2 آب.. والدرس الذي لم يتعلمه الكويتيون

2 آب.. والدرس الذي لم يتعلمه الكويتيون
الثلاثاء ٠٢ أغسطس ٢٠١٦ - ٠٥:٢٥ بتوقيت غرينتش

في الثاني من آب/ اغسطس 1990 كانت الكويت على موعد مع ما زرعته سياساتها الذيلية وتبعيتها لأميركا والغرب خلال عقد مضى.. ففي ساعات فرّ آل الصباح من قصورهم الى الطائف واصبح الكويتيون والقوات العراقية تمسك بتلابيب مدنهم وتقيم الحواجز على طرقاتهم.. فتعتقل وتهين من تريد!

كان ذلك هو الجزاء الالهي لحكومة الكويت وشعبها الذين أمدوا العدوان الصدامي على ايران خلال ثماني سنوات بأكثر من 74 مليار دولار (14 منها منحة و60 قروض لشراء السلاح)، وفق قاعدة وسنّة ربّانية "الظالم سيفي انتقم به وانتقم منه"، ان صح الحديث القدسي!
والكويت اليوم تفتح بوجه العراق النازف ملف مفقوديها على يد صدام، الذي كانت جوقات الطبالين الكويتيين تغني له وتلهج بذكره، وفي مقدمة هؤلاء أحمد عبدالعزيز الجارالله وسعاد الصباح.. ولازلت أذكر القصيدة التي أنشدتها في المربد والتي كررها التلفيزيون العراقي مراراً وتكراراً:

" مزاجي أن أتزوج سيفاً
وأن أتزوج مليون نخلة!
وأن أتزوج مليون دجلة
...
وليلة عرسي هي القادسية!"

وتضيف شاعرة البيت الأميري:
" أنا امرأة قررت أن تحب العراق
وقائد العراق
لماذا العراق؟
ولماذا قائد العراق؟
لماذا الهوى كله للعراق وقائده؟!
لماذا جميع القصائد تذهب "فدوى" لوجه العراق وقائده؟!"

ونسيت الكويت الألوف من العراقيين الذين سلمتهم الى نظام صدام، من الذين فرّوا من بطش الجلاد البعثي المجرم في مطلع الثمانينات والذين تحولوا بفرامات اللحم المستوردة باموال الجارة الأميرية الى قطع صغيرة تناثرة في دجلة وأنهار من الدماء التي وصلت مع شط العرب (أروند) الى سواحل الكويت، يتلذذ بها بطل القادسية وزبانيته على وقع الرقصات الخليجية ومهرجانات المجهود الحربي الكويتية منها على وجه الخصوص!

ونسيت الكويت وهي ترقص لقتلى القادسية المجيدة وحارس البوابة الشرقية لعملاء أميركا وأذنابها، نسيت الدماء التي سالت من الشعبين الايراني والعراقي بأموال الكويت وشقيقاتها في الأثم والخيانة، لمجرد ان أوامر السيد الأميركي في محاربة الثورة الإسلامية ودعم المقبور صدام مطاعة!

لا أريد هنا أن أنكأ جراح التاريخ الكويتي، لكن من حقي وحق الجميع أن يسألوا: هل أعتبر الكويتيون من ذلك؟

هل اعتبر الاماراتيون والقطريون والسعوديون بما حلّ من هوان وذلّ بامراء آل الصباح وشقيقتهم الكويت خلال سبعة شهور - من مطلع آب 1990 حتى بداية آذار 1991 - من احتلال على يد "فارس الأمة العربية" صدام، كما كانوا يطبلون له؟!

هل اعتبروا؟
بكل تأكيد سيصرخ جميع من عاش تلك الحقبة التاريخية وعايش احداثها، لا.. بل لايزالون في طغيانهم يعمهون!
فالكويت كانت أكثر الدول المشتركة في سياسة الإنتقام من الشعب العراقي وتجويع شعبه وتدمير حضارته ومصادرة أراضيه وسواحله، منذ خيمة صفوان 1991 حتى سقوط النظام العفلقي في 2003، بحجة الإنتقام من النظام!

