة.
بكل الاحوال، ما حصل في الصراري، هو نفسه الذي حصل من مجازر وابادات طائفية ومذهبية، قام بها التحالف السعودي الامريكي في سوريا والعراق واليمن وغيرها.
ومن ينتظر في بلادنا، ان يتغير الموقف الغربي او الدولي من اجل الدفاع عن حقوقه وحقوق شعبه، هو ليس مشتبه، بل غبي، ومن كان ينتظر ان يسترد الحق بغير القوة بانواعها، فهو احمق، ومن كان ينتظر ان يكون مستقبل بلاده زاهرا في ظل هكذا واقع دولي وعربي، فهو ابله.
المستقبل المطلوب لبلادنا، يا سادة، هو المستقبل الاسود، مستقبل التكفير والجهل والتجهيل الاعمى. من ارتكب مجزرة وابادة الصراري، هو الذي يدعمه الغرب والسعودية، ليكون رئيسا  لليمن، وحاكما بأمره فيها. والسياسية التي سيمارسها ان وصل الى السلطة، هي سياسية التجزير والابادة والتجهيل، لا سياسة الديمقراطية والتنمية الاقتصادية والحضارية والتقدم التكنولوجي..
المستقبل الذي ينتظر بلادنا على يد هذه الزمرة التكفيرية الارهابية، هو مستقبل الحروب الطائفية والمذهبية والدماء واغتصاب الحقوق والعدالة الظالمة الجائرة والنفي والابادات.
المستقبل عند هؤلاء هو ان تزج المراة (التي اوكل اليها المجتمع صنع الرجال والمستقبل) في المنزل دون ان يحق لها ان تتعلم او تخرج من المنزل، والام الجاهلة تخرج مجتمعا اميا جاهلا، يقوده الاخرون، ويتحكم في عقله المتعلمون.
و على اليمنيين، بجميع فئاتهم وشرائحهم وطوائفهم ومذاهبهم، ان يعرفوا انه ان وصلت هذه الزمرة الى السلطة، سوف لن ترحم حتى الذين يوالونها ويحتضنونها ويقاتلون معها ويقدمون اولادهم وقودا لحربها وفتنتها اليوم. والنموذج موجود.. اسالوا اهل الرقة في سوريا، واهل الموصل في العراق، بل لا تذهبوا بعيدا، اسالوا اهل عدن وحضرموت والمكلا وغيرها في اليمن عندكم، وأسالوا كل منطقة سيطرت عليها هذه الجماعات التكفيرية التي ابتكرت انتهاك الاعراض وحللت ما حرم الله، وشوهت مفاهيم الاسلام الحنيف، ودمرت ما انجزه النبي محمد(ص) والمسلمون السابقون خلال اكثر من 1400 سنة، لتقدم (الاسلام) بصورة هي اسوأ مما كانت عليه الجاهلية الاولى...
من يريد ان يرى مستقبل اليمن مع هذه الزمرة.. فهو مستقبل اسود دام موغل في الجهل والتجهيل والدماء، ديموقراطيته الموعودة من السعودية، كديموقراطيتها تماما، قائمة على دكتاتورية السلطة واثارة الفتن بين العرب والمسلمين وطوائفهم ومذاهبهم، ومصادرة الحقوق وحرية الرأي والتعبير، ومن يخالف، فمكانه ليس في السجن، بل في عداد المسحوقين في الابادات والمجازر...  فمن يريد هذا المستقبل لليمن وغيرها، فليقف مع هذه الزمرة، زمرة ابي جهل وابي لهب..

* حكم امهز