"العالم" تفتح ملف روابط القرى

ليبرمان يحاول احياء خطة العصا والجزرة

ليبرمان يحاول احياء خطة العصا والجزرة
الأحد ٢١ أغسطس ٢٠١٦ - ٠٨:٥٨ بتوقيت غرينتش

کشف فارس الصرفندي مراسل قناة العالم في الضفة الغربیة، ان افيغدور ليبرمان، يحاول احياء خطة العصا والجزرة من خلال طرح ملف روابط القری.

حكاية روابط القرى من البداية الى النهاية

في العام ١٩٧٦ بدات تل ابيب تفكر بشكل جدي حول انشاء قيادة فلسطينية بديلة لمنظمة التحرير يتم اختيارها من الضفة العربية وقطاع غزة لكن كان الاصطدام دوما بشكل الهيئة الفلسطينية التي ستمثل الفلسطينيين في الضفة وستكون بديلا عن المنظمة.
الحاكم العسكري لمدينة الخليل في ذاك الوقت كان يدعى يغال كرمون واقترح ان يتم انشاء هيئة تسمى (رابطة القرى) لكل مدينة فلسطينية في الضفة ويكون دورها المعلن تقديم الدعم للمزارعين الفلسطينيين وتنظيم عملهم وحل الخلافات بين المزارعين. اما الهدف الحقيقي فكان وضع مجموعة من العملاء على راس هذه الروابط القروية ليشكلوا قيادة بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية.
في العام ١٩٧٨ تم الاعلان عن انشاء اول رابطة للقرى وكانت (رابطة قرى الخليل) وترأسها شخص يدعى مصطفى دودين وكان وزيرا في احدى الحكومات الاردنية قبل ان يعود الى مدينة الخليل.

المفاجأة للاحتلال كانت احجام الفلسطينيين الكبير عن هذه الرابطة ورفضهم التعامل معها مما حدا بحكومة الاحتلال الى استخدام الترهيب والترغيب مع المواطنيين الفلسطنيين فمن تقديم المساعدات والتسهيلات للقرى المتعاونة مع الرابطة الى منع التسهيلات واعاقة المشاريع للقرى الرافضة للتعاون معها.
في العام ١٩٨٠ حاول الاحتلال عبر الادارة المدنية توسيع التجربة رغم فشلها فقام بانشاء رابطة قرى مدينة رام الله والتي ترأسها يوسف الخطيب مختار قرية بلعين الى الغرب من رام الله، بعد عام تقريبا تم اغتيال الرجل مما دفع الاحتلال الى تسليح موظفي ومسؤولي روابط القرى والذين تحولوا الى شبه هيئة حاكمة، اصبحوا يتحركون بسيارات عسكرية اسرائيلية ويملكون ادوات اتصال عسكرية تابعه للجيش الاسرائيلي.
الشارع الفلسطيني الذي رفض فكرة الروابط انتقل الى التصعيد معها والاشتباك في بعض الاحيان ووصم كل من قبل بالتعامل مع هذه الروابط بالعمالة ل"اسرائيل" وبالحقيقة كان للاردن دورا مهما في انهاء هذه الروابط بالاضافة الى الدور التوعوي والنضالي الذي قامت به الفصائل الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير.
في ٩-٣-١٩٨٢ اصدر رئيس الوزراء الاردني بوصفه الحاكم العسكري للضفة (والتي كانت تعتبر جزءا من المملكة الاردنية حتى فك الارتباط في العام ١٩٨٨) مرسوما يوضح الدور المنوط بروابط القرى وعلاقتها مع الاحتلال واعطى مهلة شهر لاعضاء الروابط والا سيطبق عليهم حكم المتعاملين مع العدو الامر الذي جعل هؤلاء يعلنون الانسحاب لتنتهي قضية روابط القرى وتصبح جزءا من ذاكرة فلسطينية.