ولا يخفى على أحد دور الكويت في احتلال العراق وفي العبث بأمنه وخاصة البصرة بعد 2003 (وفق مصادر عراقية).. وهكذا فعلت السعودية وقطر والإمارات، حتى نظام آل خليفة الهزيل، من الذين اصبحوا موطناً وملجأً للبعثيين الصداميين المجرمين، يمولون عملياتهم الإرهابية والاجرامية ضد شعب العراق الذي برّ لهم واعدم من استباحهم وهدد أنظمتهم المتخلفة.. ناهيك عن دعمهم للمجموعات التكفيرية الإرهابية التي أخذت تحصد ارواح العراقيين بسياراتها المفخخة وأحزمة انتحارييها وسكاكين الذبح والسواطير.. وكلها بأموال الخليجيين وفتاوى مبشريهم الوهابيين.

ونسوا حلم الإيرانيين بحقهم والإعتذارات التي قدموها للقيادة والشعب الايراني الذي لم يتعامل معهم بروح الثأر والإنتقام فشاركوا بكل المؤامرات الاميركية والبريطانية التي تلت احتلال العراق.. في وقت فتح الإيرانيون أرضهم وذراعيهم لهم وهم فارين من جيش صدام.

وعندما ثار أشقائهم البحرينيون على نظامهم الفاسد، شاركوا جميعهم في قمع الشيعة، اي الأغلبية المطلقة التي تواجه الأقلية الدخيلة الممسكة بالحكم هناك، شاركوا بروح طائفية مقيتة، وأرسلوا جيوشهم وأدوات قمعهم، بل ان الكويت قامت بإسكات أصوات أحرارها الذين دافعوا عن حق الشعب البحريني في الحياة، فحكمت على النائب حميد دشتي بالسجن 14 عاما لأنه انتقد حكومة آل خليفة المجرمة وجيش الاحتلال السعودي للبحرين.. بينما لم نرها تحرك ساكناً ضد المجرم وليد طبطبائي والمتفاخر بنحر ذرية رسول الله (ص) شافي العجمي القذر والعشرات من نفايات السلفيين الكويتيين!

أما في الحرب الإرهابية المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات على سوريا المقاومة، فكان للأموال الكويتية الدور الأكبر وحتى أكثر من باقي شقيقات الشرّ الخليجيات، في دعم الإرهابيين والتكفيريين (حسب تقارير اعلامية غربية) حتى شارك بعض نوابها وناشطوها الارهابيين أعمالهم العدوانية القذرة...
كما كانت الكويت أحد الدول المشاركة في العدوان السعودي - الأميركي على اليمن، وفي قتل نساءه وأطفاله وحصار شعبه وتجويعه الى جانب عبدة الصنم الأميركي الآخرين.. بحجة التمدد الفارسي ونصف أهل الكويت من أصول ايرانية.. من العوضية والبلوش والاشكنانية والأربش والبوشهرية والديلم والعيمية والبهبهانية والدشتية و... الخ!

ان السنّة الالهية والناموس الكونيّ واحد على مرّ العصور والأزمان، لا يخطئ أمةً ولا يستثني شعباً أو قبيلةً، والقصص القرآني الذي يملأ صفحات المصحف الشريف لم يأت اعتباطاً أو للتسلية، بل إن كثرته تدّل على أهميته وجدّية في التعامل مع الظواهر الأنسانية والإنحرافات السلوكية والفكرية.. وكما يقال "يمهل ولا يهمل"، فالذين استثمروا أموالهم في الأجرام الصدامي من قبل، إرتدّ عليهم بالغزو بعد حين، وأصبح "حارس البوابة الشرقية"، "سيف العرب" الذي ذبح إمارتهم ودولتهم الصغيرة.. هؤلاء أنفسهم يستثمرون أموالهم اليوم في الإرهاب والعدوان والقتل الطائفي و"من يزرع الريح يحصد العاصفة"...
 

من هنا هذه الأنظمة والبلدان الخليجية ستكون على موعد مع الإرهاب التكفيري، مع أصحاب الزي الأفغاني والجدائل واللحى القذرة التي شحذ الخليجيون سيوفها وحدّوا سكاكينها بالفتاوى لقتل الناس في العراق وسوريا وغيرها من حواضر العرب والمسلمين، ودعموها بالمال والمؤتمرات والمؤامرات خدمة لأمن "إسرائيل" وتزلفاً من قلب سيدتهم أميركا.

هذا هو الدرس الذي لم يتعلمه الكويتيون (وسائر الخليجيين) من غزوة 2 اغسطس/ آب 1990 الصدامية... وما ربك بظلام للعبيد.

• بقلم: علاء الرضائي

208-4