الجزرة والعصا بين الامس واليوم

افيغدور ليبرمان


منذ ايام والحديث في الاعلام الفلسطيني والاعلام الاسرائيلي يدور حول خطة العصا والجزرة التي اعلن عنها وزير الحرب الاسرائيلي افيغدور ليبرمان والتي تقوم على منح تسهيلات للمناطق الفلسطينية التي تقبل بالتعايش مع الاسرائيليين ومعاقبة المناطق الفلسطينية التي تقاوم الاحتلال الاسرائيلي عبر عملية تصنيف للفلسطينييين بين منتمي لحماس او السلطة الفلسطينية وبين فلسطيني (صالح) -بالنسبة لليبرمان- لا ينتمي لتنظيم ويقبل بان يتعايش مع الاحتلال.
ليبرمان اعلن انه سيتحدث مباشرة الى الفلسطينيين مقارنة بقيام رئيس السلطة الفلسطينية بالحديث مع الاسرائيليين دون الحصول على اذن مسبق من حكومة الاحتلال، ليبرمان اعلن انه ومن خلال الادارة المدنية سيعمل على التواصل مع الفلسطنيين وخاصة رجال الاعمال والاقتصاديين ويبدو ان هؤلاء بالنسبة لليبرمان او هكذا يعتقد هم الاكثر قبولا لانهم يخافون على مصالحهم التي ترتبط اما بشكل مباشر مع الاحتلال او بشكل غير مباشر.
خطة ليبرمان بدات من خلال الاعلام فالرجل سيدشن موقعا الكترونيا موجها للفلسطينيين في الضفة الغربية والغريب ان روابط القرى حين بدأت تم انشاء صحيفة ورقيه لها حملت عنوان (ام القرى).
المهم ان ليبرمان عبر خطته يتبع ذات الاسلوب الذي اتبعته تل ابيب في قضية روابط القرى، فبينما استخدمت اسلوب العصا والجزره مع القرى التي تتعاون مع العملاء والتي ترفض التعاون تسعى اليوم لفرض ذات السياسة بشكل جديد، فالمناطق التي ستقاوم الاحتلال ستحصل على عقوبات تتمثل بهدم المنازل والمداهمات والاعتقالات ومصادرة الاراضي، بينما ستنعم المناطق الهادئة بفتح طرق مغلقة ومنح تصاريح للعمل في الداخل الفلسطيني وغير ذلك.
اما الهدف الذي يريد ليبرمان الوصول له فهو ذات الهدف القائم على استبعاد القيادة الفلسطينية ومحاولة خلق قيادة جديدة تتماهى مع المخططات الاسرائيلية وتقبل بما ترفضه منظمة التحرير الفلسطينية لاسيما في الحل الاقتصادي الذي يروج له نتنياهو منذ سنوات ولا يجد من الفلسطينيين من يقبله.
وبالعودة الى ما يريده ليبرمان من حديث مباشر مع الفلسطينيين فعلى الرغم من ان الرجل اعلن انه لا يريد صناعة ملوك للفلسطينيين او زعماء الا انه لن يجد فلسطينيا سواء أكان من سكان الضفة الغربية او القدس مستعدا للتواصل او الحديث معه سواء بشكل مباشر ام غير مباشر وعليه فان خطته التي يحاول تسويقها وبعض الاعلام العربي الى جانبه لن تجد اذانا صاغية لها في الضفة الغربية والقدس والدليل ان جذوة الانتفاضة الفلسطينية تنتقل من مكان لاخر حاملة الرفض الفلسطيني للاحتلال والاستعداد الشعبي الفلسطيني للمقاومة.. لكن ذلك لا يعني اغفال خطورة الطرح الاسرائيلي الجديد وخاصة من السلطة الفلسطينيه التي يرى ليبرمان ضرورة تغيرها او اقصاءها.

ليبرمان تسويق الداخل الاسرائيلي واوهام يكشف زيفها الفلسطينييون

 

عصمت منصور خبير بالشان الاسرائيلي

الشارع الفلسطيني لم يلق بالا لخطة ليبرمان لانه يرى الرجل نسخة سيئة لقادة الاحتلال السابقين وبان ما يطرحه ليس سوى اوهام يدرك الفلسطينييون زيفها وبان ما يتشدق به الرجل هو للاستهلاك الداخلي الاسرائيلي كمحاولة لاظهار نفسه بأنه المميز في وزارة الحرب من بين من جلسوا في مكانه سابقا.
حركة فتح نددت بشدة بالخطة التي أعلنها وزير الدفاع الإسرائيلي افيغدور ليبرمان لعزل السلطة الفلسطينية والتعامل مباشرة مع الجمهور الفلسطيني، واعتبرتها تكراراً إسرائيلياً لتجربة «روابط القرى» مطلع الثمانينات.
قيادة فتح رأت أن "إسرائيل" تحاول إيجاد قيادة بديلة للسلطة الفلسطينية، بعد رفضها قبول العروض الإسرائيلية، مماثلة لمشروع «روابط القرى» الذي هدف الى ايجاد قيادة بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية.
من جانبه الخبير بالشان الاسرائيلي عصمت منصور يرى بان مشروع ليبرمان الجديد القديم هو دليل على ان عملية التسوية بالنسبة للاحتلال لم تعد قائمة وان الكيان الاسرائيلي بات يبحث عن حلول احادية الجانب الهدف منها بالاضافة الى ان نتنياهو وليبرمان يظنون ان الواقع الفلسطيني المنقسم على ذاته والواقع الاقليمي المتخبط يساعدهم في تنفيذ هذه الافكار والتي هي افكار عنصرية لانها تشرع العقاب الجماعي، تشرع الجرائم التي يرتكبها الاحتلال. منصور يرى ان ما جاء على لسان ليبرمان هو جزء من الضغط على السلطة الفلسطينية وعلى الرئيس الفلسطيني كي يقبل بالمشروع الاسرائيلي كما تريده تل ابيب.
 

 

عصام بكر منسق القوى الوطنية والفلسطينية

منسق القوى الوطنية والفلسطينية عصام بكر يرى بأن فكرة العصا والجزرة واحياء روابط القرى من قبل ليبرمان هي سياسة جديدة قديمه وتدل على افلاس من قبل حكومة نتنياهو وهي تأتي ايضا ضمن حالة فلسطينية مرتبكة ومتشرذمة بالاضافة الى ان واقع السلطة الضعيف والمتهلهل قد يوحي لليبرمان ونتنياهو بأن الوقت مواتي لاقامة حالة مشابهة بروابط القرى التي جاءت في بداية الثمانينيات من القرن الماضي والتي تزامنت مع خروج المقاومه الفلسطينية من لبنان وبعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع مصر.
بكر، يرى ان الانتخابات البلدية المقبله هي الفرصة الاكبر للرد على مشروع بنيامين نتنياهو وليبرمان والقائم على خلق هيئات محلية خدماتية تقوم مقام السلطة والدولة الفلسطينية وتمهد لمشروع عزل الضفة في كانتونات ومعازل.
ويشير بكر هنا الى ان الانتخابات المحلية وان كانت خدماتية لكنها يجب ان تفرز قوائم وطنية قادرة على افشال المخططات الاسرائيلية.
وفي كل حال من الاحوال وبالعودة الى التاريخ الفلسطيني فان دولة الاحتلال لم تألو جهدا في البحث عن مشاريع هدفها انهاء كينونة الشعب الفلسطيني واجهاض حلمه بالدولة والاستقلال لكن كانت دائما هذه المشاريع تفشلها مقاومة الشعب الفلسطيني وقدرته على الصمود ورفضه الخنوع والركوع .

* فارس الصرفندي - مراسل قناة العالم في الضفة الغربية